تنطلق اليوم بالجزائر الفعاليات التحضيرية للقمة السابعة لمنتدى البلدان المصدرة للغاز، التي ستكون السبت المقبل، حيث تكون أنظار العالم مشدودة نحو هذا اللقاء التاريخي الحاسم، لوضع الدول المنتجة في مسار جديد، يوافق التحولات الجيو ستراتجية، رافعة بذلك تحديات كبرى وعازمة على مناقشة العديد من القضايا الأساسية والمصيرية لمستقبل إنتاج والإمداد بطاقة الغاز، الوقود الأمثل والأنظف من الطاقات الأحفورية التقليدية.
ملف: فضيلة بودريش وهيام لعيون و”الشعب”
من المرتقب أن تشهد القمة، مشاركة قياسية بهدف تفعيل التعاون، من أجل ترسيخ مستقبل واعد في مجال صناعة الغاز، عبر التتويج بقرارات جريئة ومفصلية، تحدد الأهداف المقرر تجسيدها إلى غاية آفاق 2030، وستكون الجزائر بسمعتها وخبرتها وريادتها الطاقوية، أحد الشركاء الهامين والموثوقين، شريكا فاعلا في هندسة وإصدار القرارات بنظرة احترافية وخبرة طويلة، تصل إلى ستة عقود كاملة.
كما ينتظر كذلك من قمة الجزائر، أن تلتئم لتكون مؤثرة في النظام الطاقوي العالمي، لأن الغاز يشهد دورا متزايدا في المزيج الطاقوي العالمي، وطلبا لا ينقطع، رغم الهدوء النسبي المسجل على مستوى الأسواق في الفترة الراهنة.
سيقول أكبر المنتجين كلمتهم في الجزائر، وسيكون لوقع قراراتهم المؤثرة صدى في خارطة الغاز العالمية، وقد ترى النور منظمة جديدة لهذه الدول، تتعدّد أدوارها في سوق كبير يضم منتجين محترفين وثروة ضخمة لا ينبغي التوقف في الاستثمار فيها، لأن العالم مازال بحاجة ماسة إلى ثروة الغاز، ولقاء الجزائر سيضفي المزيد من التنظيم ويحافظ على الكثير من الاستقرار، على اعتبار أن مصلحة المنتجين والمستهلكين واحدة، تتمثل في توازن واستقرار السوق وضمان استمرارية الإمدادات.
الجزائر.. دور قيادي وسيادي في صناعة القرار وتأمين الأسواق
من المقرّر أن تعرف قمة الجزائر لمنتدى البلدان المصدرة للغاز رسم مسار أكثر دقة ويحمل الكثير من الرهانات، كما أنه من المتوقع تسطير أهداف جديدة تتوافق مع طموحات المنتجين، ومع التغيرات الكبيرة المسجلة على مستوى أسواق الطاقة، مع الأخذ بعين الاعتبار تغيرات المناخ، وينبغي الإشارة إلى أن الجزائر المحتضنة لهذا الحدث الطاقوي البارز سيكون لها دور قيادي ساطع ومؤثر في صناعة القرار وإدارة حوار عميق ومثمر بين الدول الأعضاء.
هناك العديد من التوقعات المسجّلة عشية انعقاد قمة منتدى البلدان المصدرة للغاز بالجزائر، ولعلّ أبرزها، حجم الفرص العديدة المتاحة، وأهمها إمكانية أن تسفر هذه القمة السابعة، عن إعادة تشكيل خارطة طاقوية عالمية مختلفة، يكون للدول المنتجة تنسيق أكبر على صعيد الإمدادات المطروحة وتحسين كفاءة التموين ومع تسقيف الأسعار، إلى جانب الاستمرار في الدفاع عن طاقة الغاز، كوقود أكثر نظافة والخيار الأفضل ضمن المزيج الطاقوي. غير أن الإشكاليات الكبرى والتساؤلات المفترضة سترتكز، على مدى قدرة هذه البلدان المستحوذة على ما يقل عن سقف 70 بالمائة من احتياطي الغاز العالمي، وأزيد من 40 بالمائة من الإنتاج المسوّق وكذا نحو 47 بالمائة من صادرات الغاز عبر الأنابيب، وأكثر من نصف صادرات الغاز الطبيعي المسال على المستوى العالمي، في تسعير الغاز عبر الأسواق العالمية.
