أطلقت وزارة التربية الوطنية بالتنسيق مع “يونيسكو” وبتمويل الاتحاد الأوروبي، برنامج دعم جودة التعليم يشمل أربع مواد أساسية، ويتعلق الأمر بالرياضيات، اللغة العربية، العلوم والفيزياء، يتعلق بدراستين تهدفان إلى تعزيز الكفاءات الرقمية والبيداغوجية للأساتذة، وتحسين برامج التكوين لأساتذة الرياضيات، ينطلق في 4 فيفري القادم ويشمل تكوين 150 مفتش في الرياضيات.
قال مدير التعليم بوزارة التربية الوطنية، وممثل وزير التربية الوطنية قاسم جهلان، في افتتاح أشغال الملتقى، إنّ برنامج دعم جودة التعليم الذي يستمر على مدار سنتين يشمل أربع مواد، الرياضيات، اللغة العربية، العلوم والفيزياء، وجاء بقصد تحقيق تعليم نوعي في الجزائر، وفي إطار التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، وضمن برنامج تسهيل دعم أولويات الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.
البرنامج الذي انطلق في مارس الماضي، يدخل في مخطط عمل وزارة التربية الوطنية، وضمن خارطة طريق الحكومة للفترة 2020 – 2024، يهدف إلى تحسين نوعية التعليم في مراحل التعليم الابتدائي، التعليم المتوسط والتعليم الثانوي، وكذا تعزيز جودة التكوين المستمر لنواة وطنية من المكونين مفتشين وأساتذة في مجال ترقية المهارات الرقمية والتعليم عن بعد، وفي مجال تحسين تدريس الرياضيات التي تعد محورا هاما لبناء اقتصاد الغد.
وأشار المتحدث باسم وزير التربية الوطنية، إلى أنّ برنامج التعاون يعد بداية لسلسلة من الأعمال والنّشاطات التي تنوي وزارة التربية تجسيدها في الفترة القادمة بمرافقة “يونيسكو”، ولضمان سيرورة تجويد التعليم من أجل تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة في آفاق 2030، والأهداف النوعية للرؤية المستقبلية في منظور التحول في التربية.
إنشاء مخابر للرّياضيات بعشر متوسّطات وثانويات لأوّل مرة بالجزائر 150 مفتّش في الرّياضيات يتابعون التّكوين
من جهته، أكّد قاسم جهلان، أنّ مؤشّرات التمدرس في تحسن مستمر، سواء معدل الفوج التربوي في مختلف المراحل التعليمية أو معدل التأطير أو مستوى تأهيل المدرسين، كما أنّ المناهج التعليمية تعرف مراجعة دورية لتستجيب للتطورات والتغيرات الحاصلة في المجتمع، والتكيف مع المستجدات المسجلة في عالم التكنولوجيا والعلوم، وفي تكنولوجيات الإعلام والاتصال، بالإضافة إلى التحسينات المدخلة في نظام التقويم البيداغوجي ومراجعة الامتحانات المدرسية، إلى جانب عمليات دعم التمدرس من أجل ضمان تكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ، مهما كان وضعهم الاجتماعي، الاقتصادي أو الجغرافي.
وأشار جهلان إلى تطوّر استعمال الرقمنة في المنظومة التربوية وفي كل جوانب التسيير، وفي تنمية كفاءات المدرسين والتلاميذ، مؤكدا – في السياق – ضرورة رفع مستوى تأهيل المدرسين من خلال تعزيز قدراتهم وتحسين أدائهم وفعالياتهم، وتمكينهم الجيد من الكفاءات الرقمية من أجل ضمان نجاعة أكبر ومردود أحسن للمنظومة التربوية الوطنية، وحتى يكون الاستثمار في التربية استثمارا ناجعا.
وكشف رئيس المجلس الوطني للبرامج في وزارة التربية الوطنية، رئيس لجنة الإشراف على البرنامج، عبد الله لوصيف، عن “مشاكل” في تدريس مادة الرياضيات، كانت وراء قرار إعداد دراسة حول تعليمية الرياضيات، في الطورين المتوسط والثانوي، على مستوى 9 ولايات نموذجية عبر مختلف مناطق الوطن، حيث بيّنت نتائجها الأولية وضعية “صعبة” لدى التلاميذ، مع مرور السنوات، واتضح من خلال هذا التقييم ضرورة إعادة النظر في توجيه التلاميذ وتأطير الأساتذة.
