أرست رؤية رئيس الجمهورية مرحلة جديدة غير مسبوقة من الشّفافية والحوكمة الرّشيدة، في مجال تسيير وتوزيع العقار الصناعي، ووضعت حدّا نهائيا لكل محاولات المتاجرة أو المضاربة بالعقار الاقتصادي.. توصيات تاريخية وتوجيهات حكيمة أنارت الطريق الصحيح من أجل التفرغ لتوسيع الاستثمارات المنتجة، وها هي الجزائر اليوم على موعد مفصلي مع الانتقال إلى نمط اقتصادي جديد، تركّز فيه جهودها على تسريع وتيرة التنمية.
العقار الاقتصادي هو هيكل أساسي للبنية الاقتصادية، فجسور ضخ الثّروة تمتد من فضاءاته، الحركية الاقتصادية تبعث من أرجائه؛ ذلك أنّ العقارات الصناعية والفلاحية تمثل الجزء الجوهري للآلة الإنتاجية، وتوفّرها يمنح للمستثمرين الضوء الأخضر لتجسيد مشاريعهم الاقتصادية، ولعب دورهم في بناء اقتصاد البلاد.
تقترب الجزائر من طي ملف العقار الاقتصادي نهائيا، خاصة وأنّ رئيس الجمهورية أثار المسألة في عديد المناسبات، وأمر بمعالجة الوضع بصرامة وجديّة، وفق تشريع يضع حدّا لأي تجاوزات طارئة، علما أنّ الرهان في إنهاء عملية التطهير، قائم على نظام الرقمنة الذي سيكون آلية محورية في تكريس حوكمة العقار الصناعي، إلى جانب العمل على تمديد مساحاته، لأنّ الجزائر يمكنها أن توفّر مساحات شاسعة، ذات مواقع إستراتيجية من العقارات الصناعية المتنوعة والمستندة لطبيعة كل منطقة سواء كانت صناعية أو فلاحية وحتى سياحية.
ويتابع رئيس الجمهورية بشكل دقيق وتيرة الإصلاحات، وما زال يعطي توجيهات على ضوء كل ما تحقّق بهدف سد النقائص، آخرها كانت مطالبته باستعادة العقار الصناعي غير المستغل على مستوى مركّب الحجار الضخم، وفي ضوء ذلك، تمّ تحديد أكثر من 200 هكتار من العقار الصناعي بمحيط مركب سيدار الحجار للحديد والصلب، علما أنّه يشكّل أصولا فائضة ستوجّه للاسترجاع بهدف الاستجابة لطلبات المستثمرين، وينبغي أن يعكف المسؤولون على تعميم هذا القرار على كل عقار غير مستغل، واستعادته ووضعه في متناول المستثمرين.
وما زالت عملية تحديد الأصول الفائضة وإعادة إدماجها في الحركية الاقتصادية بعد توزيعها على أصحاب المشاريع أو المتعاملين الاقتصاديين المهتمين بتوسيع شركاتهم، خطوة ضرورية مهمة تعبّد طريق النهضة الاقتصادية، علما أنّ فائض العقار في هذه المنطقة وحدها يصل إلى ما لا يقل عن 140 هكتار، إلى جانب أزيد من 60 هكتارا تمثل مساحة فائضة وغير مستغلة متواجدة داخل المساحة التي يشغلها مركب الحجار، كلّها هياكل قاعدية ستتحوّل مستقبلا إلى مراكز ضخ للثروة وامتصاص للبطالة، وتعزيز مسار التّصدير بمنتجات ذات جودة عالية.
وتتّجه الجزائر ضمن رهانات الإصلاح نحو مواصلة قطع أشواط مهمّة على عدّة أصعدة، من بينها طي ملف العقار الصناعي، كونه الفضاء القاعدي لنمو النسيج المؤسساتي وقاعدة صلبة لترقية وتوسيع الآلة الإنتاجية، المتجهة في الوقت الراهن نحو الازدهار والتطور، بفضل الإرادة القوية للدولة الجزائرية، وحرص رئيس الجمهورية وسهره المتواصل على وضع الآلة الإنتاجية في الرواق الأنسب، وفي وضعية تنافسية عالية، ودون شك، فإنّ العقار يعد ملفا حيويا ذا قيمة إستراتيجية، فلا تكفي الترسانة التشريعية والتمويلات المالية، لأنّ العقار يحتل جزءا مهمّا من حيز النشاط الاقتصادي، وعلى صعيد آفاق الاستثمارات والطموحات الاقتصادية المتزايدة، في ظل تشجيع الشباب على اقتحام عالم المقاولاتية وأصحاب المؤسسات الصغيرة على توسيع نشاطاتهم إلى مؤسسات متوسطة.
يذكر أنّ مساحة شاسعة من العقار الصناعي، بما فيه المتواجد بمحيط مركب الحجار تتّسم بموقع إستراتيجي، وتوجيهات رئيس الجمهورية ستحرّك من فعالية العقار من أجل وضعه حيز النشاط عبر تهيئته وتوزيعه على مستحقيه. ويمكن القول إنّ وضعية العقار الاقتصادي صارت في صلب الاهتمام، خاصة بعد إصدار نحو 5 مراسيم تنفيذية، لتفصل في كل كبيرة وصغيرة على أسس قانونية، وتقضي على البطء في عملية التوزيع وتنهي أي جدل أو تلاعب وتقاعس.