غادر الجزائر العاصمة يوم 24 نوفمبر 2022 باتجاه جنوب إفريقيا، ومنها سيتوجه إلى مكة المكرمة (العربية السعودية). جاب العديد من المدن والعواصم والقرى الإفريقية منذ ذلك الوقت بدراجته الهوائية، التي ينوي قطع أزيد من 25 ألف كلم بها، سمّاها “رحلة العمر والحلم الإفريقي بعيون جزائرية”.
مغامرته القارية وقلة موارده المادية لم يمنعاه من العودة إلى كوت ديفوار بالطائرة، تاركا حلمه وراءه لا لشيء إلا لمساندة أشبال بلماضي في نهائيات كأس أمم إفريقيا.
إنه المغامر عبد النور محنون، البالغ من العمر ثلاثين ربيعا، ترعرع في بلدية زرالدة بالجزائر العاصمة، عرف بحبه للمغامرة وعشقه للدراجة، جاب كل ربوع القطر الوطني بدراجته، درس علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر وعمل في مجال الإعلام، إلى أن قرر خوض المغامرة الكبرى بـ”زيارة” أكبر عدد من البلدان الإفريقية بالقارة السمراء على متن دراجته الهوائية، قبل التوجه إلى مكة المكرمة لتأدية مناسك العمرة، ثم العودة إلى الجزائر، محملا بوثائقي ينوي إنجازه عند عودته إلى أرض الوطن.
زيارة 12 بلدا إفريقيا
انطلاقته كانت من الجزائر العاصمة وتحديدا من ساحة البريد المركزي باتجاه تندوف، ومنها دخل موريتانيا وتنقل عبر 12 بلدا إفريقيا، صور خلالها كل يومياته بكاميراته الثلاث (الصدرية، المثبتة على الدراجة، الدرون)، حيث اكتشف معه عشرات متابعيه من مختلف الدول والعواصم والقرى الأفريقية، وتعرفوا من خلالها على الطبيعة الأفريقية الخلابة الثرية بالغابات والشلالات والمحيطات والأنهار والمحميات التي تحتوي على حيوانات شرسة، إضافة إلى عادات وتقاليد الشعوب الأفريقية ومختلف لهجاتهم ومأكولاتهم، طيلة سنتين وشهرين قبل أن يعود إلى كوت ديفوار لتشجيع “الخضر”.
أوضح المغامر “زازا”، أنه عند انطلاقه من الجزائر، برمج وصوله إلى كوت ديفوار مع انطلاق نهائيات كأس أمم إفريقيا، قبل أن يتم تأجيل تاريخ استضافة الـ”كان” بستة أشهر كاملة، وهو ما اضطره لمواصلة مغامرة الحلم الإفريقي بالغا الكونغو، التي عاد منها إلى العاصمة أبيدجان (كوت ديفوار) ومنها إلى بواكي، لتشجيع “الخضر” والالتقاء بالأصدقاء والأحباب، الذين أكد لنا بأنه اشتاق لهم بعد أزيد من عامين عن مغادرته أرض الوطن باتجاه “المجهول”، وللخروج من منطقة الراحة كما سماها.
علل ابن مدينة زرالدة بأنه لم يتصور أن يجوب القارة بأكملها بدراجة هوائية، ويضيع أهم محفل كروي يجمع المنتخبات الإفريقية، خصوصا وأن المنتخب الجزائري طرف فيه، واعتبر الـ“كان” متنفسا له وشحنا لبطارياته بهدف مواصلة المغامرة بثقة أكبر في بلوغ الهدف.أكد أول جزائري يقطع هذه المسافة بالقارة السمراء بدراجته الهوائية، بأن فكرة قطعه مسافة أزيد من 25 ألف كلم بدراجة هوائية من الجزائر إلى أقصى نقطة من أفريقيا ومنها إلى قارة آسيا، جاءت بعدما أقدم رفقة صديقيه من ولاية المسيلة إلى التنقل من الجزائر إلى موريتانيا عبر معبر الزويرات، على مسافة 800 كلم، ليقرر بعدها خوض المغامرة التي نصبته مغامرا بدرجة امتياز.
