التحقت الجزائر، اعتبارا من هذا الفاتح جانفي الجاري، بمجلس الأمن الأممي بصفتها عضوا غير دائم للفترة 2024- 2025، بعد حصولها على ثقة 193 دولة خلال العملية الانتخابية التي شهدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 06 جوان 2023، حيث صوت 184 بلدا من أصل 193 (95٪ من الأصوات) بـ»نعم» لانتخاب الجزائر عضوا غير دائم في مجلس الأمن، لتبدأ عهدتها هذا الفاتح من جانفي الجاري وتستمر إلى غاية 31 ديسمبر 2025، إلى جانب سيراليون، كوريا الجنوبية، غويانا وسلوفينيا.
تكرس الجزائر عهدتها بمجلس الأمن، كما أكد مرارا رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، لإعلاء صوت إفريقيا في هذا الجهاز المركزي للأمم المتحدة. ومن أولويات الجزائر ضمن الجهاز الرئيسي للأمم المتحدة، تعزيز التسويات السلمية للأزمات، وتوطيد الشراكات، ودعم دور المنظمات الإقليمية، وترقية مكانة المرأة والشباب في عمليات السلام، وتعزيز فعالية النضال الدولي ضد الإرهاب.
وفيما يتعلق بدول الاتحاد الإفريقي، فستعمل الجزائر على تفعيل طلب زيادة عدد مقاعد الدول الإفريقية غير الدائمة ضمن هذه الهيئة، برفعه من 3 إلى 5، وفقا لما ورد في «توافق إيزولويني» و»إعلان سرت».
وستساهم الجزائر داخل مجلس الأمن، في توحيد صوت إفريقيا من أجل مناصرة أفضل لقضايا القارة ذات الأولوية وتطلعاتها المشروعة. وقد أكد رئيس الجمهورية على ذلك في العديد من المناسبات هذه السنة، سيما في اجتماع لجنة العشرة للاتحاد الإفريقي المعنية بإصلاح مجلس الأمن الأممي، المنعقد في فبراير الماضي بأديس أبابا، حيث قال: «سنواصل العمل دون هوادة من أجل إعلاء صوت القارة ومطالبها المشروعة ولمعالجة الظلم التاريخي الذي تعرضت له قارتنا الإفريقية».
إصلاح مجلس الأمن
وستدعو الجزائر خلال ولايتها في مجلس الأمن، إلى إصلاح هذا الجهاز، وهي عملية تعتبر ضرورية لإقامة نظام دولي أكثر تمثيلا وعدلا وتوازنا.
إن السياق الدولي الحالي، الذي يتسم بالأزمات المتعددة والتغيرات الجيو-سياسية، فضلا عن التهديدات متعددة الأبعاد والأوجه التي تواجهها القارة الافريقية، مثل الإرهاب والحروب وتغير المناخ وأزمات الصحة والطاقة والغذاء، تؤكد أهمية هذا الإصلاح.
علاوة على ذلك، ستجدد الجزائر في نيويورك التزامها بالسلام، من خلال إعطاء الأولوية للحوار والحل السلمي للأزمات ومبدإ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بهدف مواصلة نهجها نحو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ودعم التعاون الدولي وتعزيز دور الأمم المتحدة، بما يقودها إلى تحمل مسؤولياتها تجاه الشعبين الفلسطيني والصحراوي.
من جهة أخرى، فإن انضمام الجزائر كعضو غير دائم في مجلس الأمن، يشكل فرصة للجامعة العربية باستعادة مكانتها على الساحة الدولية والقيام بدور قوي ومؤثر.
وبخصوص مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، ستعمل الجزائر لصالح تطلعات الشعوب العربية واستقرار المنطقة، وهي القضايا التي دافع عنها رئيس الجمهورية خلال القمة العربية بالجزائر في نوفمبر 2022.
ولقد تبوأت الجزائر مكانة متميزة بمجلس الأمن، وتعتبر هذه المرة الرابعة في التاريخ التي تشغل فيها الجزائر مقعدا غير دائم في مجلس الأمن، بعد العهدات: 1968-1969 و1988-1989 و2004-2005.
كانت أول عهدة للجزائر عام 1968، أي بعد ست سنوات من الاستقلال، واليوم وبعد حوالي ستة عقود، تعود الجزائر إلى هذا المجلس وفية لخطها الدبلوماسي المتوازن والمنتصر للقضايا العادلة وللمبادئ المؤسسة للأمم المتحدة وعلى رأسها حفظ وتعزيز السلم والأمن الدوليين، في كنف نظام دولي يكون أكثر عدلا وإنصافا يراعي تطلعات ومصالح كل الشعوب، دون انتقائية ولا استثناء.
إن الجزائر التي حظيت بثقة القارة الإفريقية، والمجموعة العربية وكذا الدول الإسلامية لتمثليها في مجلس الأمن الأممي، ستكون في مستوى هذه الثقة وستعمل دون هوادة من أجل الدفاع عن مصالح كل من أولاها الثقة، حيث ستعمل على إسماع صوت القارة الأفريقية والدول العربية، خاصة وأن القارة السمراء مازالت لم تستكمل مسار تصفية الاستعمار، حيث مازال ٱخر مستعمِر يجثم على صدرها في الصحراء الغربية.
القضية الفلسطينية.. أمّ القضايا
وهناك القضية الفلسطينية التي تراوح مكانها دون حل على مدار أكثر من سبعة عقود، تجرع الشعب الفلسطيني خلالها كل أصناف الإجرام والإبادة على يد الصهاينة الذين يواصلون تصفية الوجود الفلسطيني في صمت مطبق للمجتمع الدولي أمام ما يرتكبه الكيان المحتل من مجازر وجرائم في حق الأطفال والنساء..
تبدأ الجزائر ولايتها كعضو غير دائم في مجلس الأمن، حاملة آمال الشعوب الإفريقية والعربية، متحملة مسؤولياتها كشريك موثوق، من خلال طرح أفكار ومبادرات تهدف إلى تعزيز دور العمل متعدد الأطراف للحفاظ على السلم والأمن الدوليين.