أكدت مخرجات الاجتماع الخمسين للجنة التنفيذية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، المنعقد الخميس، بفندق ماريوت بقسنطينة، على «دعم مساعي الجزائر في إطار عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي لتعجيل العمل بتطبيق قرارات محكمة العدل الدولية بشأن الجرائم البشعة التي يتعرض لها الفلسطينيون».
وكانت أشغال الاجتماع 50 للجنة التنفيذية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، التي افتتحت الخميس، بحضور رئيس المجلس الشعبي الوطني، الرئيس الدوري لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إبراهيم بوغالي، ومحمد قريشي نياس، الأمين العام لذات الاتحاد وأعضاء من المجلسين.
وتم خلال هذا الاجتماع، إلقاء كلمتين لرئيسي المجلسين، تلاهما تنظيم جلستي عمل مغلقتين، اختصت الأولى بانتخاب هيئة المكتب واعتماد جدول الأعمال ووضع برنامج عمل للاجتماع ومتابعة قرارات وتوصيات المؤتمر 17 للاتحاد الذي انعقد بالجزائر في يناير 2023. بينما اختصت الجلسة الثانية، وكانت مغلقة هي الأخرى، باعتماد التقرير الختامي وإعلان الجزائر الصادر عن اللجنة التنفيذية للاتحاد وقراءته على وسائل الإعلام.
فيما تضمن اليوم الثاني من الاجتماع، أمس الجمعة، جولة للمشاركين في الاجتماع عبر بعض المعالم السياحية والتاريخية لمدينة قسنطينة.
وقد صرح الأمين العام لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، محمد قريشي نياس، على هامش افتتاح الاجتماع، بأن فترة رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، كانت «من بين الأكثر نشاطا»، مشيدا بالمناسبة بالطاقم التقني والعلمي الجزائري الذي ساهم بشكل واسع – كما قال- في إنجاح تلك الفترة.
ما يحدث بفلسطين.. حرب إبادة..
أبرز رئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إبراهيم بوغالي، خلال افتتاح الاجتماع، ما تقوم به الجزائر في إطار عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي من أجل تفعيل قرار محكمة العدل الدولية بشأن القضية الفلسطينية.
وأكد بوغالي على «ضرورة تضافر الجهود من أجل متابعة مجرمي الحرب الصهاينة أمام القضاء الدولي ووضع حد لسياسة الكيل بمكيالين والإفلات من العقاب».
وشدد في السياق، على «حمل الكيان الصهيوني على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية والالتزام بتطبيق التدابير المؤقتة التي أقرتها محكمة العدل الدولية والوقف الفوري لحربه الهمجية والسماح، دون قيد أو شرط، بدخول المساعدات لكامل قطاع غزة».
وأضاف رئيس المجلس الشعبي الوطني، في هذا الصدد: «نسجل بارتياح كبير قرار محكمة العدل الدولية الصادر بشأن الدعوى القضائية التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد الكيان الصهيوني عن جرائم الإبادة الجماعية، خاصة وأن هذه المبادرة التاريخية جاءت من دولة ذات رصيد تاريخي ونضالي عريق في مكافحة التمييز العنصري والذود عن حقوق الإنسان».
واعتبر بوغالي هذه المبادرة «مكسبا هاما للقضية الفلسطينية ولكل القضايا العادلة»، موجها تحية تقدير لدولة جنوب إفريقيا حكومة وشعبا على هذا «الموقف الشجاع والنبيل الذي سيسجل بأحرف من ذهب»، كونها المرة الأولى التي تتم فيها مساءلة المحتل الصهيوني ومتابعته أمام القضاء الدولي عما يقترفه من جرائم في حق الفلسطينيين.
كما أكد، في ذات الشأن، بأن فظاعة ما يجرى في قطاع غزة من حرب إبادة شاملة «يشكل تهديدا كبيرا للمبادئ والقيم السامية التي تأسست عليها منظمة الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي الإنساني، خاصة في ظل التأييد الغربي المعلن والانحياز المفضوح للكيان الصهيوني»، مضيفا بأن الوضع المزري الذي يعيشه الشعب الفلسطيني الأعزل أضحى «وصمة عار» على جبين الإنسانية كلها، خاصة أمام «العجز المخجل» للمؤسسات الدولية في تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني.
ودعا بوغالي إلى جعل هذا الاتحاد «قاطرة لمبادرات هادفة وبناءة تساهم في تعزيز التضامن والتعاون بين العالم الإسلامي في مختلف المجالات». وأكد على «ضرورة تعزيز الوعي بالقضايا الإسلامية والعالمية المشتركة»، وقال: «إن التحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية كبيرة ومتشعبة وتفرض علينا اليوم أكثر من أي وقت مضى، بصفتنا ممثلين للشعوب، المزيد من التعاون وتنسيق الجهود من أجل بلورة تصورات واضحة لإمكاناتنا ولطاقاتنا ولأهدافنا المستقبلية».
كما دعا إلى «بناء مقاربات مشتركة تضمن لنا مكانة في النظام الدولي الذي هو الآن في طور التشكل، خاصة وأن أمتنا الإسلامية هي المستهدف الأكبر ضمن هذا المخاض العسير».