توجد سلسلة من التحديات المسطرة في أجندة القمة المنعقدة يوم السبت المقبل، وليوم واحد فقط، غير أنه تسبقها فعاليات وتحضيرات ستجري اليوم الخميس وغدا الجمعة، فهل فعلا ستتمكن القمة من تسعير جيد للغاز في الأسواق؟.. تماما مثل ما يسري عليه النفط، وهذا يقودنا إلى إثارة مسألة التفكير الجدي الجاري وسط البلدان المنضوية تحت لواء المنتدى في إنشاء منظمة قائمة بذاتها، تحافظ على مصالح المنتجين للغاز وتستقطب منتجين آخرين، ليسهل عليها مهمة توحيد التسعيرة وضمّ أكبر عدد من المنتجين وتكون بذلك قوة مؤثرة في القرارات الإستراتجية لتوجهات مسار أسواق الغاز وتنظيم الأسواق بشكل جيد.
جاء اختيار الجزائر لتكون المحتضن والمشرف على عقد هذه القمة في هذا التوقيت بالذات، من منطلق موقعها المهم كرائد في الإنتاج وصاحب احتياطي كبير، وأهم مصدر لإمداد دول أوروبا بالغاز الطبيعي عبر الأنابيب، إلى جانب قدراتها الضخمة والهائلة على إسالة وقود الغاز وتصديره عبر الموانئ، كذلك برهنت الجزائر المتمكنة في السنوات الأخيرة، من تحقيق استكشافات مهمة والرفع من إنتاجها وعدم التوقف في إمداد الأسواق وتأمينها في عزّ أزمة التموين خلال السنوات الماضية، على قدرتها في لعب دور قيادي في صناعة القرار وضخ المزيد من الغاز لتأمين الأسواق من شحّ هذه المادة الإستراتجية، وما يضاعف من أهمية دور الجزائر المقبل، اختيارها لإقامة مقر معهد الأبحاث في الغاز التابع للمنتدى بهدف المساهمة في إرساء التوازن في الأسواق الخارجية، كون الجزائر تعرف بحنكتها وحكمتها ولديها رصيد كبير من الخبرة، يرشحها لإدارة وفتح حوار مثمر وعميق بين الدول الأعضاء، وتحديد الرؤى حول الدور المستقبلي المسطر للغاز الطبيعي، على خلفية أن الدول الأعضاء في منتدى الدول المصدرة للغاز، دون شكّ تبحث عن إمكانية الرفع من صادرات للغاز الطبيعي وكذا المسال على حدّ سواء، خاصة بالنسبة للدول صاحبة أكبر إنتاج، على غرار الجزائر وروسيا وإيران وقطر ومصر، ودون شكّ فإن القمة ستفتح أبواب التعاون بين هذه البلدان ليس فقط للحوار والتشاور والتنسيق التقني والتجاري، بل على صعيد البحث وتحويل التكونولوجيا.
إذا يحتضن المركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال”، الطبعة السابعة لقمة منتدى الدول المصدرة للغاز، ويرتقب تسجيل مشاركة رؤساء دول ووزراء في البلدان الأعضاء البالغ عددها 12، ويتعلّق الأمر بكل من الجزائر وروسيا ومصر وإيران وقطر وليبيا وفنزيلا والإمارات العربية المتحدة وبوليفيا وغينيا الاستوائية ونيجيريا وترينيتي وتوباغو، بالإضافة إلى مشاركة البلدان الملاحظة في المنتدى، وعددها 7 وتشمل كل من العراق وموريتانيا وأنغولا وأذربيجان وماليزيا والموزمبيق والبيرو.
يذكر أنه خلال القمة الحالية، ينتظر طرح الطبعة الجديدة من توقعات الغاز العالمية 2050 للمنتدى، “النشرية السنوية للمنتدى”، وسترصد بالتحليل الدقيق واقع الأسواق الغازية العالمية والإقليمية وتتناول بالموازاة مع ذلك دور الغاز الطبيعي في الانتقال الطاقوي وما إلى غير ذلك.
مدير التنظيم بوزارة الطاقة أمير علي أمير: الجزائر بلد جاذب للاستثمارات بفضل تشريع مليئ بالتحفيزات
تعد الجزائر بلدا جاذبا للاستثمارات الأجنبية في مجال المحروقات بفضل التحفيزات التي تضمنها قانون المحروقات الجديد لفائدة المستثمرين، بحسب ما أكده مدير التنظيم والدراسات القانونية بوزارة الطاقة والمناجم، أمير علي أمير، متوقعا أن تشهد السنة الجارية “استثمارات أجنبية هامة في مجال المحروقات، ولاسيما الغاز”.
أوضح أمير علي بأن الجزائر، التي ستستضيف نهاية الأسبوع القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز”GECF”، شهدت “تطورا كبيرا في استثماراتها الأجنبية في مجال استكشاف وإنتاج المحروقات، بعد صدور القانون الجديد المنظم لنشاطات المحروقات سنة 2019، بفضل التحفيزات التي تضمنها”.
