قضت محكمة العدل الدولية في قرارها الأولي ضد الكيان الصهيوني، بضرورة اتخاذ تدابير فورية لمنع أي أعمال يمكن تصنيفها كإبادة جماعية، مما يعزز الضغط الدولي لتحقيق العدالة وتجريم الكيان الصهيوني. كما طالبت المحكمة بمنع ومعاقبة التعليقات التي تشجع على الإبادة والتي أدلى بها مسؤولون رفيعو المستوى في الكيان الصهيوني في وقت سابق. كما أمرت بضرورة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، مما يبرز حاجة المجتمع الدولي إلى التصدي للانتهاكات وتحقيق العدالة.
وكانت الجزائر، ممثلة في رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أول دولة دعت إلى ضرورة متابعة ومحاكمة الكيان الصهيوني أمام الجهات القضائية الدولية، كما دعمت المبادرة الجنوب إفريقية نظير لجوئها إلى محكمة العدل الدولية التي اعترفت للتو بشكل واضح بمقاربتها السديدة.
ويرى الدكتور أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية مصطفى بوحاتم، في تصريح لـ»الشعب»، أن الجزائر كان لها دور فعال في الوصول إلى القرار الأولي لمحكمة العدل الدولية، والذي جرّم الكيان الصهيوني وإن كان بطريقة غير مباشرة في انتظار القرار النهائي.
ويعد رئيس الجمهورية أول رئيس في العالم طالب بشكل واضح ومباشرة بضرورة معاقبة ومحاسبة الكيان الصهيوني على جرائم الإبادة الجماعية والترحيل القسري لشعب كامل في قطاع غزة. كما رفضت الجزائر توصيف «إرهاب» فيما يخص المقاومة في فلسطين باعتبارها مقاومة شرعية تناضل من أجل الحرية والاستقلال.
ويضيف الدكتور بوحاتم، أن الجزائر تثبت، مرة أخرى، دعمها اللامشروط للقضية الفلسطينية. ومن المنتظر في الأيام المقبلة، أن تضغط الدبلوماسية الجزائرية بشكل أكبر في مجلس الأمن لأجل بداية تطبيق القرار ودعم الجهود الدولية للوصول الى تجريم كامل للكيان الصهيوني، لاسيما وأن قرار المحكمة لم يتضمن وقف العمليات العسكرية في قطاع غزة.
القرار وإن كان غير كافٍ، إلا أنه مؤشر إيجابي يدل على نهاية حقبة الإفلات من العقاب والحصانة التي كان يتمتع بها الكيان الصهيوني طيلة الخمسة عقود الماضية، ويعتبر قرار المحكمة نقطة تحول تاريخية وبداية نحو الوصول إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وفق المبادرة العربية لسنة 2002. ويُعد هذا القرار انتصارًا كبيرًا للفلسطينيين، لكنه لا يضمن حلاًّ دائما للاحتلال الصهيوني لفلسطين، خاصة وأن الكيان رفض القرار.
وأوضحت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الخارج، في بيان صدر الجمعة، أن الجزائر «سجلت باهتمام قرار محكمة العدل الدولية بخصوص الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا المتعلقة بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة»، مشيرة الى أن «هذا القرار أبان مدى وجاهة مبادرة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي كان أول رئيس دولة يدعو الى اللجوء بقوة إلى الهيئات القضائية الدولية، نظرا لتعدد الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، والتي يعاقب عليها القانون الإنساني الدولي».
وجددت الجزائر «تقديرها الكبير ودعمها لجنوب إفريقيا نظير لجوئها إلى محكمة العدل الدولية التي اعترفت للتوّ، بشكل واضح، بمقاربتها السديدة»، معتبرة أن الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية «يعلن بداية نهاية حقبة الإفلات من العقاب التي لطالما استغلها الاحتلال الإسرائيلي ليطلق العنان لنفسه لاضطهاد الشعب الفلسطيني وقمع كافة حقوقه المشروعة»، بحسب نفس البيان، الذي أضاف أن الجزائر «تسجل الإجراءات المؤقتة التي أقرتها محكمة العدل الدولية، والتي يتعين على الاحتلال الإسرائيلي الرد بشأنها على المحكمة في غضون شهر».