تنطلق اليوم القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، بالمركز الدولي للمؤتمرات، بالعاصمة الجزائر، بعد يومين متتاليين من الاجتماعات رفيعة المستوى.
تم الخميس الماضي، تاريخ انطلاق أشغال فريق العمل رفيع المستوى، المكون من خبراء عالميين عملوا على إعداد التقرير التمهيدي للقمة، وتقرير حول أسعار الغاز، إضافة الى مسودة اعلان الجزائر التي تم رفعها الى الاجتماع الوزاري رفيع المستوى للمصادقة عليه من طرف الدول الأعضاء.
ومن المتوقع أن تتطرق القمة إلى عدة محاور متعلقة بمستقبل الغاز الطبيعي كطاقة نظيفة لا يمكن للطاقات المتجددة أن تشكل أي خطر على حصته السوقية ومكانته الطاقوية، ومن المنتظر ان يتطرق المشاركون بالقمة الى محاور ذات بعد استراتيجي في مستقبل الغاز كطاقة مستقبلية خالية من المخاطر ونظيفة، إضافة إلى دراسة سبل توسيع دور الغاز في التنمية المستدامة وتعزيز القيمة العادلة للغاز، وتطوير التقنيات الحديثة لصناعته، إضافة إلى تعزيز المكانة الدولية لمنتدى الدول المصدرة للغاز كمنصة عالمية لحوار الطاقة.
وتتميز القمة، التي تجري اشغالها بالمركز الدولي للمؤتمرات (عبد اللطيف رحال)، بإطلاق حوار استراتيجي وشراكة واسعة لفتح المجال لمستقبل طاقوي “آمن ومستدام” في سياق جيو-سياسي دولي خاص. ويتم التطرق بالمناسبة الى الحلول التكنولوجية المبتكرة لتنمية الصناعة الغازية العالمية.
وفي كلمته الترحيبية بالمشاركين في القمة، نشرها الموقع الالكتروني الرسمي للحدث، أكد رئيس الجمهورية أن دورة الجزائر تنعقد في سياق يطبعه التركيز المتزايد على الغاز الطبيعي، كمصدر طاقوي حاسم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكونه من أهم المصادر الطاقوية البديلة والنظيفة الصديقة للبيئة.
وأضاف رئيس الجمهورية أن ذلك “يجعلنا في هذه المرحلة نتطلع ونحن نلتقي بالجزائر العاصمة إلى تعميق التفكير والتشاور من أجل تأكيد قيمة الغاز كمورد أساسي للانتقال الطاقوي، ولمواجهة تحديات تطوير تقنيات الاستخراج، وتشجيع الاستثمار في البحث وتوسيع حقول الاستكشاف، في إطار شراكات مربحة بين الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء”.
وتم الجمعة استقبال عدة رؤساء للدول الاعضاء في المنتدى بمطار الجزائر الدولي هواري بومدين من قبل رئيس الجمهورية لمجيد تبون، في حين اختتمت اشغال الاجتماع الوزاري الاستثنائي التحضيري للقمة بعد عدة ساعات من المداخلات والنقاشات، باعتماد الصيغة النهائية ل ”اعلان الجزائر” والقرارات المتعلقة به لرفعها للقمة للمصادقة.
وفي ختام الاجتماع أكد وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب أن هذا اللقاء كان “جد مثمر” وسادته لغة “الحوار والتعاون” وهوالاجتماع الذي كان متبوعا بمنح جوائز من قبل المنتدى على شرف شخصيات وهيئات نظير مساهماتها الاستثنائية في تطوير قطاع الغاز. وجرى في هذا الاطار تكريم مجمع سوناطراك بجائزة الاستحقاق ضمن قائمة ضمت ثلاث مؤسسات مكرمة.
وعلاوة على لقاءات ثنائية رسمية ولقاءات اعمال بين الشركات الطاقوية للدول الاعضاء في المنتدى، تواصلت اشغال المنتدى بتوقيع مجمع سوناطراك على مذكرتي تفاهم مع شركة بي.دي.في.اس.أ النفطية الفنزويلية. وكانت مجموعة العمل الخاصة رفيعة المستوى الخاصة بالتحضير للقمة قد اجتمعت الخميس لإعداد جدول اعمال القمة ومشروع اعلان الجزائر.
واثر اجتماع الخبراء جرى مساء الخميس تدشين مقر معهد بحوث الغاز التابع للمنتدى والواقع بمقر وزارة الطاقة والمناجم بالجزائر العاصمة. وعقد اجتماع مغلق خصص لتحضير نشر تقرير ”توقعات الغاز 2050” في طبعته الثامنة والمقرر يوم 12 مارس.