الدراجة الهوائية تسهل التوغل في الأدغال
كشف “زازا” منذ أزيد من سنتين، أنه اختار الدراجة الهوائية على الدراجة النارية أو السيارة النفعية، أولا لأنها وسيلة نقل غير مكلفة ولا تحتاج لدفع أموال كبيرة للقيام بصيانة دراجته الهوائية، موضحا بأن الأخيرة سهلت مهمته في دخول مختلف البلدان الأفريقية دون عراقيل، كما قطع بها العديد من المسافات دون التعرض للسرقة والمضايقات، بالرغم من عبوره عديد المدن والقرى الأفريقية، موضحا أنه تعلم الكثير من الدروس منذ بداية رحلته، بينها ضرورة تحقيق كل الأحلام التي تراودك، مهما كان الثمن.
أفاد محنون أنه مواطن عادي، وعكس التوقعات، من عائلة بسيطة.. دعم رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعيه من الجزائريين والمغامرين عبر العالم بشاشته عبر اليوتوب، جعله يواصل الرحلة ويثق في نفس، الأمر الذي ساعده في قطع نصف رحلته لولا الـ”كان”.
نوّه المغامر الشاب الجزائري بأنه فضل القيام بمغامرة بالدراجة الهوائية في القارة السمراء عوض القارة العجوز، لعدة اعتبارات، منها أن الجزائري يجهل القارة التي يعيش بها ولم يسافر بها كثيرا، بدليل وجود عدد قليل من الجالية الجزائرية بمختلف البلدان التي مر عليها طوال رحلته، داعيا بالمناسبة الجزائريين ورجال الأعمال إلى التوغل داخل قارة أفريقيا للعمل، كونها قارة غنية بفرص العمل والربح عكس ما يتوقعه الكثيرون.
الإعلام الغربي شوه صورة إفريقيا كثيرا
صرح الدراج المغامر أنه اكتشف بأن الإعلام الغربي شوه صورة إفريقيا كثيرا، موضحا بأنه اكتشف بأن معظم سكان قارة أفريقيا هادئون ومبتسمون ومسالمون، ويتميزون بالكرم، ويمنحون عابر السبيل أغلى ما لديهم ليتذكرهم، موضحا بأنه سعد كثيرا لكونه ترك صورة جميلة عن الجزائر والجزائريين أينما حل وارتحل، بعدما كشف له مغامرون آخرون مروا بعده من القرى التي زارها، أين تحدث عنه سكانها مطولا في فيديوهات تحصل عليها، وهو الأمر الذي أثلج صدره كثيرا.
وعرّج صاحب الثلاثين ربيعا بالقول إن الذي يتوقع أن الحيوانات الشرسة ستعترض طريقك لا يعرف شيئا عن الحيوان، لأن الأخير يتواجد بالمحميات وأنه منذ بداية رحلته التقى بفيل واحد بري في الكونغو، ولم يكن له حتى الوقت لكي يلتقط صورته بعدما فر هاربا، مفيدا بأن نيجيريا وغينيا، ستبقيان محفورتين في ذاكرته إلى الأبد من بين 12 بلادا زارها لحد الآن.
وطالب الجزائري “زازا” من كل الجزائريين في كوت ديفوار وكل بلدان العالم، أن يمثلوا بلدهم خير تمثيل، موضحا أن المناصر في بواكي لا يمثل نفسه بل بلده ونفس الشيء بالنسبة له كمغامر، قائلا بأن حسن خلقك سيترك انطباعا جيدا عند مرورك بأي مكان والعكس صحيح.
وأشار الجزائري المغامر أن رسالته من تجربته، هو أنه يتوجب على كل شخص أن يتسلح بهدف، على غرار الذي يستهدف قطع مسافة ما بين 100 إلى 200 كلم، حسب التوزيع الجغرافي للقرى والمدن، حتى لا يقضي ليلته في الخلاء، ويعمل على بلوغه كل يوم منذ انطلاق المغامرة، وهو نفس الهدف الذي يجب أن يضعه كل شاب جزائري في يوميات عمله ودراسته للنجاح فيما يقوم به.