أكد البروفيسور بوجمعة حمادة عميد كلية المحروقات بجامعة بومرداس “أن قمة منتدى الدول والحكومات والمصدرة للغاز التي ستحتضنها الجزائر نهاية شهر فيفري، جاءت في سياقات سياسية واقتصادية هامة وحساسة يمر بها العالم جراء الأزمات الدولية والإقليمية التي تعرفها عدد من الدول التي ألقت بظلالها على إمدادات الغاز الطبيعي اتجاه أوروبا التي تبحث عن مصادر أخرى موثوقة وأكثر أمانا في ضمان تزويدها بمصادر الطاقة، على رأسها الجزائر التي تملك كل المقومات الجيوسياسية للعب هذا الدور..
أوضح عميد كلية المحروقات والكيمياء البروفيسور حمادة بوجمعة في قراءاته التحليلية لأهمية انعقاد قمة الدول المصدرة للغاز بالجزائر في هذا الظرف والنتائج المنتظرة منها، “أن القمة تحمل الكثير من الدلالات السياسية والاقتصادية بالنظر إلى أهمية الغاز الطبيعي الذي لا يزال يشكّل المحرك الأساسي للاقتصاد العالمي وحفاظه على مكانته كطاقة حيوية ونظيفة وحاملا أساسيا لعملية الانتقال الطاقوي من جهة، ومحاولة التجاوب والتكيف مع التحديات الراهنة الناجمة عن الاضطرابات الجيوسياسية الدولية واستمرار التهديدات التي تتعرّض لها طرق ومضايق الإمداد البحري من جهة ثانية”.
كما أعتبر الباحث والخبير في مجال الطاقة “أن منتدى الدول المصدرة للغاز بالجزائر سيشكل فضاء مناسبا للبلدان الأعضاء والمراقبين من أجل التباحث والتشاور لتقارب وجهات النظر حول إنتاج وتوزيع الغاز والحفاظ على الأسعار التوافقية، وكذا دعم الحقوق السيادية للدول المصدّرة والرهان الاقتصادي المستقبلي خصوصا ما تعلّق بتطوير الانتاج واكتساب المعارف التكنولوجية المساعدة على عملية الانتقال الطاقوي، وأيضا توجيه رسالة طمأنة للدول المستهلكة والمستوردة لهذه المادة الحيوية خصوصا البلدان الأوروبية بمواصلة عملية الامداد بعيدا عن تأثيرات الأزمات الراهنة التي تعرفها بعض المناطق من العالم”.
وجدّد البروفيسور بوجمعة حمادة تأكيده على أهمية واستراتيجية الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المميع في ضمان حيوية الاقتصاد العالمي وتجنب حالات ركوده بالتأكيد “أن الغاز الطبيعي يعتبر عامل استقرار مهم في العالم وركيزة أساسية للتجارة الدولية والاقتصاد الدولي خاصة في ظلّ ارتفاع نسبة الطلب والاستهلاك لعدد من الاقتصاديات الكبرى والنامية كالهند والصين، مقابل احتدام الصراع بين روسيا والولايات المتحدة على السوق الاوروبية، حيث تحاول روسيا تعزيز نشاطها التقليدي كأكبر بلد مصدر للمنطقة، في حين تسعى الولايات المتحدة تثبيت أقدامها كبديل جديد يعتمد على الغاز المميع أو الغاز الصخري، دون إهمال دور ومكانة دول القطب الشمالي في هذا الصراع الدولي بالنظر إلى أهميتها سواء من حيث الإنتاج أو امتلاكها لطرق وممرات الغاز”.
وفي سؤال عن مكانة الجزائر دخل هذا الفضاء الطاقوي ودورها المحوري في تقريب الآراء للحفاظ على تماسك المنتدى، أكد الباحث الجامعي “أن الجزائر لها مكانتها الأساسية بين الدول المنتجة والمصدرة للغاز كطرف فاعل، وأيضا لها كلمتها ومصداقيتها لدى الدول المستهلكة والمستوردة للغاز الطبيعي في العالم خصوصا السوق الأوروبية التي تعتبر من الأسواق التقليدية بالنسبة للجزائر باعتبارها من الدول الرائدة في مجال استخراج وإنتاج الغاز الطبيعي والمميع والأولى في ربط عملية الإمداد سواء عن طريق البواخر أو عبر القنوات تحت البحر، وعليه فإن الجزائر تبقى شريكا فعالا وموثوقا بالنسبة لهذه الدول نظرا للموقع الاستراتيجي الذي تتمتّع به كقربها من الضفة الأخرى للمتوسط وقدرتها على تموين أوروبا واسبانيا مثلا في ظرف 6 ساعات فقط وهي ميزات لا تتمتع بها باقي الدول المنتجة البعيدة عن السوق الأوربية الهامة.
وفي ردّه على بعض القراءات والتحاليل المقدمة من قبل خبراء ومختصين حول امكانية تقديم مقترح إنشاء منظمة للدول المصدرة للغاز على شاكلة منظمة الأوبك المصدرة للنفط في اختتام أشغال المنتدى، استبعد البروفيسور بوجمعة هذه الفرضية بالنظر إلى الطبيعة القانونية للمنتدى وقانونه الأساسي الداخلي الذي يهدف إلى التشاور والتنسيق بين الدول الأعضاء من أجل ضمان التموين العالمي واستقرار الأسعار، وأيضا بالنسبة لإشكالية تسقيف كمية الإنتاج لكل دولة حفاظ على توازنات السوق التي تبقى بنظره سيادية توافقية وتتمتّع بالحرية المطلقة لكل دولة على حدّ تعبيره.