يحتلّ ملف السكن الأولوية في برنامج رئيس الجمهورية، ولعلّ من أهم الإنجازات المحقّقة، إعادة الاعتبار للحظيرة الوطنية للسكن، وتوسيعها وترقيتها، بعد أن نجحت البرامج المتعدّدة والمتنوّعة الموجّهة لمختلف الفئات الاجتماعية، في الإجلاء التدريجي لأزمة السكن، وامتصاص الطلب المتزايد، وفق رؤية استشرافية، ودعم مالي واسع من الدولة.
وجاء قرار تفعيل دور الصندوق الوطني للمعادلات الاجتماعية ليستكمل الخطوات الواثقة والأشواط المقطوعة في الجزائر الجديدة، ويرى الخبير الاقتصادي إبراهيم قندوزي أنّ سياسة تفعيل إنجاز السكنات الريفية تتضمّن رؤية تنموية حكيمة، ينتظر منها أن تحقّق الاستقرار للفلاحين وتشجّعهم على توسيع نشاطاتهم، وكذا تفعيل أداء منظومة الصناعة التقليدية الحامية للتقاليد العريقة والهوية الوطنية الأصيلة.
اعتبر الخبير الاقتصادي إبراهيم قندوزي، أنّ منظومة السكن تعزّزت مرة أخرى لتشمل توسيع نسيجها المناطق الريفية القادرة على لعب دور كبير في معركة التنمية، وضخّ الثروة وإطلاق القيمة المضافة، وأوضح أنّ انخراط الصندوق الوطني للمعادلة الاجتماعية في دعم السكن الريفي، يندرج ضمن سياسة الدولة الجزائرية السارية، لأنّ السكن المنجز على مستوى المدن، هو دعم لحظيرة السكن والنسيج العمراني، واليوم، أطلقت الدولة برامج أخرى ورصدت إعانات مالية، بحكم أنّ السكن الريفي يحظى – بدوره – بأهمية بالغة في جملة البرامج والأهداف، وأكّد الخبير أنّ هذه الصيغة من السكن تسمح للفلاحين بالاستقرار وتعمير المناطق الريفية الغنية بالثروات، والأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، ما يعني أنّ تمكين الفلاحين من الاستقرار بضمان السكن اللائق يمثل تعزيزا للتنمية وتفعيلا للرؤية الاقتصادية الجديدة التي تراهن على المنتج الوطني، لهذا تولي الدولة السكن الريفي بعناية خاصة، فهو يسجّل في إطار تطوير الفلاحة وجهود تحقيق الأمن الغذائي.
وقال الدكتور قندوزي إنّ توفير ظروف الحياة الجيّدة في الريف، يمثل دافعا للمواطنين وتشجيعا لهم على التمسّك بأراضيهم ونشاطاتهم، والعمل على توسيعها وتطويرها، وهو هدف أساسي للسياسة الاجتماعية للدولة الجزائرية، في إطار قرارات عديدة اتخذتها، تتصدّرها الزيادة في أجور العمال والموظفين، والحرص على استقرار أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وتوفير السكن الريفي بدوره، يندرج ضمن السياسة الوطنية، ولا يختلف الحرص على توفير المساعدة لبعض الفئات التي تواجه صعوبات في استكمال بناء مساكنها الذاتية، ومن أجل ذلك تم طرح الشروط واضحة لكلّ من يرغب في الاستفادة من إعانة مالية في إطار صندوق المعادلات الاجتماعية.
التسجيل عبر الويب.. ضمانة الشفافية
ووقف الخبير قندوزي على أهمية الصيغة المطروحة، من أجل دعم السكن الريفي، ولاحظ أنّه لأوّل مرة يتم فتح أرضية رقمية متاحة لكلّ مهتم بالتسجيل في هذه الصيغة، فيدخل المعني بالأمر معلوماته الشخصية ليكون مسجّلا، وأشار الخبير – في هذا المقام – إلى أنّ عملية التسجيل والاستقبال، تتم بكلّ شفافية، دون تحمل عناء تنقل المواطنين عبر الولايات.
ومن بين الشروط المنصوص عليها في عملية التسجيل أن يكون المرشح للاستفادة عاملا أو عمل مدة ثلاث سنوات على الأقل، أو متقاعدا أو تاجرا ومؤمنا وإجمالي دخله لا يتجاوز 6 مرات الأجر القاعدي، وإذا توفّرت هذه الشروط ينبغي أن يكون قد شرع في عملية البناء ليستفيد من الإعانة المالية من البنك الوطني للسكن وعقب إصدار قائمة المرشحين للاستفادة تنطلق العملية، علما أنّ البرنامج سخّر نحو 30 مليار دج لهذه العملية.
وعكف الأستاذ قندوزي على تشريح الهدف الاجتماعي من وراء تفعيل إعانات “أفانبوس”، ولم يخف أنّ السياسة العامة القائمة تكمن في مساعدة كلّ من يقطن بالمناطق الريفية من أجل تحريك وإنعاش قطاع الفلاحة، عن طريق تشجيع الفلاحين على خدمة أراضيهم، ومساعدتهم في إطار تحسين الحياة الاجتماعية للمواطنين، وذكر قندوزي أنّ كلّ هذه القرارات والجهود تندرج في إطار التزامات رئيس الجمهورية الساعية إلى توفير كلّ التحويلات الاجتماعية اللازمة، لدعم المواطنين في أيّ منطقة من الجزائر.
وسبق إطلاق هذه العملية تحضير محكم – كما أكّد الخبير – في ظلّ رصد ميزانية التسيير والتجهيز الضخمة للدولة؛ لهذا ارتفعت الميزانية من أجل تجسيد الزيادات المرتقبة في الأجور بحكم أنّ الدولة تشجّع مختلف الأهداف الاجتماعية بما فيها تشييد السكنات في المناطق الريفية.
ويرتقب – حسب توقع الخبير – أن تستفيد مختلف البلديات ذات الطابع الريفي، من المساعدات المالية في ظروف تتسم بالشفافية، بفضل المنصة الإلكترونية التي تقف حاجزا أمام أيّ محاولات بيروقراطية، وهو أمر غير مسبوق يقول قندوزي، وذلك للسهر على تدعيم السكن الريفي، بعد أن سجّل في السنوات الماضية تمركزا بالمدن الكبرى، غير أنّ إجراءات رئيس الجمهورية جاءت لتوسّع وتعزّز من نطاق انتشار السكن الريفي وإنصاف كلّ مواطن لديه قطعة أرض ورخصة بناء، وشرع في عملية تشييد مسكن، الاستفادة من مساعدة مالية خاصة، ولم يبق أمام طالب الاستفادة سوى إيداع ملف في البنك الوطني للسكن.
وخلص الخبير إلى القول – بقناعة كبيرة ورؤية متفائلة – إنّ إعانات السكن الريفي، تعدّ إحدى أدوات تحسين الظروف المعيشية في المناطق الريفية، ومن شأنها أن تساعد على ترقية وتوسيع النشاط الفلاحي، وترقية نشاط الصناعة التقليدية، كلّ هذه النشاطات – يؤكّد الخبير – ستحقّق أهداف التنمية المحلية والتنمية الريفية المخطّط لها ضمن برنامج رئيس الجمهورية.