توجت زيارة رئيس جمهورية سيراليون، جوليوس مادا بيو إلى الجزائر، خلال الفترة الممتدة من 2 إلى 4 جانفي الجاري، باصدار بيان مشترك.
أفادت رئاسة الجمهورية، في بيان، أن الزيارة سمحت بتبادل وجهات النظر بشأن عدد كبير من المواضيع ذات الاهتمام المشترك، في إطار روح من التشاور والتعاون والإرادة السياسية المشتركة لتعزيز علاقات الأخوة والتضامن التي تجمع الشعبين الجزائري والسيراليوني.
وأجرى رئيس سيراليون، جملة من المحادثات مع فخامة عبد المجيد تبون، كما قام بزيارة لمقام الشهيد والمتحف الوطني للمجاهد.
وذكر البيان، أن المحادثات تم إجراؤها في جو تسودُه الثقة والتفاهم المتبادل، حيث اغتنم الرئيسان هذه المناسبة من أجل إعلام بعضهما البعض بالتطوّرات السياسية في البلدين، لا سيما فيما يتعلّق بالمشاريع الإصلاحية وبرامج التنمية التي شَرَع فيها كلا الطرفين من أجل الاستجابة للتطلّعات الشرعية لشعبيهما.
واستعرض الرئيسان وضعية علاقات التعاون بين كلا البلدين الشقيقين في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما بحثا السُبل والوسائل الكفيلة بتعزيزها بشكل أكبر لما فيه صالح الشعبين، فضلا عن ذلك، تطرّقا إلى المسائل الإفريقية و الدولية الراهنة.
فيما يتّصل بالوضعية العامة في سيراليون، عرض الرئيس بيو تطوّر الوضعية الاجتماعية والسياسية والأمنية في البلاد الذي يتميّز بالإرساء التدريجي للأمن والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، لا سيما من خلال تنفيذ خطة التنمية الوطنية على المدى المتوسّط (MTNDP 2019-2023).
وأعرب الرئيس بيو عن بالغ تقديره لمساهمة الجزائر في استعادة السلم و تعزيز المصالحة الوطنية في سيراليون، بالتنسيق مع الرئاسة الطوغولية للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (CEDEAO)، وذلك تبعا للأزمة الداخلية الأليمة التي شهِدتها البلاد خلال الفترة من مارس 1991 إلى جانفي 2002.
وبخصوص بالمسائل الثنائية وبعد استعراض وضعية العلاقات الثنائية، أكد رئيسا الدولتين رغبتهما في القيام بكل ما بوسعهما لزيادة تعزيز التعاون بين الجزائر وسيراليون وتنويعه ليرتقي إلى مستوى الإمكانيات والفرص التي يمتلكها كلا البلدين.
وعلى الصعيد الاقتصادي، اتّفق رئيسا الدولتين على أهمية تعميق العلاقات الاقتصادية و التجارية وتبادل الخبرات وتنمية القدرات واستغلال الفرص التي يُتيحها اقتصادا البلدين في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك.
وتطرق البيان المشترك إلى مجال التعاون العسكري والأمني، أين أعرب الرئيسان عن رغبتهما في تعزيزه من أجل التصدّي للتحدّيات الأمنية المشتركة و مواجهة التهديدات متعّددة الأشكال التي تستهدف الأمن الإقليمي.
ووجّه رئيسا الدولتين تعليمات لوزيرَيهما المكلّفَينِ بالشؤون الخارجية من أجل تحديد أهداف تتعلّق بإعادة تفعيل آليات التعاون الثنائي، في أقرب الآجال، لا سيما اللجنة المشتركة و المشاورات السياسية، مع الإعراب عن ارتياحهما لاحتمال توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات التعاون الثنائي.
وعلى الصعيد الإقليمي والقاري والدولي، رحّب رئيسا الدولتين بتقارب مواقف و تحليلات كلا البلدين بشأن المسائل الرئيسية الإقليمية و الدولية ذات الاهتمام المشترك، مع التأكيد على دعمهما لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
واتّفق الرئيسان على تعزيز الحوار والتنسيق بين كلا البلدين، لا سيما لدى مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، في إطار بلدان A3 (الجزائر وسيراليون والموزمبيق)، من أجل الدفاع عن مصالح إفريقيا ومواقفها المشتركة.
وفيما يتعلّق بحفظ السلم والاستقرار على المستوى الإقليمي، أشاد الرئيس بيو بفعالية الإجراءات الدبلوماسية التي بادر بها و نفّذها الرئيس عبد المجيد تبون لصالح السلم و الأمن و الاستقرار والتنمية، على المستويين الإقليمي والقاري.
كما رحّب الرئيس بيو، بشكل خاص، بجهود الرئيس عبد المجيد تبون الرامية إلى البحث عن حلول سياسية إفريقية للأزمات في منطقة الساحل و كذا الرفض التام للتدخّلات الأجنبية و الخارجة عن القارة، بما في ذلك العسكرية.
وأكّد رئيسا الدولتين التزامهما بالعمل سويا لترقية السلم و الأمن والاستقرار في منطقة الساحل ، باعتبار الرئيس بيو أحد ممثلي المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، إلى جانب رئيس جمهورية الطوغو، في إطار مساعيها للتفاوض مع المجلس الوطني لحماية الوطن في النيجر (CNSP).
وجدد الرئيسان دعوتَهما لانتقال سلمي في البلدان الإفريقية التي تشهد أزمات دستورية، حسب البيان ذاته.
