تسعى السلطات العمومية إلى تعزيز الصيرفة الإسلامية بمنتجات تهم الراغبين في الاستثمار بمجالات متعددة، مع استقطاب أكبر قدر ممكن من أموال السوق الموازية إلى البنوك، وفق أطر قانونية مرتبطة بالشريعة الإسلامية.
أضحت خدمات الصيرفة الإسلامية بالجزائر خيارا أوليا للمواطنين والمؤسسات الاقتصادية الراغبة في الاستثمار، لأنها وسيلة مالية تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ما جعلها واحدة من أهم الصيغ المستخدمة في التمويل والاستثمار بالبلاد.
ويتوقع ملاحظون أن يستمر دور الصيرفة الإسلامية في تحقيق الأهداف المساعدة على النمو الاقتصادي في البلاد، خاصة تلك المرتبطة باستقطات ملايير دولارات الموزعة على السوق الموازية التي تسهم في انعاش الخزينة العمومية.
هي أهداف جعلت منتجات الصيرفة الإسلامية لاعبا مهما في النظام المالي والاستثماري في السنوات الستة الأخيرة، بسبب ارتباطها المباشر بالشريعة الإسلامية عكس خدمات البنوك التقليدية التي تعتمد الفائدة والمعاملات الربوية.
اهتمام كبير بالمنظومة البنكية..
يشير أستاذ الاقتصاد، مراد كواشي، في اتصال هاتفي مع “الشعب أونلاين”، إلى أن السلطات العمومية أولت أهمية كبيرة للمنظومة البنكية والمصرفية بشكل عام في السنوات الأخيرة، بغية تحقيق قفزة اقتصادية تتماشى مع طموحات الجزائريين.
ويوضح كواشي هذه النقطة بإصدار الحكومة القانون النقدي والمصرفي الجديد، المتضمن امتيازات كبيرة بالمقارنة بنظام النقد والصرف السابق الذي ساد في الجزائر عقودا.
ويشدد المتحدث على أن القانون الجديد يستهدف تحسين مناخ الأعمال واعطاء المنظومة المصرفية والبنكية دعما ٱخر، يكون مساعدا على الخروج من تبعات النظام القديم مع تحصيل أموال السوق الموازية ولو تدريجيا.
ومن أهم الإجراءات التي اقرتها السلطات العمومية لتحسين المنظومة البنكية، يقول كواشي “الاهتمام بضرورة رقمنة المنظومة البنكية، لاسيما الدينار الرقمي مع فتح فروع لبنوك جزائرية بالخارج وهذا في داكار وفي نواكشط وفي انتظار فتح فروع اخرى في أوروبا”.
ويلفت أستاذ الاقتصاد الانتباه إلى فتح راس مال البنكي من أجل إعطاء دفع ٱخر وتنافسية أكثر للبنوك الجزائرية من حيث جودة الخدمة والسرعة، إضافة إلى فتح مكاتب للصرف لتوفير العملة الصعبة بالطرق القانونية لمن يحتاجها والعمل على التقليل للحد من السوق الموازي.
اقبال كبير على الصيرفة الإسلامية
ويضع مراد كواشي، الصيرفة الإسلامية في خانة أهم الخدمات المصرفية، التي اعتمدتها السلطات العمومية في السنوات المنصرمة، لأنه يوجد اهتمام كبير بالصيرفة الإسلامية لأنها سوق واسعة ولديها مستقبل باهر في الجزائر.
ويؤكد كواشي وجود إقبال كبير على الصيرفة الإسلامية من المواطنين نظرا للوازع الديني للجزائريين الذين يرغبهم في التعامل بطرق إسلامية خشية الوقوع في المحظور والربا.
ويشدد المتحدث على أن التحفيزات التي قدمتها الحكومة في هذه الصيغة أسهمت بشكل كبير في نموها، ما يعكس الأهمية التي توليها الحكومة لهذا النوع من الصيرفة ويظهر تبجيل الجزائريين لهذا النوع من الصيرفة.
ويقدم كواشي مثالا ببنك القرض الشعبي الجزائري، الذي حقق نتائج باهرة بعد اعتماده شبابيك للمالية الاسلامية، واستقطب في ظرف قياسي 16 مليار دينار من خلال فتح أكثر من 26 ألف حساب للجزائريين في إطار شبابيك الصيرفة الإسلامية.
أرقام إيجابية..
بلغت ودائع الصيرفة الإسلامية 623.83 مليار دينار جزائري حتى نهاية جوان 2023، تم جمعها في 741 شباكا بنكيا مخصصا لهذا النشاط عبر كامل التراب الوطني.
وأوضح بنك الجزائر في مذكرته أن حجم ودائع الصيرفة الإسلامية بالبنوك انتقل من 546.69 مليار دينار جزائر في 2022 ليبلغ 623.83 مليار دينار جزائري نهاية جوان 2023، أي بارتفاع بنسبة 14.11% ما بين نهاية 2022 ونهاية جوان 2023.
وأشارت المذكرة، إلى وجود 12 بنكا معتمدا يعمل في الصيرفة الإسلامية حتى جوان 2023، منها 6 بنوك عمومية و6 خاصة.
وانتقل عدد الوكالات المخصصة لهذا النشاط من 69 وكالة نهاية 2022 إلى 75 وكالة نهاية جوان 2023، في حين سجل عدد الشبابيك البنكية الخاصة بالصيرفة الإسلامية ارتفاعا، منتقلا من 655 إلى 741 شباكا خلال نفس الفترة.