وتهدف هذه التحفيزات، يضيف المسؤول، إلى جذب استثمارات أجنبية جديدة في قطاع المحروقات، وتبسيط الإجراءات الإدارية والعملية للقيام بالأنشطة النفطية، مع تقليص التكاليف والآجال التي يمكن ان تعيق حسن سير هذه الأنشطة، كما تضمن عائدا مقبولا على الاستثمار للشريك الأجنبي مقارنة بما تقدمه الدول المنافسة.
ومن أهم هذه التدابير، التنوّع في صيغ إبرام العقود في مجال المحروقات، المتمثلة في عقد المشاركة، وعقد تقاسم الانتاج، وعقد الخدمات ذات المخاطر، وهو الأمر الذي “يمنح المستثمرين حرية اختيار الصيغة المناسبة للتعاقد، والتي يجدونها مناسبة لهم للنشاط في الميدان المنجمي الوطني”، بحسب المسؤول ذاته.
وتعد أهم ميزات هذا التنوع في الصيغ “إمكانية التفاوض على شروط وبنود كل عقد دون التقيد بنظام تعاقدي وجبائي واحد قد يعيق تطور القطاع المنجمي للمحروقات، وذلك نظرا لخضوع كل صيغة من صيغ هذه العقود لنظام قانوني وجبائي خاص بها”.
كما تم ضمن هذا القانون الجديد، وضع نظام جبائي بسيط وواضح وقابل للتطور، حيث تم تكييفه مع الأشكال التعاقدية، وتبسيطه من خلال مواءمته مع الممارسات الدولية في هذا المجال.
وبموجب هذا النظام، تم تخفيف العبء الضريبي على الاستثمار، وهو الأمر الذي “يمكن المستثمرين من الحصول على حد أدنى من العائدات البترولية يضمن تعويض نفقاتهم وتحقيق أرباح مناسبة، مع مراعاة الوضع الجيولوجي والبيئة الاقتصادية”، يضيف مسؤول وزارة الطاقة والمناجم.
كما تم تبسيط هذا النظام من حيث عدد الضرائب والرسوم وكيفية تحديدها، حيث يستند أساسا على أربعة ضرائب ورسوم تتمثل في الرسم المساحي، الإتاوة، الضريبة على الدخل البترولي، والضريبة على الناتج. وتم اعتماد وحدة جبائية واحدة فقط بالنسبة لكل عقد، وهي الرقعة الذي يغطيها امتياز المنبع أو عقد المحروقات.
من جهة أخرى، أوضح السيد أميرعلي أنه تم في إطار هذا القانون منذ صدوره التوقيع على 6 عقود في المحروقات مع شركات أجنبية عالمية والتي نتج عنها عدة استثمارات.
وفي السياق ذاته، كشف المسؤول، أنه، وخلال السنة الجارية، “سيتعزز قطاع المحروقات في الجزائر، في إطار القانون المنظم لنشاطات المحروقات، بعدة استثمارات في مجال الاستكشاف والاستغلال، لاسيما في قطاع الغاز مع شركات عالمية ضخمة”، مضيفا أن “هذه المشاريع تجاوزت مرحلة الدراسة، وهي الآن في مرحلة المشاورات التعاقدية”.
ولتشجيع الاستثمار أكثر “تعمل الوزارة حاليا على التحضير لمناقصة وطنية ودولية في مجال استكشاف واستغلال المحروقات”، حيث تم في هذا الإطار “تنصيب لجنة مختصة تضم ممثلي وكالات القطاع ومؤسسات وطنية، وهي تقوم حاليا بالتحضير للمشاريع التي سيتم طرحها في هذه المناقصة”، بحسب ما أعلنه مدير التنظيم والدراسات القانونية بالوزارة.
خبراء طاقة بجامعات جزائرية يتحدثون عن أهمية القمّة والدور الجزائري في سوق الغاز
أكد خبراء في مجال الطاقة بعدد من الجامعات الوطنية أن القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز التي تعقد بالجزائر تعكس أهمية ومكانة الجزائر المتقدمة في صناعة وتصدير هذه الطاقة عالميا وسيكون لها انعكاسات إيجابية على عدة أصعدة.
أكد هؤلاء الخبراء أن أهمية هذه القمة تكمن في انعقادها في أوضاع دولية تتميز بتحولات جيو-سياسية رفعت من الطلب على الغاز، منها الأزمة في أوكرانيا والعدوان على غزة التي تجعل إعادة هيكلة سوق الغاز عالميا وتأمين استقرار السوق بخلق توازن بين الدول المنتجة والمستهلكة، من أكبر تحديات قمة الجزائر.
كما أجمعوا على أن اجتماع كبار منتجي الغاز في العالم سيعزز مكانة هذا المنتدى كمنصة عالمية للحوار والتشاور والتنسيق بين الدول المنتجة والمستهلكة ويفتح آفاقا واسعة للتعاون في البحث والتكنولوجيا الخاصة بالغاز الطبيعي، وتوسيع دور هذا المورد الحيوي في تحقيق الأمن الطاقوي.
