سرّعت الوزارة الأولى برئاسة نذير العرباوي وتيرة العمل الميداني ومرافقة المشاريع الاستثمارية لاستلامها جاهزة في الآجال المحددة، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي يولي بالغ العناية لتجسيد التزاماته تجاه الشعب الجزائري. فليس أصدق حكما من الميدان، والمعيار هو مدى التكفل باحتياجات المواطن، على حد تعليمة رئيس الجمهورية للمسؤولين، في أول لقاء له بهم.. “أنتم تتقاضون أجرا مقابل خدمة المواطن”.
أكد الخبير في الاقتصاديات الحكومية الدكتور رضوان خليف، في اتصال مع “الشعب”، أن رئيس الجمهورية، من خلال جلسات التقويم والتقييم، يقف على ما تم تحقيقه وما ينتظر تحقيقه في خطوة واقعية صريحة لتحديد مدى تجسيد التزاماته 54، وموقعها من خارطة الطريق التي رسمها للخروج من نفق الانهيار الاقتصادي واللاّإستقرار الاجتماعي، الذي كاد أن يجعل من الجزائر فريسة للمتربصين بها من الطامعين في ثرواتها وموقعها الاستراتيجي الأورو- إفريقي.
معتمدا على جهاز تنفيذي متعدد الكفاءات، لسان حاله الأرقام ومعيار تقييمه مدى الاستجابة لمتطلبات المواطن، يخوض رئيس الجمهورية حربا على التخلف التنموي، بدءاً باستئصال مسبباته. وأضاف رضوان خليف، أن الرئيس أسدى تعليمات خلال اجتماعات مجلس الوزراء بضرورة النزول إلى الميدان وعدم الاكتفاء بالاجتماعات وسن القوانين دون متابعة ميدانية لمدى تطبيقها.
ونصب رئيس الجمهورية المواطن حكما لا يعلى عليه في تقييم أداء الحكومة واحتوائها لمشاكله ومتطلباته المتعلقة بالسكن. فقد أصر على توفير “سكن لكل عائلة” و«منصب شغل لكل بطال” وصون كرامة المواطن واحترام حقه في العيش الكريم.
أي استراتيجية؟
أفاد الدكتور رضوان خليف، أن استراتيجية رئيس الجمهورية المبنية على تحقيق بناء اقتصادي واجتماعي متكامل، مع التركيز على احترام الآجال الزمنية، ما يفرض على الجهاز التنفيذي المرور إلى السرعة القصوى، ترتكز على مخططات محكمة التنظيم من حيث التسلسل الإجرائي، بدءا برسائل الطمأنة التي بعث بها إلى الموطن الجزائري فور استلامه قيادة البلاد، ثم التعليمات الصارمة التي وجهها إلى المسؤولين بنبرة الحرص الشديد والاهتمام الصارم، مذكرا إياهم خلال أول اجتماع له بالجهاز التنفيذي والولاة، أنهم “يتقاضون أجرا مقابل خدمة المواطن”، في إشارة صريحة منه إلى أن معيار تقييم أدائهم سيكون مدى رضا المواطن وتلبية حاجياته.
العلامة الكاملة
على ضوء هذه المعطيات، حدد المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي نذير العرباوي، المنهج الواجب انتهاجه، والمبادئ الأساسية الواجب احترامها في عملية تجسيده للمخططات الاقتصادية.
ويرى الخبير الاقتصادي، أن الحكومة حققت العلامة الكاملة من حيث بلوغ الأهداف المسطرة، بل تجاوزتها بقليل، مستشهدا بالأرقام المحققة على مستوى الصادرات خارج المحروقات الذي تدرج مرتفعا من 1.5 مليار دولار سنة 2020 إلى 5 ملايير دولار سنة 2021، ثم 7 ملايير دولار سنة 2022، ليتجاوز 10 ملايير دولار سنة 2023.
