كانت لدينا حاجة عند الهلال الأحمر الجزائري، عرضناها على من يمتلك القدرة على التصرف، فكان متعاونا للغاية، وأقبل (غير مُدبر) على سبل الخير، وأخبرنا – في الوقت – أن «الهلال» سيقوم بالواجب، وأنه وجّه التعليمات إلى عماله في المنطقة المقصودة كي يتولوا الأمر بعنايتهم.. وكل شيء رائع..
ولم نلبث إلا قليلا حتى جاء الأروع.. اتصال من شاب صوته يوحي بأنه من المقبلين على الخير، المواظبين في القيام عليه، وراح يقترح علينا ما يناسب من الأوقات كي يقضي الحاجة، غير أنّه ظل يغيّر المواقيت بطريقة تبدو منسجمة للغاية.. (اليوم الخميس انخلّوها لغدوة).. (آه.. غدوة الجمعة.. انخلّوها للسبت).. (سبحان الله.. خسارة.. السبت انكون في كذا وكيت).. (ما عليش.. بيناتنا التلفون)..
ونعترف أن الفرح بـ(اوليدات البلاد) أخذ منّا حقّه، فلم نشأ أن نزعج صاحبنا، وتركنا له هاتف صاحب الحاجة (شخصيّا) حتى يتصل به، ويتأكد مما عرضنا عليه، فوعدنا بأن يفعل.. وعُدْنا إلى قواعدنا سالمين..
وتوالت الأيام.. ولم يظهر عن صاحبنا حقّ ولا باطل، فحاولنا الاتصال به غير مرّة، على مدى أيام، لكن الهاتف ظلّ يلقي إلينا بتلك العبارة الخانقة.. (مغلق أو خارج نطاق التغطية)، فتلاشت أمامنا الآمال، وضربنا بالحائط الأحلام، وعدنا منكسرين لا نعرف لأنفسنا وجهة، ولا لحاجتنا منفذا..
فكّرنا وقدّرنا قبل أن نروي الحكاية، خاصة وأن «الهلال» مؤسسة عالية الهمّة، بل مؤسسة مجاهدة، كافحت في أثناء ثورة التحرير المباركة، ولم نعرف عنها سوى الحرص على مصلحة المغبونين في الأرض، ونشهد أن حضورها مشهود في كل الملمات، وليست معاملة (فردية) لتهزّ ثقتنا في المؤسسة العتيدة..
الحاصل أن الواقع أكد لنا أن (العصا.. عوْجة من تحت)..