يجب الاعتراف أن حصيلة الحماية المدنية الأسبوعية الخاصة بحوادث المرور، صارت مرعبة للغاية، وأرقام الوفيات والإصابات التي تسجلها، تواصل إثارة لواعج الأحزان على أناس تزهق أرواحهم لأسباب تافهة، يحرّكها – في الغالب – متهوّرون يفرضون منطقهم على الطريق العمومي، ويحوّلونه إلى مضمار «فورمولا وان» دون أي إحساس بالمسؤولية.. فالأمر – كما هي العادة – يعلّق على مشجب (كل شي بالمكتوب)؛ لهذا لا نتعرض مطلقا إلى الأسباب المتكررة التي تنتهي إلى الفجائع المتكررة..
أما الطامة الكبرى في طرقاتنا العجائبية، فهي تتشكل من أولئك الذين يتصدّون لقيادة السيارات، ويبرهنون على أنهم لا يعرفون من قواعد السّير (حقّا ولا باطلا)، فترى الواحد منهم وهو يُقدم على التّجاوز وقتما يشاء، ويكتفي بـ(الغمّازة) – إن تكرّم وشغّلها – دون أن يرحم المرآة الجانبية بنظرة، حتى كأنّ صانع السيارة الذي وضع تلك «المرآة» الجانبية، قصد إلى التزيين فقط، وكثيرا ما يستعمل بعضهم السيارات دون أضواء خلفية، أو (يهيمنون) على المضامير اليسرى بسرعات ضيئلة للغاية، أو (يخيّطون الطريق)، ومصطلح (التخييط) هذا، من الأعاجيب المبتكرة التي يزهو بها بعض السائقين الذين يقودون بشكل متعرّج في الطرق المستقيمة!!
ولا شكّ أن من يسوق سيارة يكون حاصلا على شهادة سياقة، وهذه مقتضاها النجاح في اجتياز امتحانات (الكود – الكرينو – الكوندويت)، غير أن طبيعة السير في طرقاتنا، توحي بأن الواحد من الناس يمكن أن يكتفي بـ(الدفتر العائلي) أو (شهادة الميلاد)، أو حتى شهادة التمدرس كي يطلق العنان لـ(شوماخر) الذي يسكنه..
ولا ننكر الجهود المنيرة التي يبذلها حماة الأمن، لكن الواقع المعيش يفرض العودة إلى أصل المشكلة، وإعادة النظر في مناهج تدريس قانون المرور، فالأمر بلغ مستوى لا يطاق..