وترى الخبيرة في مجال الغاز من كلية المحروقات والكيمياء بجامعة بومرداس، سعيدة يسبع، أن قمة الجزائر ستكون “أكبر فضاء عالمي يمكن للمشاركين فيه تبادل الأفكار والتجارب في عدة مجالات كاستقرار السوق العالمي ونقل الابتكار التكنولوجي وتطوير الاستدامة في صناعة الغاز”.
وأضافت أن للجزائر “مكانة هامة وبارزة عالميا” في مجال الغاز الطبيعي، فهي “من أكبر المنتجين في العالم وتتمتع بقدرات كبيرة في التصدير والنقل من خلال شبكة متطورة تواكب تعاقدات التصدير المبرمة مع عدة دول عبر العالم”.
بدوره، أكد الخبير في الطاقات المتجددة والغاز، البروفيسور عبد العظيم بن صغير، عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية لجامعة بومرداس، أن الجزائر “دولة مالكة لقرارها وذات سيادة واختارت الحياد في قضايا دولية كثيرة قياسا بدول أخرى منتجة ومصدرة للغاز”، وبالتالي فإن القمة، كما قال، ستكون “ناجحة بالنظر إلى علاقات الجزائر الدولية وسمعتها الجيدة دوليا وإقليميا، إضافة إلى أن مكانتها المرموقة وسط الدول المنتجة والمستهلكة للغاز الطبيعي”.
أما المختص في الطاقات المتجددة، بن يوسف عبد الله، من جامعة تلمسان، فيرى في قمة الجزائر “فرصة ثمينة قد تساهم في تحديد استراتيجيات ناجعة” للغاز مع الطاقات المتجددة، مبرزا أن موضوع إنتاج الهيدروجين الأخضر سيكون واحدا من بين المواضيع التي ستتطرق لها هذه القمة.
واعتبر بن يوسف أن انعقاد القمة سيعطي للجزائر “صدى عالميا ويجعلها في الصفوف الأولى الرائدة في المشهد الطاقوي العالمي”.
من جهته، أشار رشيد حناوي، من مخبر البحث للعلوم الاقتصادية بجامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان، الى أن “الغاز يشكل المورد الأساسي للتنمية الشاملة والمستدامة وله دور كبير في الانتقال الطاقوي”، متوقعا أن تأتي القمة بالجديد فيما يتعلق بتطوير تكنولوجيات استغلال الغاز وتوظيفه في مجال الطاقات المتجددة “الصديقة للبيئة وغير المكلفة”.
أما الخبير الإقتصادي لعلا رمضاني، أستاذ العلوم الإقتصادية بجامعة عمار ثليجي بالأغواط، فيؤكد أن القمة “حدث دولي هام يعكس أهمية المكانة الريادية التي تتمتع بها الجزائر في أسواق الطاقة على الصعيد العالمي”، خاصة أن الجزائر، كما قال، هي “ثاني مورد للغاز إلى أوروبا بحوالي 26 مليار متر مكعب بعد النرويج وذلك عقب الأزمة الأوكرانية التي أدت إلى تراجع الإمدادات الروسية إلى أوروبا الغربية خاصة”.
بدوره، يرى الباحث في العلاقات الدولية من نفس الجامعة، البروفيسور علي بقشيش، أن أهمية القمة تكمن في كونها تصب في اتجاه مساعي المنتدى لاستحداث منظمة مشابهة لمنظمة الدول المصدة للبترول (أوبك)، معتبرا إياها فرصة لدعم الدبلوماسية الطاقوية، كون الغاز، كما أكد، “ورقة سياسية في غاية الأهمية في سبيل تحقيق أهداف سياسية واقتصادية قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى”.
من جهته، أكد الدكتور عزاوي عبد الباسط، وهو أستاذ في تخصص الاقتصاد بجامعة أمين العقال الحاج موسى آق أخاموك بتمنراست، أن القمة فرصة “حقيقية” لإرساء رؤية إستشرافية حول إنتاج وتسويق الغاز تمتد إلى آفاق 2050، وأن ما سيترتب عنها من قرارات سيساهم في دعم فرص در مداخيل معتبرة لفائدة الدول المصدرة للغاز كما ستساعد على إنشاء تحالف قوي بينها لفرض شروط جديدة على السوق.
وسجل بالمناسبة أن الجزائر التي تعد قطبا إستراتيجيا في سوق الغاز، “بإمكانها القيام بأدوار هامة لدعم منظومة الدول المصدرة للغاز، خاصة أنها تمتلك عاشر أكبر إحتياطي عالمي للغاز، وستظل الممون الأساسي لأوروبا بالغاز”، متوقعا أن يرتفع ترتيبها “بشكل أكبر مستقبلا استنادا إلى عدة مؤشرات”.
