صدر حديثًا كتاب جديد للدكتور عبد السلام فيلالي بعنوان “الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي (1427-1504م) العلامة، المصلح والداعية”، في إطار سلسلة أعلام الجزائر التي تنشرها دار الوطن اليوم للطباعة والنشر والتوزيع.
تناول الكتاب الجديد الذي أثرى المكتبة الجزائرية والإفريقية سيرة الإمام المغيلي بعمله الإصلاحي الديني الكبير الذي تبرز قيمته في تنوّع حقوله المعرفيّة المُشتمِلة على مجالات عديدة في الحديث، وعلوم القرآن، واللّغة، والبلاغة، والمنطق، والسياسة، والشعر، التي عدّدها ابن مريم في كتابه “البستان” في 21 مصنفًا.
وفي اتصال مع “الشعب”، قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة عنابة، الدكتور عبد السلام فيلالي، أنّ المغيلي ظلّ حاضرًا في أحاديث وكتب المتقدّمين بعد فترة طويلة من وفاته؛ وذلك بسبب سمعته وصيته الذي بقي ماثلا لا يغيب منذ أول مؤلف دون عنه سيرته ولو بشكل موجز، كتبه الفقيه “أحمد بابا التمبكتي” (1556 -1627م)، الذي قال عنه: “التلمساني خاتمة المحقّقين الإمام العالم العلامة الفهامة القدوة الصالح أحد الأذكياء ممن له بسطة في الفهم والتقدم متمكن المحبة في السنة”.
وأوضح فيلالي أنّ مُؤلّفَه الصادر مؤخرًا يتعلق بشخصية عالية المقام والتأثير سواء في عصره أو بعده، بناءً على مواقفه ونصائحه وتدخلاته التي كانت محور ملتقى دولي احتضنته الجزائر يومي 12 و13 ديسمبر 2022م، وجرى خلاله التنويه بأهمية الإمام المُصلح.
ويُتيح رصيد المغيلي الحضاري الزاخر بالمنجزات – حسب الكاتب – مدّ جسور التعاون وإقامة علاقات صداقة مثمرة مع بعض دول وأمم قارة أفريقيا، إذ بدا مدى اعتزاز ضيوف الجزائر بتلك الروابط وسعيهم إلى توطيدها أكثر، مع بروز انطباع إيجابي جدا عما يتمثله الإخوة والأصدقاء من صورة جميلة عن الجزائر بشكل عام وبعض العناصر الثقافية بشكل خاص، وكذلك ما تجلى من عمق الحضور والاحترام للإرث الحضاري العربي الإسلامي في تلك البلدان، وبالتالي فإنّ التأليف الجديد – يضيف فيلالي – يدخل في سياق التعريف بشخصية تاريخية ذات إسهام غزيرٍ، من خلال ما خلّفه من مؤلّفات عديدة في مجالات مختلفة، ثمّ مُنجزه الدعوي وسط الشعوب والإمارات الإفريقية التي زارها وعاش فيها فترة تربو عن 20 سنة، بالغًا بذلك منطقة “كانو” بدولة نيجيريا.
إلى ذلك، عَدَّدَ الكاتب الجزائري أهمّ جهود المغيلي سواء في الإرشاد أو النصح أو الفتوى، كما وقع مع حاكم إمارة كانو الأسقيا محمد الأول (حكم إلى غاية سنة 1591م) فيما يتعلق بالسياسة والحكم، وأيضًا ما يرتبط بنشاط الطريقة القادرية في غرب أفريقيا عموما مع الحركات الإصلاحية، منوّهًا كذلك بتأثير الإمام على الشيخ عثمان دان فوديو (1754 – 1817م)، العلامة والمجاهد البارز في مملكة سوكوتو “بلاد النيجر حاليا”.
المُؤلَّف الجديد عن العلامة المغيلي يهدف إلى التعريف بالإمام، ويأتي من باب الاعتراف وضبط المكانة لعالم وإمام ترك بصمته الفريدة تأليفا وإفتاء ودعوة خاصة في بلاد السودان الغربي، التي لم يغادرها إلا بعد أن بلغه نبأ مقتل ابنه الشيخ عبد الجبار في توات، وهناك توفي وما تزال آثاره منارة ورافدا من روافد الإشعاع الثقافي والديني في المنطقة وعموم بلاد غرب القارة الإفريقية، يُضيف أستاذ علم الاجتماع بجامعة عنابة الدكتور عبد السلام فيلالي.