تطرق باحثون ومجاهدون، في ندوة تاريخية نظمتها المنظمة الجزائرية للحفاظ على الذاكرة والموروث الثقافي، اليوم الثلاثاء، بالمتحف الوطني للمجاهد، إلى ظروف تنظيم اضراب الثمانية أيام التاريخي في الفترة من 28 جانفي إلى 4 فيفري 1957، وكيف استجاب التجار ليس في العاصمة فقط وحتى في الأرياف إلى نداء جبهة التحرير الوطني من أجل قضية واحدة وعادلة.
أبرزت هادية شعبان، رئيسة المنظمة الجزائرية للحفاظ على الذاكرة والموروث الثقافي وترقية السياحة والبيئة، في مداخلتها أهمية الحفاظ على ذاكرة الجزائريين وغرسها لدى الأجيال الصاعدة، من أجل استكمال رسالة الشهداء وحماية الجزائر من التهديدات الإقليمية والدولية المتربصة بها.
وأكدت أن المنظمة خرجت الى ساحة العمل الجمعوي والمجتمع المدني منذ فترة قريبة تسير في هذا الإتجاه خدمة للبلاد وحفاظا على موروثنا الثقافي وهويتنا الضاربة في عمق التاريخ، بواسطة مناضليها ومناضلاتها والمتعاطفين معها، تشجيعا للمواطنين للانتماء اليها والنضال في صفوفها من خلال التركيز على النشاط الجواري من اجل استقطاب المزيد من الكفاءات الوطنية والنخب، والولاء للجزائر.
تقول:” اجتمعنا اليوم لنحي ذكرى من ذكريات الجزائر الخالدة وهي اضراب الثمانية أيام التاريخي، من 28 جانفي الى 4 فيفري 1957، الذي لا يمكن إلا ان يكون ثورة داخلية لنقل القضية الجزائرية لتخرج اكثر قوة وصدى للعالم، وقد تفنن العدو وبكل الوسائل الدنيئة في محاولة يائسة لثني إرادة الشعب الجزائري، الذي لبى التضحية، نستذكر هذه المحطات ونستلهم الدروس منها لنرفع الهمم”.
أوضح محمد الطاهر ديلمي، رئيس اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أن تناول الذاكرة التاريخية والمناسبات الوطنية والتاريخية، هي ليست نشاطا بل غرس الوعي والذاكرة.
وقال: “أتمنى من كل المنظمات مستقبلا تنظيم هذه الندوات مع الطلبة في التكوين المهني والثانويين والجامعيين، لأن غايتنا هي نشر الوعي وسط شباب اليوم، للإقتداء بأجدادهم الأبطال، نحن حراس على الذاكرة التاريخية وغرس ثقافة المقاومة الإيجابية وهي الدفاع عن الهوية والرموز والاستقلال، وتاريخنا”.
وأضاف ديلمي:” كل الحروب في العالم والصراعات تقوم على ثقافة المقاومة، أي الدفاع عن الذاتية والهوية كل الشعوب تعتمد على تاريخها وثقافتها وحضارتها، أثمن مبادرة المنظمة الوطنية للحفاظ على الذاكرة والموروث الثقافي وترقية السياحة والبيئة”.
وقال أيضا: “مادمنا نتكلم عن تضحيات الجزائريين من دمار وتعذيب وسجن واستشهاد وتخريب الى غير ذلك من وسائل إجرامية، لا يسعنا اليوم ونحن في متحف المجاهد الى ان نرفع الى إخواننا المرابطون في القدس والأقصى، تضامننا نقول لهم الجزائر مع فلسطين ظالمة او مظلومة”.
وأشار: ” لأول مرة في تاريخ الحروب العربية يمرغ الكيان الصهيوني في مؤسساته العسكرية والإعلامية والسياسية يصاب بالجنون لأن المقاومة تحمل مضامين الكفاح والاستشهاد”.
تطرق الأستاذ محمد صالحي، إلى ظروف تنظيم اضراب الثمانية أيام، وقال أن الثورة كانت تحتاج الى عمل عظيم، وأوضح أن اضراب الثمانية أيام جاء بعد أربعة اشهر فقط بعد مؤتمر الصومام، الذي تكلل عن تنظيمات وتوصيات هامة واستيراتيجية ومن بينها هو ان الثورة تكون فيالق وتقوم بمعارك مشتركة تشترك فيها الولايات المعروفة، وقيادة واضحة، وأكد أن اضراب الثمانية أيام حسب شهادة لخضر بن طوبال، لم يشارك فيه سكان المدن فقط، مثلا في الشمال القسنطيني وزعت المناشير في الجبال والغابات بالميلية وجيجل والقل.
وقال: “هدفه ايقاظ سكان المدن لمواجهة الاستعمار الفرنسي، فجاء الاضراب لإقحام كل شرائح الشعب الجزائري في الثورة، خاصة التجار، حقق إضراب الثمانية أيام هدفه إلى حد كبير بمشاركة أغلب الجزائريين خاصة في المدن الكبرى” .
وأشار الأستاذ صالحي، إلى أنه بعد إضراب الثمانية تمكنت إدارة الاحتلال من التعرف على قادة الثورة وسهل عليها معرفة المخابئ وبالتالي اعتقل الآلاف من المناضلين، وقتل الكثيرون.
وتطرقت مسؤولة الذاكرة بالمنظمة، إلى العمل الفدائي بمدينة الجزائر الذي شهد نشاطا كبيرا في 1957، حيث كانت مدينة الجزائر المنطلق للعديد من العمليات الفدائية الموجهة ضد إدارة الاحتلال في هذه السنة، وكان لجبهة التحرير الوطني في المنطقة المستقلة تنظيما جيدا وحضورا نضاليا قويا.
وأوضحت أنه بعد المصادقة على قرارات مؤتمر الصومام وإعتماد العاصمة منطقة مستقلة، تمكن قادة الثورة وعلى رأسهم العربي بن مهيدي وعبان رمضان، من تأطير خلايا الفدائيين وتنظيم العمليات العسكرية في شوارع وأحياء العاصمة، شملت وضع قنابل متفجرة في مراكز تجمع الجيش الفرنسي ومراكز الشرطة والحانات وتصفية بعض الخونة وطغاة المستوطنين.
قدم كل من المجاهدين محمود عرباجي وحسن الطاهر ومحمد غفير، شهادتهم حول اضراب الثمانية أيام لأنهم عاشوا الحدث بكل تفاصيله، وأشاروا إلى معاناة الجزائريين إبان الاحتلال الفرنسي من تعذيب وقتل وتشريد، وكيف واجهوا هذا الإستعمار يد متحدة من كل التراب الجزائري، وأكدوا أن الذاكرة واجب إيصالها للأجيال بصفتهم مجاهدين و أبناء الشهداء.
وفي الأخير، كرم المجاهدون والأساتذة المشاركون في هذه الندوة التاريخية.