وقال إن القمة ستعمل كذلك على تعزيز سيادة الدول المصدرة للغاز على مواردها وتحقيق تكامل وتعاون بينها ضمن رؤية مبنية على مبادئ التنمية المستدامة.
وأكد أن أنبوب الغاز العابر للصحراء من نيجيريا إلى الجزائر سيساهم في ترقية سوق الغاز الطبيعي، إذ سيسمح بتنويع إمدادات الغاز لأوروبا، وهو فرصة “حقيقية’’ لتحقيق التنمية على مستوى الدول الإفريقية الثلاثة التي يمر عبرها وهي نيجيريا والنيجر والجزائر، من خلال تحقيق مداخيل مترتبة على مروره بها وتوفير مناصب عمل لشريحة كبيرة من مواطني هذه الدول.
أما عميد كلية العلوم الاقتصادية والتجارية والتسيير بجامعة وهران-2 “محمد بن أحمد”، الخبير الاقتصادي فاروق تشام، فيؤكد أن القمة “ستعزز مكانة الجزائر الرائدة ومصداقيتها مع شركائها من الدول” في مجال الغاز وبإمكانها أن تكون “انطلاقة جديدة ونقطة تحول لسوق الغاز العالمية التي سيتم ضبطها وتنظيمها بعيدا عن الضغوطات التي تمارسها الدول الكبرى”.
البروفيسور بجامعة ورقلة والخبير في الشأن الاقتصادي بن الحبيب محسن، اعتبر أن القمة محطة هامة في سعي الدول الأعضاء للذهاب نحو استقرار سوق الغاز العالمية وضمان إمدادات مستقرة من الغاز الطبيعي بأسعار عادلة في ظل التحولات والتحديات التي تواجه صناعة الغاز الدولية وتنافس دول جديدة كالولايات المتحدة على حصة في السوق.
وقال إن الغاز يشكل حوالي %23 من إجمالي استهلاك الطاقة العالمي، ومن المتوقع أن يزداد الطلب عليه بنسبة %25 بحلول عام 2040 في ظل التحول نحو مصادر طاقة أنظف.
الخبير عبد الكريم عزيب: حضور قوّي ونوعي مرتقب لقمّة الجزائر.. وهذه هي الأسباب
ستكون القمة السابعة لمنتدى الغاز التي تعقد التي تنطلق فعالياتها التمهيدية اليوم بالجزائر العاصمة، تاريخية من جميع النواحي نظرا لعدة اعتبارات، أهمها السياق الدولي، الذي يتميز بوجود ظروف حساسة جدا أثرت على سوق الغاز في العالم، إلى جانب الحضور النوعي المرتقب لمختلف الدول الأعضاء، نظرا للريادة التي تحتلها الجزائر عالميا في هذا المجال، وللمكانة التي تؤهلها أن تكون دولة محورية تقود توافقات سياسية واقتصادية تحافظ على مصالح الدول الأعضاء في “الفوروم”، ولم لا استقطاب شركاء جدد تمهيدا لرسم الخارطة الطاقوية في العالم، وبناء أرضية صلبة تحضيرا لإنشاء منظمة الغاز الدولية، في إطار حوار استراتيجي وبناء مما يسمح بتعزيز التعاون بين كل الدول في ميدان الغاز لوضع آليات ضبط السوق، كل هذه المعطيات ستتوّج بإعلان الجزائر. هذا ما يؤكده الخبير في مجال الطاقة عبد الكريم عزيب.
وشدّد الخبير الطاقوي، عبد الكريم عزيب، على أن احتضان الجزائر للقمة السابعة لرؤساء وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز، سيكون حدثا تاريخيا، يكرّس مكانة الجزائر كدولة رئيسة في مجال إنتاج، تصدير وصناعة الغاز الطبيعي بنسبة عالية في مجال الإدماج، حيث تلعب الجزائر دورا هاما باعتبارها تحتل مراتب متقدمة في قائمة الدول التي تحوز على احتياطات هامة للغاز الطبيعي، ما يعزّز من موقعها في المنتدى وفي السوق الغازية العالمية، كما تعتبر شريكا جد موثوق خاصة في السوق الأوروبية، وهو السوق الأساسي للغاز الطبيعي في العالم.
