حذّر مسؤولون أمميون، مساء أمس الثلاثاء، من أن ما لا يقل عن 576 ألف فلسطيني في غزة، أي ما يعادل ربع عدد سكان القطاع، “على بعد خطوة واحدة من المجاعة” وأن طفلا واحدا من بين كل 6 أطفال دون سن الثانية في شمال غزة يعاني من سوء التغذية الحاد والهزال.
جاء ذلك خلال جلسة عقدها مجلس الأمن، تحت بند “حماية المدنيين في النزاعات المسلحة” وتم تخصيصها لبحث مسألة انعدام الأمن الغذائي في غزة، حيث استمع المجلس خلالها إلى إحاطات من نائب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة، رامش راجاسنغهام ونائب المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، كارل سكاو.
ومتحدثا عبر الفيديو، حذر راجاسنغهام من أنه “على الرغم من كآبة الصورة التي نراها اليوم، فإن احتمالات المزيد من التدهور قائمة”، مشيرا إلى أن العدوان الصهيوني وانعدام الأمن والقيود الواسعة النطاق على دخول وتسليم السلع الأساسية أدت إلى تدمير إنتاج الغذاء والزراعة بالقطاع.
كما تطرق إلى تحذير خبراء الأمن الغذائي من انهيار زراعي كامل في شمال غزة بحلول شهر مايو إذا استمرت الظروف الحالية، مع تضرر الحقول والأصول الإنتاجية أو تدميرها أو تعذر الوصول إليها، مشيرا إلى أنه لم يكن لدى الكثيرين خيار سوى التخلي عن الأراضي الزراعية المنتجة، بسبب أو امر الإخلاء والنزوح المتكرر.
وأضاف المسؤول الأممي أن الأعمال العدائية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين ونقص الإمدادات الأساسية، بما فيها الكهرباء والوقود والمياه، أدت إلى توقف إنتاج الغذاء فعليا، موضحا أن “الجوع وخطر المجاعة” يتفاقمان بسبب عوامل تتجاوز مجرد توافر الغذاء وأن عدم كفاية خدمات المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية “يؤدي إلى خلق حلقة من الضعف”، حيث يصبح الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية وخاصة بين عشرات الآلاف من المصابين، “أكثر عرضة للأمراض التي تؤدي إلى المزيد من استنزاف الاحتياطيات الغذائية للجسم”.
ونبّه إلى أن الارتفاع الحاد في معدلات سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات في قطاع غزة يشكل “مصدر قلق بالغ بشكل خاص” وأشار قائلا: “أضف الاكتظاظ والتعرض للبرد وغياب المأوى الملائم إلى هذا النقص في التغذية، فتكون بذلك قد خلقت الظروف الملائمة لتفشي الأمراض الوبائية على نطاق واسع”.
وجدد المسؤول في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التأكيد على أن العاملين في المجال الإنساني يواجهون “عقبات هائلة لمجرد إيصال الحد الأدنى من الإمدادات إلى غزة، ناهيك عن تصعيد الاستجابة المتعددة القطاعات التي ستكون مطلوبة لتجنب المجاعة”.
وفي إحاطته أمام المجلس، أشار نائب المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، كارل سكاو، إلى تحذير لجنة استعراض المجاعة من احتمال حقيقي لحدوث مجاعة بحلول شهر مايو مع تعرض 500 ألف شخص للخطر إذا سمح لهذا التهديد بأن يتحقق.
وأكد المسؤول الأممي، استعداد برنامج الأغذية العالمي لتوسيع نطاق عملياته ومضاعفتها بسرعة في حال حدوث اتفاق لوقف إطلاق النار، محذرا من أن خطر المجاعة يتفاقم بسبب عدم القدرة على إدخال الإمدادات الغذائية الحيوية إلى غزة بكميات كافية وظروف العمل الصعبة التي يواجهها موظفو البرنامج في القطاع.
وشدد على ضرورة العمل لتجنب المجاعة وأن ذلك يتطلب أكثر بكثير من مجرد الإمدادات الغذائية، ونوه قائلا: “لكننا غير قادرين على توفير الغذاء بشكل منتظم أو كاف للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليه وتظل الحقيقة أنه بدون وصول آمن وموسع إلى حد كبير، لا يستطيع عمال الإغاثة القيام بعملية إغاثة بالحجم المطلوب لإنهاء الأزمة الإنسانية الحادة التي تجتاح غزة الآن”.
وأكد نائب المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي على ضرورة استعادة الخدمات الأساسية، بما في ذلك الخدمات الصحية وشبكات الكهرباء وخطوط المياه والصرف الصحي، مؤكدا أن “الأونروا” هي المنظمة الوحيدة التي تملك القدرة على الإشراف على هذه البنية التحتية الحيوية في غزة وإدارتها.