لم تخيّب أمريكا ظنّ العالم فيها، وأشهرت (الفيتو) في وجه قرار «وقف إطلاق النّار»، بينما لم يتجرّأ حلفاؤها التقليديّون على التصويت، فقد أيقنوا أنّ الأمر بلغ مداه، ولا يمكن لأيّ إنسان سويّ إلاّ أن يرضخ أمام الأمر الواقع، ويعترف أنّ ما يرتكب الصّهاينة من جرائم في حق الشعب الفلسطيني، فاق كل الحدود..
لكن أمريكا لها رأي آخر، يضادّ أمريكا نفسها، لأنّ (الفيتو) لم ينل من الفلسطينيّين، ولا من جميع الدول التي استبشرت خيرا بمشروع القرار، ولا حتى من الدّول التي ألجمتها (الحشمة)، فتخفّت وراء (الامتناع عن التصويت)، وإنما نال من أمريكا وحدها، فهي التي انقلبت على مبادئها، وأهانت أجيالا من فلاسفتها ومفكّريها ونوابغها، الذين ظلّوا عاكفين على مدى قرون، يؤسّسون للقيم الإنسانية النبيلة، ويرفعون ما ينفع الانسان.
نعم..لم تخيّب أمريكا ظنّ العالم فيها، فكل من على البسيطة يعرفون أنّ «العدالة» في التنظير الأمريكي، وحكايات «الإنصاف» وما شابه، لا تمثّل في عُرف السّلطة الأمريكية سوى «خطاب» يمرّر الأطروحات الكولونيالية، مثل «الحرية» تماما، فهذه تتّخذ منها أمريكا خبز يومها، وعنوان مجدها، ولكنها في مضمونها حرية «السّلطة الأمريكية وحدها»، وذريعتها المثالية لاستعباد البشر، والتنكيل بهم..
وماذا فعل الفيتو في الأخير؟! منح الضوء الأخضر للصهاينة كي يواصلوا جرائمهم؟! لم يأتِ بجديد إذن، لكن الصّالحين في جميع أنحاء العالم، سيقولون بصوت جهوري واحد..ندفن شهداءنا، ونعود للمطالبة بوقف إراقة دماء الفلسطينيّين..
ولا نامت أعين الجبناء..