وأوضح الخبير، أن الجزائر في مستوى تطلعات الدول الأعضاء لتحقيق الأهداف المرسومة، لإنجاح هذه القمة للحفاظ على مصالح الدول المصدرة والمستهلكة للغاز، حيث تعتبر الأخيرة شريكا اقتصاديا، إلى جانب ضبط سوق الغاز وإيجاد آليات للتحكم في الأسعار، الأمر الذي من شأنه أن يعزّز العلاقات بين الدول المصدّرة للغاز ويحافظ على سيادة هذه الدول، من خلال المساهمة في تسيير وتطوير صناعة الغاز في العالم، في إطار ضخ استثمارات نوعية ذات تكنولوجيا عالية.
وأكد المتحدث على استقطاب شركاء خارج المنتدى وتقديم حوصلة حول انجازات “المنتدى” منذ إنشائه سنة 2001، للخروج بأرضية توافقية، من أجل إنشاء منصة هامة لتعزيز الحوار الدولي والبحث والتطوير في الجانب الغازي للدول الكبرى، من خلال تبني حوار استراتيجي وتعاون بين كل الدول مع الاستشراف لبناء ورسم طريق لمستقبل طاقوي آمن ومستدام، إضافة إلى خلق مجال تلتقي فيه الأهداف وتطوير الابتكارات، بما يسمح بإصدار قرارات سيادية في السوق الغازية، والحفاظ على احتياطات كل بلد مصدر للغاز، مع السعي لاستقطاب أعضاء جدد للمنتدى”.
«فوروم الجزائر ــ يضيف محدثنا ــ سيوّحد المقامات بين الدول الأعضاء التي تمثل 70 بالمائة من احتياطات العالم من الغاز، ما يجعلها قوّة ضاربة في هذا المجال، لذلك لابد لها من وضع آليات للتحكم في السوق الغازية، لتجنب حدوث تصدعات وحالة من اللا استقرار.
وحول أهمية هذا المنتدى، توقع الخبير الطاقوي، أن تلعب الجزائر دورا كبيرا في وضع خارطة طاقوية عالمية، وتساهم في وضع إستراتيجية توافقية بين دول المنتدى، مع إرساء ضوابط تمكّن الدول الأعضاء في المنتدى من التحكم في السوق الدولية الغازية، نظرا للمعطيات المتاحة من إنتاج وصناعة وتحكم في التكنولوجيا.
وأضاف أن “هذه الطبعة، ستُعقد بحضور رؤساء الدول الأعضاء في المنتدى، وهذا بالنظر للمكانة التي تحظى بها الجزائر دوليا كونها دولة “ذات سيادة”، سيّدة في قراراتها، ولا تخضع لأي إملاءات خارجية ما جعلها تحظى بأهمية ومكانة جد مرموقة، ولأنها من الدول الرائدة في تصدير الغاز الطبيعي، وهو ما يجعلها دولة فعالة في المنتدى، وعضو جد مؤثر في مخرجات القمة، كذلك الجزائر لها مكانة كبيرة في إحداث التوافقات السياسية بين الدول، فما بالك على الصعيد الاقتصادي، فالقمة العالمية تكتسي أهمية كبيرة ليس فقط لوجود ظروف عالمية متغيرة حساسة ولكن كون الجزائر من الدول الرائدة في الاستثمارات، ولمكانتها في السوق الدولية وفي أوروبا، كل هذا يجعل من القمة ذات اهتمام كبير كونها ستنعقد بالجزائر”.
وضمن هذا السياق، أشار عزيب إلى أن دول المنتدى تسعى هذه المرة لإنشاء منصة توافقية إستراتيجية بين الدول الأعضاء، تسمح بضبط السوق الغازية والتحكم في الأسعار، من باب أن هذا المنتدى يكتسي أهمية لا تقل عن اجتماعات منظمة النفط أوبك، موضحا أن الحديث عن إنشاء منظمة للدول المصدرة للغاز الطبيعي خلال قمة الجزائر ربما سيكون هدفا منشودا للدول الأعضاء، للتحكم في مجال الغاز، وذلك لن يحدث ــ يضيف محدثنا ــ إلا بعد إعداد أرضية توافقية ووضع آليات وميكانيزمات للتحكم في أسعار الغاز التي تخضع لعوامل خارجية.
وعن مخرجات القمة التي تتوج بـ “إعلان الجزائر”، أشار عزيب أنها ستعكس الرؤية المتعلقة بمختلف المسائل المرتبطة بالغاز، مثل انتقال طاقوي آمن، مع استشراف الأهداف المستقبلية وخير دليل إنشاء المعهد الذي سيكون بمثابة الأداة الفعالة في مجال صناعة والتكنولوجيات الغازية.