وأشار بوغالي، في السياق ذاته، إلى أن الاجتماع 50 للجنة التنفيذية والذي يجري بحضور أعضاء لجنة الشؤون الاقتصادية والبيئة لذات الاتحاد، يتمحور حول متابعة تنفيذ مخرجات المؤتمر 17 للاتحاد، الذي انعقد مطلع السنة الماضية بالجزائر، داعيا إلى بذل كل الجهود لإضفاء الطابع العملي على القرارات المنبثقة والحرص على تجسيدها. من هذا المنطلق، ذكر بوغالي بأن إنشاء حاضنة للمؤسسات الناشئة للشباب المسلمين من شأنه أن يعمل على حماية وترقية المشاريع المبتكرة والأنشطة المتصلة بالشباب، كان من أبرز قرارات المؤتمر 17 للاتحاد. لافتا في هذا الصدد، إلى أهمية الحرص على تجسيد هذا القرار «الهام» ليكون قاطرة لمبادرات أخرى لصالح الشباب المسلمين الراغبين في تجسيد مشاريع اقتصادية ناجحة.
وأفاد المتحدث، بأنه قد تم اقتراح مكان لإدارة هذه الحاضنة واستقبال حاملي الأفكار وأصحاب المشاريع المبتكرة وذلك بالقطب التكنولوجي بجامعة صالح بوبنيدر قسنطينة-3.
كما ذكر بوغالي، أن من بين التوصيات المنبثقة عن مؤتمر الجزائر «إطلاق استراتيجية تعاون بين الدول الأعضاء في الاتحاد في المجال الرقمي والأمن السيبراني»، مشيرا إلى عرض مشروع للإثراء يمكن اعتماده كاستراتيجية موحدة لمواجهة التهديدات التي تواجه العالم الإسلامي وخاصة الشباب، فيما يتعلق بالأمن الفكري والقيم الحضارية والثقافية.
توصيات
وتضمنت توصيات الاجتماع، التي قرأها يزيد بن حمودة، عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي «دعم المساعي المبذولة من طرف الجزائر لنصرة ومؤازرة القضية الفلسطينية، لاسيما طلبها الأخير من مجلس الأمن بتعجيل العمل على تطبيق قرارات محكمة العدل الدولية والمتضمن الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة ومحاكمة المجرمين». وتضمنت مخرجات الاجتماع كذلك «دعم الاتحاد لمسعى تمكين الدولة الفلسطينية من العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة والرفض القاطع للتهجير القسري للفلسطينيين والتأكيد على أن مستقبل فلسطين لا يقرره إلا الشعب الفلسطيني».
وثمنت التوصيات مبادرة جنوب إفريقيا في رفع دعوى ضد الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية، جراء أعمال الإبادة الجماعية التي يقترفها ضد الفلسطينيين في غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية المحتلة ومباركة التدابير الاستثنائية التي أقرتها محكمة العدل الدولية وحشد الدعم الدولي من أجل تطبيقها ووقف عملية الإبادة الجماعية وإلزام الكيان الصهيوني المجرم على الامتثال للشرعية الدولية والقانون الدولي.
كما تضمنت التوصيات دعوة كل الهيئات البرلمانية الوطنية والإقليمية والدولية لحث دولها على إرسال مساعدات إنسانية عاجلة لقطاع غزة وتثمين الديناميكية التي ميزت فترة الرئاسة الدورية لإبراهيم بوغالي لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وحرصه على مواكبة جميع الأحداث، خاصة تلك المرتبطة بالقضايا الجوهرية للأمة الإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. كما أبرزت التوصيات الحرص على العمل من أجل تجسيد ما تم إقراره في المؤتمر السابع عشر وما تم تقديمه من مبادرات في هذا السياق، لاسيما حاضنة المؤسسات الناشئة ومشروع الاستراتيجية المشتركة للأمن السيبراني والدعوة لمضاعفة اهتمام الاتحاد بالشأن الاقتصادي وتفعيل هيئاته في اتجاه العمل على تطوير المؤسسات الناشئة، من خلال التركيز على البحوث والدراسات وكل ما من شأنه دعم الشباب المسلم في إقامة مشاريع اقتصادية ناجحة وتعزيز الشراكات الثنائية والمتعددة بين دول الاتحاد.
ومن جملة التوصيات كذلك، ضرورة مواصلة العمل على تنفيذ ما يتم اتخاذه من قرارات وبذل كل الجهود من أجل تقوية دور ومكانة الاتحاد بين المنظمات الإقليمية والدولية والارتقاء به كهيئة تمثيلية للشعوب الإسلامية جديرة بحمل تطلعاتها والدفاع عن قضاياها المصيرية والدعوة إلى تعزيز التعاون بين برلمانات الاتحاد من خلال تبادل الخبرات والممارسات في العمل البرلماني وكل ما من شأنه ترقية التقارب بين ممثلي الشعوب الإسلامية.
للإشارة، فإن اجتماع قسنطينة تم بمشاركة 16 دولة و41 عضوا، وشهد تنظيم جلستي عمل مغلقتين تم خلالهما انتخاب أعضاء هيئة المكتب واعتماد جدول الأعمال وبرنامج عمل الاجتماع 50 للجنة التنفيذية ومتابعة تنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر 17 للاتحاد الذي انعقد بالجزائر في يناير 2023 وكذا اعتماد التقرير الختامي وإعلان الجزائر الصادر عن اللجنة التنفيذية للاتحاد.
جدير بالإشارة كذلك، أن رئيس المجلس الشعبي الوطني، والأمين العام لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، يشاركان في الاجتماع الخمسين للجنة التنفيذية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، تحسبا لانعقاد المؤتمر 18 لذات الاتحاد المقرر بكوت ديفوار.