يعود الفضل في تحقيق هذه النتائج، إلى عمل تشاركي منسق وثقة متبادلة بين الأطراف الفاعلة من صناع القرار، إلى أصغر لبنة في البناء الاقتصادي، تقودها إرادة سياسية في تغيير مؤشرات الاقتصاد الكلي الجزائري، وتغيير الوضع التنموي الاجتماعي بالبلاد؛ إرادةٌ أبداها صراحة رئيس الجمهورية وأقسم أن لا يحيد عنها. خاصة ما تعلق باستحالة اللجوء إلى الاستدانة الخارجية حماية للسيادة الاقتصادية والسياسية للجزائر، ما يعزز قوة قراراتها وثباتها على مواقفها ويرسخ توجهها وتأثيرها القاري والإقليمي، حيث ارتفع حجم احتياطي الصرف إلى 60 مليار دولار نهاية 2023.
كما بلغ الناتج المحلي الخام نهاية نفس السنة – يقول الخبير – 233 مليار دولار تشترك جميع القطاعات دون إقصاء لأي منها في تحقيقه، ما جعل التنافس بينها لتسجيل أعلى النسب، يشتد في ظل اقتراب الآجال الزمنية المحدد لتجسيد التزامات رئيس الجمهورية.
إصلاحات وتغيير
خطوة أخرى أشار إليها الخبير الاقتصادي، تؤكد الإرادة السياسية لرئيس الجمهورية، تمثلت في الإصلاحات الجذرية التي مست المنظومة التشريعية بالبلاد، معلنة القطيعة ومبشّرة بالتغيير، بدءا بقانون الاستثمار الجديد 18/ 22 والنصوص التطبيقية المرافقة له، بما فيها استحداث الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، وما لعبته من دور في إعادة بعث ورفع العراقيل عما يتجاوز 900 مشروع متعثر، وقانون الصفقات العمومية وقانون النقد والصرف والنصوص التطبيقية المرافقة لهما، لتختتم باقة الإنجازات التنظيمية بقانون يؤطر وينظم العقار الاقتصادي الذي صدر نهاية 2022، متبوعا بالنصوص التطبيقية المرافقة له نهاية 2023، واستحداث وكالات وطنية للعقار الفلاحي والسياحي والعقار الحضري الموجه للاستثمار.
بهذه الخطوات – يقول رضوان خليف – تمت إزالة المكابح التي شكلت حجر عثرة أمام الاستثمارات المحلية وحتى الأجنبية. موضحا أن الورشات التنظيمية والاستثمارية الكبرى، لإنقاذ الاقتصاد الوطني اليوم، لم تشغل الدولة الجزائرية، رئيسا وحكومة، عن التفكير من خلال رؤية استشرافية في مستقبلها الذي سيكون الشباب الجزائري عنوانا له، بإقحامه في مجال ريادة الأعمال منذ سنواته الجامعية الأولى باستحداثها للقانون “12/75” شهادة مؤسسة ناشئة” على مستوى الجامعات الجزائرية.
الأفضل قادم..
بالمقابل، نوه رضوان خليف بالجهود التي تبذلها الدولة الجزائرية من أجل تحقيق الاستقرار الاجتماعي وسد الثغرات المتعلقة بالتكفل بالمواطن، وتشكيل سد منيع قوامه الثقة المتبادلة والقناعة ببلوغ التغيير، بدءا بمناطق الظل، وهو ملف طوي نهائيا بتضافر جهود كل مؤسسات الدولة، قطاعات وزارية كانت أو مؤسسات اقتصادية كبرى وصغيرة ومتوسطة أبلت البلاء الحسن في كسب الرهان، وإرساء قواعد تنموية، على غرار مجهودات قطاع الطاقة في ربط المستثمرات الفلاحية بالكهرباء وقطاع الأشغال العمومية الذي يعمل على ربط المناطق الصناعية ومراكز الإنتاج بالبنى التحتية الكفيلة بضمان حركية وديناميكية هذه الأخيرة والأمثلة في ذلك عديدة، ارتأى الخبير الاقتصادي أن يذكر بعضها مثل مشروع ربط صوامع القمح بكل من ولايات قسنطينة، جيجل وباتنة، بخطوط سكك حديدية لتأمين وصول مخزون القمح إليها وضمان الأمن الغذائي للمواطن.
كما أشار المتحدث، إلى الالتفاتة الطيبة لرئيس الجمهورية من أجل مرافقة وتشجيع الفلاح الجزائري وتقوية انتمائه وارتباطه بأرضه بتكفل الدولة بالأعباء الضريبية وارتفاع أسعار العلف وتموين الفلاح مجانا بالبذور من أجل تشجيع الإنتاج الفلاحي.