وعلى ذكر هذا المعهد، المنتظر احتضان العاصمة الجزائر مقره، أكد محدثنا أن بلدنا تتشرف باحتضانه، حيث يعتبر إضافة كبيرة لها، ومن شأنه أن يعكف على إيجاد الحلول التكنولوجية الفعالة والمبتكرة لتعزيز مكانة الغاز الطبيعي في عملية الابتكار الطاقوي وتثمين مكانة الغاز في الأسواق العالمية كطاقة نظيفة ومتعددة الاستعمالات، كما أن المعهد يعتبر علامة تقدير وثقة من طرف المنتدى للجزائر بصفتها دولة رائدة، وبمثابة مكافأة لها، حيث من المكن أن نستفيد منه كبلد مستثمر ومنتج ومصنع للغاز، واقترح الخبير تمويل استثمارات نموذجية للجزائر هدفها تطوير تكنولوجيات، للوصول إلى دراسات جديدة في ميدان تطوير الصناعات الغازية، والبتروكيماوية.
الخبير أحمد طرطار: فرصة للاستفادة من خبرة الجزائر في تقريب رؤى الفرقاء والأقطاب
يشكل انعقاد منتدى الدول المصدرة للغاز بالجزائر “فرصة” كبيرة بالنسبة للدول الأعضاء، نظرا لخبرة البلاد في “التعاطي الايجابي” مع جميع الفرقاء والاقطاب وقدراتها على تجميع الرؤى وتقريبها، بحسب ما أفاد به البروفيسور بجامعة تبسة، الخبير في مجال الطاقة، أحمد طرطار.
وأوضح طرطار، أنه ينتظر، خلال القمة التي تستضيفها الجزائر، توسيع المشاورات بين المنتجين وتبادل الآراء والتوجيهات للخروج بنتائج “قد تحدث طفرة في مجال صناعة الغاز على غرار الطفرة النوعية التي سجلتها منظمة اوبك بتشكيل تحالف أوبك+ بالجزائر سنة 2016 في مجال النفط”.
ويرى الخبير أن “الجزائر بوابة لأوروبا وبوابة لإفريقيا وعليها استثمار تجربتها في التعاطي الايجابي مع كل الفرقاء والاقطاب، لرسم سياسات للحفاظ على مورد الغاز واستدامته على المدى الطويل”.
وأضاف بأن “تجربة التماشي مع المؤثرات الدولية اكسبت الجزائر نظرة خاصة في المجتمع الدولي”، مشيرا الى أن قمة الجزائر جاءت في ظل ظروف جيوسياسية دولية استثنائية فرضتها الأزمة الأوكرانية-الروسية وانعكاسات الحرب الصهيونية على غزة وما فرضته على سريان الطاقة في البحر الميت وباب المندب، إلى جانب تداعيات جائحة كوفيد-19 التي أدت إلى تعطل الاقتصاد الدولي وانكماشه.
وأكد أن على دول المنتدى “الاستفادة من التجربة الدبلوماسية الجزائرية” لتقريب الرؤى من اجل “رسم معالم استراتيجية واضحة تسمح بالحفاظ على امدادات الغاز الطبيعي والمحافظة على الاستثمارات الكفيلة بمضاعفة المنتوج وزيادة احتياطاته”.
ودعا الاستاذ الجامعي الى ضم المزيد من الدول الافريقية التي تزخر بالموارد الغازية للمنتدى، مما سيسمح، كما قال، بتحقيق مكاسب اضافية.
ومما ينتظر من القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز، بحسبه، هو نجاحها في تكريس الغاز كمورد منتج لبدائل طاقوية جديدة أو متجددة كالهيدروجين الأخضر والكهرباء والأمونيا، إلى جانب استعمالاته التقليدية المعروفة.
وذكر في هذا السياق، أنه وعلى الرغم من وجود دراسات تشير الى أن المنتوج الاحفوري سينفذ بحلول العام 2050، إلا أن العديد من الدراسات الحديثة تؤكد أن الطاقات الأحفورية ستستمر عبر مدة زمنية لا تقل عن 100 سنة قادمة، وهي الدراسات التي ستساعد المنتدى، بحسبه، في وضع “الاستراتيجيات الصحيحة” فيما يتعلق بصناعة الغاز.
ويرى الباحث الجامعي أن توصل المنتدى لـ “سياسات مشتركة” تفضي الى أسعار بيع تلبي احتياجات البلدان المنتجة وايجاد “صيغ جديدة” للأسعار يعد أكثر من ضروري في الظرف الراهن، داعيا إلى “فك الارتباط القائم بين سوق الغاز وسوق النفط”.
الخبير الروسي إيغور يوشكوف: الجزائر تضمن التموين الطاقوي لأوروبا بكل أشكاله
ستشكل القمة السابعة لمنتدى رؤساء وحكومات الدول المصدرة للغاز، التي تعقد بالجزائر، أرضية لمناقشة التغيرات الحاصلة على الساحة الطاقوية العالمية سيما خلال سنتي 2022-2023، بحسب ما أكده خبير الطاقة الروسي، إيغور يوشكوف، مضيفا أنه لا يستبعد قيام البلدان المشاركة “بتدابير مشتركة” من أجل تحقيق الاستقرار في سوق الغاز.
