أكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عبد المجيد زعلاني، خلوّ توصيات تقرير الاستعراض الدوري الشامل الصادرة في شهر مارس من العام 2023، من أي انتقاد يخصّ مجال الحريات الدينية في الجزائر. لافتا في حوار خصّ به «الشعب»، إلى أن القوانين النّاظمة لممارسة الشعائر الدينية تطبق على المسلمين وغير المسلمين على حدّ سواء.
الرئيس تبون جعل كرامة الإنسان هدفه الأسمى لم نتلقّ أي شكوى تخصّ حريات ممارسة الشعائر الدينية
الشعب: أعربت الجزائر عن عميق أسفها لمحتوى البيان الأخير لكتابة الدولة الأمريكية المتعلق بالحرية الدينية، برأيكم لماذا تضمن معلومات مغلوطة تخالف تماما واقع الحريات الفردية؟
عبد المجيد زعلاني: فيما يخص مسألة الحريات الدينية في الجزائر، وبشأن ما أعلنته وزارة الشؤون الخارجية الأمريكية، التي صنفت الجزائر ضمن بعض الدول التي لا تحترم الحريات الدينية، يسجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن حرية المعتقد تضمنها أسمى القوانين متمثلة في الدستور، وتحديدا المادة 51، وبموجب الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، منها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 في المادة 19 التي تقر احترام الحريات الدينية، على أن تخضع لقانون كل دولة. والجزائر كدولة مسلمة أصدرت -حتى لا تترك فراغا – قانونا ينظم العبادات من حيث الممارسة وأوقاتها، بحيث لا تمس بالنظام العام، ولا تكون فوضوية. فمثلا، لا يعقل ممارسة العبادات في غير المكان المخصص لها.
يجب أن نعرف بأن القانون ينظم ممارسة الشعائر الدينية، بالنسبة لغير المسلمين وللمسلمين أيضا، إذ لا يمكنهم كذلك ممارسة عباداتهم بطريقة فوضوية، وذلك من أجل أن يسود النظام العام في المجتمع. وأود أن أشير هنا، إلى أن الجزائر من بين البلدان التي يسود فيها تسامح كبير، فقد أصدرت قبل سنتين القانون المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما. ثم، أليست الجزائر من قدمت مقترح «اليوم العالمي للعيش معا في سلام» على مستوى الأمم المتحدة، الذي يصادف 16 ماي من كل سنة؟!.
هل تلقى المجلس الوطني لحقوق الإنسان شكوى من هذا القبيل؟
لم يتلق المجلس الوطني لحقوق الإنسان أي شكوى من أي شخص، ووزارة الشؤون الدينية والمجلس وكل القطاعات المعنية، أبوابها مفتوحة لتسهيل ممارسة الحريات. علما أنه يوجد لجنة الشعائر الدينية تابعة لوزارة الشؤون الدينية، هي ليست وزارة للشؤون الإسلامية، هذه اللجنة تلتئم بصفة دورية لدراسة أي مشكل قد يطرح. علما أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان عضو فيها.
وتعقد وزارة الشؤون الدينية لقاءات دورية يحضرها ممثلو الديانات المختلفة، المسلمون وغير المسلمين، حضرتها شخصيا مرتين، تطرح مواضيع للنقاش والحوار بكل ديمقراطية وفي كنف الاحترام. وأؤكد لكم أننا استمعنا إلى مدح، فهناك من تحصلوا على الجنسية وديانتهم ليست الإسلام، يحبون الجزائر نظرا للتسامح الكبير والتعايش الذي يسودها.
وأؤكد من هذا المنبر، أنني تفحصت توصيات تقرير الاستعراض الدوري الشامل من حوالي 10 دول الذي عرض نهاية 2022، تجمع كلها على الاستمرار فيما تحقق، ولا يوجد ضمنها عبارة واحدة تشير إلى انتقاد – على الأقل – في مجال الحريات الدينية.. نحن دولة الحريات والديمقراطية، والجزائر إن انتقدت فبسبب مواقفها، إننا عضو في مجلس حقوق الإنسان ونحترم ونلتزم بكل ما يتعلق بالمجال.
ترافع الجزائر لحقوق الشعوب المضطهدة في الحرية وفي حق المصير، ما مدى أهمية استلامها منصب عضو غير دائم بمجلس الأمن في الظرف الراهن؟
تكتسي عضوية الجزائر غير الدائمة في مجلس الأمن، وقد بدأت جانفي الجاري وتمتد لسنتين وتحديدا نهاية ديسمبر من العام 2025، بالغ الأهمية؛ لأن الجزائر بالتعاون مع الدول الأخرى وبدرجة أولى الدول الإفريقية وأمريكا اللاتينية وحتى دول أوروبية، ذات العضوية غير الدائمة، ومع الدول دائمة العضوية أيضا، ستكرس الحوار والدفاع عن الحق والعدل، والحق في التنمية، والأهم من ذلك الحق في تقرير المصير، وهو حق جماعي يسبق الحق الفردي.
الجزائر لديها خارطة عمل تقوم على العمل متعدد الأطراف، تحاول جاهدة تنفيذها من خلال كسب أصوات دول أخرى. وبالرغم من أنها ليس لها حق الفيتو، فإن صوتها سيكون وزانا وفارقا، لأنه ليس صوتا عاديا.. إنه صوت المرافعة للشعوب المستضعفة، صوت الحرية والتحرر، الصوت المدافع عن حقوق الإنسان، وبالتالي للجزائر جمعاء وسيكون حضور الجزائر جدّ إيجابي في مجلس الأمن.
لطالما دعمت الجزائر القضايا العادلة ودافعت عن حقوق الإنسان، وكانت مثالا للإنسانية..
موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية وغيرها من قضايا التحرر ثابت، أنها تدعم حقوق الشعوب في حريتهم وتقرير مصيرهم. كل مواقف رئيس الجمهورية إنسانية، إنه يجعل من كرامة المواطن الجزائري وكرامة الإنسان عموما هدفه الأسمى ونهجه الأساسي. وبالنسبة للقضية الفلسطينية مواقفه واضحة ولا غبار عليها، فقد كان سباقا إلى توجيه نداء لكل أحرار العالم، كي يتعاضدوا ويتعاونوا من أجل توجه الحقوقيين وكبار الشخصيات والدول، نحو المحكمة الجنائية لمقاضاة الكيان الصهيوني على ما يرتكبه من مجازر في فلسطين.
الجزائر التي لم تتوقف عن تقديم الدعم المادي والمعنوي لفلسطين، كان رئيسها سباقا إلى المواقف الإنسانية، وقدم تعازيه للصحافي وائل الدحدوح في وفاة نجله الصحافي حمزة الدحدوح، وهي وقفة تضامنية قوية.