قال لوصيف إنّ الدّراسة جاءت على خلفية الصعوبات التي تواجه التلاميذ في دراسة مادة الرياضيات، حيث تمّت مباشرة دراسة تقييمية لمستوى تلاميذ الطورين المتوسط والثانوي، في تسع ولايات هي: الجزائر، تيزي وزو، الطارف، قسنطينة، سطيف، وهران، تلمسان، بشار وتمنراست، وتقرّر رسميا التكفل بهذه المشاكل من خلال تسليط الضوء على وضعية تدريسها، خاصة بعد قرار رئيس الجمهورية بإنشاء ثلاث مدارس عليا في هذا المجال تموّل من قطاع التربية ومن نوابغها في مادة الرياضيات.
وستعمّم نتائج الدراسة – حسب رئيس مجلس البرامج – على جميع ولايات الوطن، بهدف استقطاب التلاميذ إلى مادة الرياضيات وتشويقهم إليها، وسيتم في هذا الإطار ولأول مرة في الجزائر، إنشاء مخابر للرياضيات، على مستوى عشر متوسطات وثانويات، في مرحلة أولى، يأتي بعدها استحداث نواد لنفس المادة، ثم مجلة خاصة بها.
وتحدّث المسؤول عن برنامج وطني بالشراكة مع “يونيسكو” يتعلق بالتحول الرقمي في كل القطاعات، لاسيما التربية والتعليم، وشملت المرحلة الأولى تنصيب كفاءات رقمية لدى الأساتذة، حيث تمّ التركيز على أربع مواد، هي العربية، الرياضيات الفيزياء وعلوم الطبيعة، إضافة إلى تكوين الأساتذة في كيفية التحكم في الكفاءات الرقمية، في انتظار تعميم العملية على باقي المواد.
أمّا المرحلة الثانية، فشملت مادة الرياضيات فقط، وتم في هذا الإطار تكليف خبيرة وباحثة جزائرية في تعليمية الرياضيات، بإنجاز تقييم لمستوى تدريس المادة، حيث زارت مؤسسات تربوية في الطورين المتوسط والثانوي، عبر تسع ولايات نموذجية، وحضرت دروس الرياضيات داخل الأقسام مع التلاميذ، وتم فعليا الانتهاء من الدراسة، وتسلّمت الوزارة معلومات ونتائج أولية سيتم فرزها، واستغلالها لإعداد برنامج تكوين لتحسين تعليم المادة، في حين تتعلق المرحلة الثالثة بكيفية استقطاب وتشويق التلاميذ إلى الدراسة.
بدورها، قالت رئيسة عمليات التعاون ببعثة الاتحاد الأوروبي، ايمانويل غينهناف، إنّ الدراسة التي تم إنجازها على عينة 33 مؤسسة تربوية في المراحل التعليمية الثلاث، (11 ابتدائية، 11 متوسطة وثانوية) أثبتت أنّ التلاميذ يواجهون صعوبات ويتلقون الرياضيات عن طريق الحفظ وليس الفهم، ما يستوجب إعداد مخطط للتكوين والتأطير في الرياضيات.
من جهته، أكّد مدير مكتب “يونيسكو” للمنطقة المغاربية، ايريك فالت، ضرورة مواكبة متغيرات العام، خاصة في مجال الرقمنة، والمنظومة التربوية جزء لا يتجزّأ من هذا التحول الرقمي، وهي رسالة وجّهناها عبر العالم.
وثمّن المتحدث التعاون الذي تمّ بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية وبتمويل الاتحاد الأوروبي الذي يهدف إلى تحقيق جودة التعليم، وتحسين الكفاءات الرقمية والبيداغوجية لنواة أساسية في أربع مواد، وتعزيز التكوين المستمر لمفتشي وأساتذة الرياضيات في الأطوار الثلاث، الابتدائي، المتوسط والثانوي.
جدير بالإشارة، أنّ هذه الدراسة التي استمرت لأسابيع عديدة، جنّد لها ثلاثة خبراء دوليين من “يونيسكو”، باحث إيطالي في تعليم الرياضيات، دكتورة باحثة جزائرية في تعليم الرياضيات، وأستاذ في الانتقال الرقمي لدى التعليم العالي والتربية الوطنية.