يرى الفنان المسرحي عبد القادر بلكروي أن بداية مسرح الهواة كانت حركة ثقافية واكبت مرحلة البناء والتشييد غداة الاستقلال، طابعها وطني تقدمي عرف بمهرجانه الوطني الذي كان ينظم كل سنة منذ 1967 بمدينة مستغانم، وكان المرحوم عبد الحليم سي الجيلالي يشرف عليه رفقة المسرحي ولد عبد الرحمن كاكي.
ذكر محدثنا أن بدايات مسرح الهواة كانت بوسائل بسيطة وتنظيمه بملعب لكرة القدم، أين تتوافد الفرق لتقدم عروضها داخل المنافسة وتناقشه وتغادر نظرا لقلة الإمكانيات، وقد استمر الحال كذلك حتى تدخلت السلطات وجعلت منه مهرجانا سنويا تحتضن فعالياته مدينة مستغانم، ووفرت له الهياكل بعد ما كان يعيش على إعانات الجمهور المحب للمسرح.
كان مسرح الهواة في حقبة الثمانينات إلى غاية التسعينات بمثابة خزان لطاقات فنية شابة أضيفت إلى عائلة المحترفين، وبرزت فيه بعض الأسماء من كتاب مخرجين وممثلين، وفي سنة 1975 أصبح المهرجان جزءا من انشغالات الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية، يقول بلكروي.
ويضيف: “استمرت الدورات دون انقطاع لتصل اليوم إلى أكثر من خمسين دورة وبقيت تنظم في مدينة مستغانم كل سنة، وانتعش نشاطها دون انقطاع حتى في الأوضاع الصعبة التي مرت بها البلاد، ومنذ سنوات الألفية الثانية عرف نهضة وإيقاعا شبابيا تنوّعت فيه التجارب والخطابات والأشكال وكان صنّاعها شباب الثانويات والجامعات واختلفت المواضيع وتعدّدت، وفي عام 2007 وبمناسبة السنة العربية للمسرح، شهدت المسارح انتعاشا كبيرا، حيث أضحت التعاونيات والجمعيات جزءا من حياة المسرح الجزائري، أما في الوقت الحالي، فتظهر صيغ جديدة على واقع المسرح، إذ تتجّه المجهودات أكثر نحو التكوين والتدريب والورشات والعروض النموذجية، يبحث فيها ممارسو هذا الفن عن أساليب جديدة تجعله أكثر قدرة على المواكبة؛ لهذا فإن مسرح الهواة – حسب بلكروي – يعيش مرحلة انتقالية ستنتج رؤية أكثر وضوحا قريبا”.
وبالعودة إلى واقع مسرح الهواة بالجزائر، يؤكد الفنان عبد القادر بلكروي أنه وحتى نكون قد حللنا ولو سطحيا مراحل وجود مسرح الهواة، لابد علينا أن نعترف بأن المسرح الهاوي واكب الاستقلال وشرع في البناء وكان يبحث ويجتهد لإرساء تقاليد ثقافية وفكرية لمجتمع مدني، من ثمّة أصبح في طليعة التحولات ودعم الحركة المسرحية المحترفة بطاقات فنية وإبداعية.
وهنا قال، أنه لابد من ذكر بعض المسارح التي كان لها مردودها الفني الشعبي القريب جدا من المجتمع، مثل مسرح قسنطينة، مسرح وهران ومسرح سيدي بلعباس، لتأتي مرحلة ثالثة عرفت بروز جمعيات شبانية جاءت بنقلة نوعية واشتغلت على أعمال فنية من الربرتوار العالمي، دامت إلى منتصف التسعينيات، وبقي مسرح الهواة ينتظر الألفية الثانية ليعود مع إعادة بعث النشاط من جديد واحتكاكه الكبير بالمسرح المحترف بفضل المشاريع والتظاهرات الكبرى التي وظفت فيها أعداد كبيرة من العناصر الهاوية.
وأضاف محدثنا قائلا، إن تسمية المسرح الهاوي، تعني قبل كل شيء، أن هناك أناسا اختاروا أن يجعلوا من هذه الممارسة هواية حبا وتفانيا في خدمة الفن، يأتون من عدة مجالات حيوية، ومنهم من اختاروا أن يوظفوا ويدخلوا حقل الاحتراف في المسرح ليكون وظيفتهم، وحاليا تتعدّد وجهات النظر والرؤى فيما ستتمخض عنه مقترحات تطوير واقع فن مسرح الهواة الجديدة.