تواصل آلة القتل الصهيونية لليوم الـ100 على التوالي، حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين بقطاع غزة، حيث تمادت في جرائمها اليومية، بدء بالقتل العمدي للمدنيين والشركاء في المجال الإنساني، وصولا إلى منع المساعدات والتهجير القسري، لتخلق بذلك أزمة إنسانية وصحية مست جميع أنحاء القطاع، وسط تنديدات دولية وأممية ودعوات للوقف الفوري لإطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات.
منذ السابع من أكتوبر 2023، ينفذ الاحتلال الصهيوني هجمات متواصلة، برا وجوا وبحرا على قطاع غزة، أدت الى استشهاد 23 ألف و843 فلسطيني واصابة 60 ألف و317 آخرين، أغلبيتهم من النساء والأطفال.
وسجلت المنظمة غير الحكومية “أنقذوا الأطفال” استشهاد نحو10 آلاف طفل فلسطيني منذ بداية العدوان، مع توقعات بارتفاع الحصيلة، في ظل وجود آلاف المفقودين تحت الأنقاض.
ولم يسلم الصحفيون وعمال قطاع الاعلام من مجازر المحتل الصهيوني، حيث استشهد 117 منهم أثناء أداء مهامهم بغزة، في محاولة لقتل الحقيقة، رغم حملهم شارات الصحافة على ستراتهم وخوذهم، فيما أشارت تقارير متعددة إلى أن استهدافهم كان متعمدا.
بدورها، شددت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على أن العاملين في المجال الإنساني ليسوا هدفا ويجب حمايتهم في جميع الأوقات، وذلك بعد مقتل 142 موظفا في صفوفها بغزة.
وأكدت الوكالة أنه تم الإبلاغ عن 203 حوادث أثرت على مبانيها والأشخاص الموجودين بداخلها، منذ بداية العدوان وحتى الآن ويشمل ذلك 60 إصابة مباشرة على منشآتها وتعرض 68 منشأة مختلفة لأضرار جانبية.
وأفاد تقرير لها بأن الاحتلال أمر ألف نازح وسبعة من موظفي “الأونروا” بإخلاء أحد الملاجئ وأجبر الذكور – بمن فيهم موظفو المنظمة – على خلع ملابسهم باستثناء ملابسهم الداخلية والانتقال إلى مكان مفتوح وأيديهم مرفوعة، فيما أمرت النساء والأطفال بالوقوف في وسط ساحة المدرسة، مشيرا إلى أن 27 نازحا وثلاثة من موظفي “الأونروا” لا يزالون محتجزين لدى جيش الاحتلال.
وجراء أوامر الاخلاء التي يفرضها الاحتلال وانعدام الأمن بالقطاع، نزح ما يصل إلى 1.9 مليون فلسطيني (أي أكثر من 85 في المائة من السكان) في جميع أنحاء غزة واضطرت العديد من العائلات إلى النزوح عدة مرات بحثا عن الأمان ويشمل ذلك ما يقرب من 1.4 مليون نازح داخليا يقيمون في 155 منشأة تابعة “للأونروا” في مختلف أنحاء القطاع.
وخلال 100 يوم من العدوان، تعمد الاحتلال استهداف كل ما له شأن في مساعدة سكان القطاع على البقاء على قيد الحياة، حيث استهدف 77 بالمئة من المستشفيات التي خرجت عن الخدمة وقصف 104 مدرسة، ألحقت بـ70 بالمئة منها أضرارا بالغة، كما ألقى 29 ألف قنبلة، دمرت 40 بالمئة من المنازل.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية خلال نفس الفترة، اختفاء أحياء بأكملها وبينت أن ثلثي مباني شمالي القطاع قد دمرت تماما، فيما اختفت مباني في الجنوب بشكل كلي.
مخاوف من تفاقم الأزمات الإنسانية والصحية
وفي ظل تواصل هذه المجازر، دعت العديد من الدول والمنظمات الانسانية لإنهاء هذه الإبادة من خلال الوقف الفوري لإطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن، بالإضافة إلى منع أي مخططات للتهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم المحتلة، بعد ما دعا لها بعض المسؤولين من الكيان المحتل.
وفي هذا السياق، ورفضا منها لأي عمليات تهجير قسري للفلسطينيين، ذكرت الجزائر خلال اجتماع لمجلس الأمن، من خلال ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة بنيويورك، عمار بن جامع، بما أكده رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن “ما يحدث بغزة سيبقى وصمة عار في جبين الإنسانية”، مشددا على أنه “لا أحد داخل هذه القاعة يمكن أن يبقى صامتا أمام هذه المشاريع” وأن “الصمت هنا يعد بمثابة تواطؤ”.
وركز السفير بن جامع خلال هذا الاجتماع الذي عقد بطلب من الجزائر، على أن مخطط التهجير القسري يجري على كل الأراضي الفلسطينية، من خلال القصف والهدم ومن خلال الاستيطان والضم، مؤكدا أن هذه المخططات سيكون مصيرها الفشل.
وأعقب قائلا: “في الوقت الذي نركز على غزة لأن الأمور بها تجاوزت أسوأ ما يخطر على بال البشر، لا يجب أن نغفل عن الضفة الغربية والقدس الشريف”، ليؤكد أعضاء مجلس الأمن الدولي بدورهم وبالإجماع، رفضهم لأي مشروع يتضمن التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم.
ولم يكتف الاحتلال الصهيوني بهذا القدر، بل وسع رقعة عدوانه إلى دول الجوار، لتشمل خاصة لبنان وسوريا، لتظهر آثار ذلك في مسألة الأمن في البحر الأحمر، بعد أن حذر مسؤولون مسبقا من تداعيات العدوان وتوسعه اقليميا.
وفي هذا الصدد، أكدت الجزائر من خلال بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، بأن “مسألة الأمن البحري في البحر الأحمر لا يمكن معالجتها بتجاهل الرابط الواضح الذي يراه الجميع بين هجمات الحوثيين على السفن التجارية وما يرتكبه الاحتلال الصهيوني من مجازر في قطاع غزة منذ 3 أشهر وما أثاره هذا العدوان الظالم من مشاعر في العالمين العربي والإسلامي بسبب القصف العشوائي للسكان المدنيين الأبرياء”.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بدوره، من أن عواقب ما يحدث في قطاع غزة، ستكون مدمرة على أمن المنطقة بأكملها، مشددا على أن الأمور وصلت إلى نقطة الانهيار.
من جهته، قال ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في دولة فلسطين، دومينيك ألين، أن الوضع في قطاع غزة “يتجاوز أسوأ الكوابيس ويزداد سوء”، داعيا لتأمين الوصول “غير المقيد” إلى جميع المحتاجين في القطاع على نطاق واسع ولوقف إطلاق النار الآن.
وأكد منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة المؤقت، جيمي ماكغولدريك، هو الآخر على أن المجتمع الإنساني في غزة يواجه مهمة “ضخمة”، في ظل انعدام الحد الأدنى من المتطلبات التشغيلية الضرورية له في القطاع.
وأمام فشل مجلس الأمن في اعتماد قرار بوقف اطلاق النار وبعد مثوله أمام محكمة العدل الدولية على خلفية قضية الإبادة الجماعية التي رفعت ضده من قبل جنوب افريقيا، يواصل الاحتلال الصهيوني مسلسل جرائمه وحرب الإبادة الجماعية الممنهجة، بهدف القضاء الكلي على الوجود الفلسطيني، ليضرب بذلك القوانين والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان عرض الحائط.