إضافة إلى ذلك، قاما بدعوة جميع الأطراف إلى اتّخاذ المزيد من الإجراءات المتضافرة بين الدول الأعضاء في مختلف المنظمات الإقليمية الإفريقية، من أجل تحقيق تقارب في العمل بغية التوصُّل إلى نتيجة إيجابية و بناءة للعمليات الديمقراطية الجارية في هذه البلدان.
في هذا الصدد، جدّد الرئيس عبد المجيد تبون التزامه بالعمل من أجل تحقيق السلم والأمن و الحوكمة الرشيدة في إفريقيا خلال عهدته المستقبلية كرئيس دوري لمنتدى رؤساء دول وحكومات الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء التابعة للاتحاد الإفريقي، اعتبارا من فيفري 2024.
وبالتطرّق للدور المركزي الذي يضطلع به الاتحاد الإفريقي على المستوى القاري، أكّد رئيسا الدولتين التزامهما بأهداف الاتحاد الإفريقي وببذل جهودهما من أجل ترقية السلم والأمن والاستقرار و التنمية في القارة على النحو الوارد في أجندة الاتحاد الإفريقي 2063.
وجدّدا دعمهما الكامل لجهود المنظمة القارية في البحث عن حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية.
بالنظر إلى الوضع في القارة، رحّب الرئيسان عبد المجيد تبون وجوليوس مادا بيو بالتقدّم المحرز فيما يتعلّق بتنفيذ منطقة التبادل الحرّ القارية الإفريقية (ZLECAf) الرامية إلى دمج الأسواق الإفريقية و المساهمة بشكل فعال في التحّول الاقتصادي في إفريقيا.
وعبر الرئيسان عن قلقهما بشأن استمرار بؤر التوتر في بعض مناطق القارة التي تؤثر بشكل سلبي على عملية التنمية والتكامل الاقتصادي، مع الترحيب بالدور الذي يضطلع به الاتحاد الإفريقي في تسوية النزاعات في إفريقيا.
إدانة قوية للإرهاب..
وجدّد رئيسا الدولتين إدانتهما الشديدة للإرهاب بجميع أشكاله وتجلّياته، واتفقا على بذل المزيد من الجهود في مجالات انتماءهما المشتركة بغية القضاء على هذه الآفة و صلاتها، بما في ذلك الراديكالية والتطرّف العنيف والجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار بالمخدرات.
إضافة إلى شبكات الاتجار بالبشر التي ما زالت تقوّض الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والتنمية في البلدان الإفريقية، كما شدّدا على ضرورة إقامة تعاون وثيق و منتظم بين البلدان المعنية.
وفيما فيما يتعلّق بمسألة الصحراء الغربية، أكّد رئيسا الدولتين على ضرورة استئناف أطرف النزاع للمفاوضات تحت إشراف الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، من أجل التوصّل إلى حل سياسي عادل و دائم، يُفضِي إلى تقرير شعب الصحراء الغربية لمصيره، وفقا للوائح ذات الصلة لمجلس الأمن والأهداف والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة و الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
كما أكّدا دعمهما لجهود الأمين العام للأمم المتحدة و مبعوثه الشخصي الرامية إلى التوصّل إلى تسوية سياسية عادلة و دائمة لهذا النزاع.
وأكدّ الرئيسان على دعمهما الراسخ لحقّ الشعب الفلسطيني الثابت في تقرير المصير وفي التوصّل إلى حلّ عادل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي يُقِّرُ بالحق المشروع للشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقّلة، على أساس حدود 1967 مع القدس كعاصمة لها، في إطار حل الدولتين، أكّدا على أن تسوية القضية الفلسطينية تبقى حجر الأساس لتحقيق السلم والأمن الدائمين في الشرق الأوسط.
وعلى الصعيد متعدّد الأطراف، أشاد الرئيس تبون بمجهودات الرئيس بيو كرئيس للجنة رؤساء الدول والحكومات العشر للاتحاد الإفريقي حول إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (C10)، دعا الرئيسان إلى القيام بإصلاح عميق لمنظمة الأمم المتحدة وجدّدا التزامهما بإجماع إزولويني وبمشاركة أكثر نشاطاً و أوسع نطاقاً للبلدان الإفريقية في عملية اتّخاذ القرار في هذه المنظمة.
ورحّب رئيسا الدولتين بجودة محادثاتهما والنتائج الايجابية المحقّقة خلال هذه الزيارة الرسمية، التي تُبرِز الإرادة الثابتة والمشتركة لزيادة تعزيز روابط التعاون القائمة بغية تنويعها وتمتينها.
وفي إطار التزامهما المشترك على تعزيز علاقات الأخوة والتضامن والتعاون بين الجزائر وسيراليون ، أعطى الرئيسان تعليماتهما للوزيرين المكلفين بالشؤون الخارجية للاستعداد لفتح سفارة في كل من فريتاون و الجزائر العاصمة ، في أقرب الآجال الممكنة.
وأعرب الرئيس جوليوس مادا بيو عن بالغ امتنانه لنظيره عبد المجيد تبون وللحكومة و للشعب الجزائري على الاستقبال الحار و الأخوي الذي حَظِّيَ به وعلى التسهيلات الممتازة المقدّمة له و للوفد المرافق له خلال إقامته بالجزائر.
ودعا جوليوس مادا الرئيس عبد المجيد تبون إلى القيام، في أقرب الآجال، بزيارة دولة إلى سيراليون في تاريخ يتم الاتفاق عليه معا، عبر القناة الدبلوماسية.