تصلنا – دوريا – رسائل من دور نشر أوروبية، تقدم إصداراتها الجديدة في مختلف حقول المعرفة، فنطّلع عليها بقصد (التحيين) تارة، ورغبة في الاكتشاف تارة أخرى.
غير أن عددا من الرسائل يصرّ على «التسجيل» بأن مضمون إرسالياته، ليس سوى حصيلة (الأسبوع الواحد)، وهذا ما اضطرّنا إلى تدقيق النظر في نوعية الإصدارات، تماما مثلما فرض علينا الحرص على إحصاء أعدادها..
ولم يكن إثبات «الجودة» صعبا، فالعناوين – على اختلافها – تستفز الرغبة في المطالعة. ولقد اكتشفنا – مع الوقت – أن أقلّ حصيلة أسبوعية تتضمن أربعة عشر كتابا، أي أن دار النشر صاحبة الحصيلة، تحقق إصدارين اثنين في اليوم الواحد.. فإذا جعلنا معدل النشر عشرة كتب أسبوعيا فقط، يكون مجموع ما تنشر الدار الواحدة 540 كتابا (دون احتساب العطل، إن كان الأوروبيون يعترفون بالعطل أصلا).. والعجيب، أن دور النشر تشتغل (دون هوادة).. بل تشتغل بـ(شراسة)، ولا تشكو نقصا في الورق، ولا ارتفاعا في الأسعار، ولا غيابا لـ(الدّعم)، ولا حتى ركودا في السوق، فالصناعة قائمة، والمنتجات رائجة، والزبائن متزاحمون، وكل شيء على ما يرام. والجميل أن الرضا يشمل الجميع، فلا ترى من يشكو الضّرر من الزحف الرقمي، لأن الرقمنة (التي يعتبرها بعضهم غولة) تسهم – بضراوة – في توسيع مجالات الانتشار، حتى إن كثيرا من دور النشر، لم تتأخر في تأسيس المكتبات الرقمية، فصار التوزيع ورقيا ورقميا، وتوسعت النشاطات بشكل مذهل..
نعلم أن النشر عندنا (يتوكأ) على مشاكل وهمية، وهو في الغالب يشهر حجّة (المقروئية الضعيفة)، لكنه يتحاشى ذكر أسباب ضعف (لالّة المقروئية)، ولا الاعتراف بأن القارئ الذي ينخدع بمنتج رديء مرة واحدة، لا يمكن أن يعود..