أوضح يوشكوف، الاكاديمي والمحلل في المؤسسة الروسية للأمن الطاقوي، في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية، ان “القمة السابعة لمنتدى رؤساء وحكومات الدول المصدرة للغاز، المزمع عقدها بالجزائر ستكون بمثابة أرضية لمناقشة التغيرات الجارية في السوق العالمية للغاز، سيما مسألة المناخ وتدابير البلدان الغربية التي تسعى بقوة الى ازالة الكربون وتطوير مصادر طاقة متجددة”.
وأشار الخبير الروسي، في ذات الصدد، الى أهم النقاط التي سيتم مناقشتها خلال القمة السابعة لمنتدى رؤساء وحكومات الدول المصدرة للغاز، مؤكدا ان أطرافا فاعلة في هذا المنتدى ستتطرق الى مسألة الطلب العالمي على الغاز خلال السنوات القادمة، بسبب تسارع سياسة إزالة الكربون، سيما في الاتحاد الأوروبي، التي تمت المناداة بها منذ سنوات عدة.
كما أكد يوشكوف، ان “الاتحاد الأوروبي هو الأكثر نشاطا في مجال إزالة الكربون وتطوير مصادر طاقة متجددة، وذلك منطقي، لأن البلدان الأوروبية لا تريد زيادة تبعيتها لاستيراد المنتجات الطاقوية، وهي تفضل المراهنة على الطاقات المتجددة”، مضيفا ان “هذه السياسة كان لها أثر ملموس على السوق العالمية للغاز”.
وبالموازاة، تخاطر الشركات في البلدان المصدرة للغاز، التي استثمرت مليارات الدولارات في تطوير حقول جديدة أو انجاز منشآت لنقل الغاز (مصانع الغاز الطبيعي المميع أو أنابيب الغاز)، بعدم القدرة على استرداد استثماراتها بسبب انخفاض الطلب واحتمال زيادة العرض، مما سيؤدي الى انخفاض أسعار الغاز والنفط والفحم.
وأضاف أن مثل هذه التوقعات ستكون محل دراسة خلال القمة السابعة التي تشكل أيضا فرصة للعودة الى التغيرات الحاصلة على مستوى السوق الغازية خلال سنتي 2022-2023.
كما اكد ان “التحدي الرئيسي للصناعة الغازية العالمية يبقى عدم الاستقرار”، مشيرا في هذا الخصوص، إلى نقص التموين في السوق العالمية وارتفاع الأسعار المسجلين في سياق الازمة الأوكرانية.
وتابع يقول انه “حتى وان كانت سوق الغاز العالمية بصدد الاستقرار حاليا، إلا ان موجة جديدة من التغيرات لا زالت ممكنة في المستقبل القريب، حيث يمكن حدوث نقص في التموين بالغاز، مما سيؤدي الى ارتفاع جديد للأسعار سيما في أوروبا كما يمكن ان يتم تسجيل ارتفاع في الاستهلاك في آسيا سيما في الصين.
وأضاف ذات الأكاديمي ان “عديد مصانع الغاز الطبيعي المميع سيتم تشغيلها عبر العالم خلال الفترة الممتدة ما بين 2026 و2030، سيما في الولايات المتحدة وقطر واستراليا، مما سيؤدي الى ارتفاع العرض في السوق العالمية وانخفاض في الأسعار.
وستشهد فترة انخفاض الأسعار تراجع الاهتمام بالاستثمار في مشاريع غازية جديدة عبر العالم، وذلك يعني انه سيكون هناك بعد سنة 2030، نقص مرة أخرى. ولذا يمكن طرح ومناقشة هذه المشاكل خلال قمة الجزائر”.
كما ذكر بأن منتدى البلدان المصدرة للغاز يشكل منظمة ذات طابع استشاري، إلا انه لم يستبعد إمكانية مناقشة منتدى البلدان المصدرة للغاز بالجزائر، “للتدابير المشتركة” في أسواق الغاز من أجل تحقيق الاستقرار.
وفيما يخص دور الجزائر في السوق الغازية، أشار السيد يوشكوف الى الامكانيات والفرص الكبيرة للتطور الطاقوي، المتوفرة لدى الجزائر، “البلد الذي يضمن التموين الطاقوي لأوروبا بكل أشكاله (غاز ونفط ومصادر طاقة متجددة وهيدروجين)”.
كما يمكن للجزائر ان تقترح على أوروبا إقامة تعاون في مجال الكهرباء عبر انجاز محطات طاقة شمسية في الجزائر وعبر تطوير الهيدروجين، كما خلص إليه خبير الطاقة الروسي.