لا نشك مطلقا بأن الوقائع التاريخية للثورة الجزائرية، تمثل خزانا حقيقيا ملهما، يمكن أن نفيد منه في الحفاظ على مقوماتنا الوطنية، خاصة في هذا الزمن (الكؤود) الذي فرّق شمل الأسر بشاشات هواتفه، وفرض تغييرات عميقة على المعاملات اليومية، وامتد إلى أعمق العادات السلوكية فأنشأ فيها (خزعبلات) تتدفق على الأدمغة من كل حدب وصوب..
ونعلم أن كثيرا من الجهود الطيبة، تبذل ما أمكنها في مواجهة الأفكار الغازية، غير أن الواقع يأتينا كل يوم بجديد (مذهل) يجعل الخطاب الاجتماعي المحلي أشبه بـ(النفخ في الرماد). وعلى هذا، ينبغي أن تتضافر جهود الجميع (مؤسسات وأفرادا) من أجل حماية الأجيال الصاعدة مما يتسرب إليها عبر منصّات التواصل، فقد تراجع كثيرا – في شوارعنا – حضور ذلك الجزائري الأبيّ الذي يسارع إلى النّجدة، ويرحم الضعيف، ويحضّ على المعروف، ويميط الأذى، ويوقّر الكبير، ويحترم الصغير، ويفشي السّلام، وتسلل ذاك الذي يصمّ أذنيه بسماعتين وهو يسير في الشارع على غير هدى، لا تعرف لطريقة حلاقته أصلا، ولا لأسلوب مشيته طريقة، بل صار الواحد من (هذه المخلوقات) يتجرأ على أستاذه في القسم، من كثرة ما التهم من مسلسلات (هوليودية) أوهمته أن (التّقدم) و(التعصرن) و(إثبات الذات) يمر عبر إهانة المحيطين به..
حينما نقرأ سِيَر الجزائريين الكبار ممّن ثاروا ضد الاستعمار الغاشم، نلمس الحكمة والشجاعة والمروءة التي تميّز بها الجزائري على مدار التاريخ، وندرك أننا قصّرنا كثيرا في الحفاظ على الروح الجزائري الأصيل، فنحن الذين ألقينا بفلذات أكبادنا إلى خضم أفكار لا نعرف لها أصلا ولا فصلا، دون أن نوجههم إلى ما يحتفظ لهم برقيّهم.. ولسنا نرى من سبيل للنجاة مما نحن فيه، سوى العودة إلى مكارم شهدائنا ومجاهدينا..