ويشمل المنتدى، الذي انشئ سنة 2001، والذي تعتبر الجزائر عضوا مؤسسا فيه، 12 دولة وهي الجزائر وبوليفيا ومصر وغينيا الاستوائية وايران وليبيا ونيجيريا وقطر وروسيا وترينيداد وتوباغووالامارات العربية المتحدة وفنزويلا. ويشمل 7 دول ملاحظة وهي انغولا واذربيجان والعراق وماليزيا وموريتانيا والموزمبيق والبيروفي انتظار الانضمام الرسمي للسنغال شهر ابريل المقبل بعد ان تمت المصادقة على طلب انضمامها أمس الجمعة خلال الاجتماع الوزاري.
وتمثل الدول الاعضاء في المنتدى، وهو منظمة حكومية تضم أهم مصدري الغاز في العالم، 70 بالمائة من الاحتياطات العالمية للغاز الطبيعي ونحو40 بالمائة من الصادرات العالمية للغاز. كما يضمن المنتدى أزيد من نصف صادرات الغاز الطبيعي المسال و47 بالمائة من الصادرات عبر الانابيب. وقد انعقدت القمة السابقة للمنتدى في العاصمة القطرية الدوحة سنة 2022.
عرقاب: فرصة بناء رؤيـة استشرافية مشتركة
وكان وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، أكد أن الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنتدى الدول المصدرة للغاز، بمشاركة وزراء الطاقة للدول الأعضاء والملاحظين، تحضيرا للقمة السابعة للمنتدى، اليوم السبت، بالجزائر، كان «جد مثمر»، وسادته لغة «الحوار والتعاون».
وقال الوزير، في تصريح إعلامي في ختام الاجتماع، رفقة الأمين العام للمنتدى، محمد حامل: «كان الاجتماع جد مثمر وتطرقنا إلى صناعة الغاز وأهميته بالنسبة للمرحلة القادمة ودور الغاز في مرافقة كل الطاقات المستقبلية والطاقات الجديدة والمتجددة والدور الذي سوف يلعبه على المدى البعيد هذا المورد في مواكبة الطاقات المتجددة وكذلك التكنولوجيات الجديدة لصناعة الغاز». وأفاد أن المشاركين في الاجتماع الاستثنائي، الذي جرى برئاسة الجزائر، رفعوا نتائج أعمالهم إلى اجتماع قمة رؤساء دول وحكومات المنتدى.
وبعد أن نوه بدور معهد أبحاث الغاز التابع للمنتدى، الذي تم تدشين مقره، الخميس، بالجزائر العاصمة، ذكر عرقاب أن هذه المؤسسة البحثية الدولية المتخصصة من شأنها أن «تواكب كل التوصيات للمحافظة على البيئة لاستعمال الغاز بطريقة مرنة وسلسة وجيدة ومحافظة على البيئة مع استعمال كل التكنولوجيات الحديثة».
حشيشي: القمة.. اعتراف بالدور الجزائري فـي المشهد الطاقوي الـدولي
وأكد الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك رشيد حشيشي، أن القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، اعتراف بدور الجزائر في المشهد الدولي لسوق الغاز، مضيفا أن الرهان الرئيسي لهذا اللقاء يكمن في تعزيز العلاقات مع شركات الدول المصدرة للغاز ومناقشة الفرص التي توفرها سوق الغاز.
في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية، صرح حشيشي أن «انعقاد هذا الاجتماع الهام الخاص بصناعة الغاز العالمية في الجزائر يشكل قبل كل شيء اعترافا بالدور الهام الذي يضطلع به بلدنا في المشهد الدولي لسوق الغاز. أولا، من خلال وضعها كأول مورد للغاز في منطقة البحر الأبيض المتوسط».
وتابع يقول، «ثم، من خلال نضاله لصالح ضمان توازن المصالح بين البلدان المنتجة والبلدان المستهلكة من خلال اللجوء الدائم للجانب الجزائري إلى النقاش والتفاوض، مع تحبيذ تذليل المشاكل وتسويتها باحترام قوانين المساواة والإنصاف والحفاظ على مصالح جميع الأطراف».
في هذا الخصوص، قال الرئيس المدير العام لسوناطراك: «من جهتي، إنني على قناعة بأن قمة الجزائر لمنتدى الدول المصدرة للغاز ستحقق نجاحا كبيرا، لأن جميع الفاعلين في قطاع الغاز سيسعون إلى توفير الظروف المناسبة للخروج بخارطة طريق توافقية لتحقيق استقرار سوق الغاز وطمأنة المستهلكين والمستثمرين على حد سواء».
ويرى حشيشي، أن هذا الاجتماع يشكل أرضية رفيعة المستوى ستسمح بالتوصل إلى «التوافق الضروري حول كيفية حل، سويا، الإشكاليات الكبرى التي تؤثر على تطور سوق الغاز قصد ضمان الاستجابة لحاجيات دول العالم من الغاز الطبيعي من خلال حلول يتوجب أن تلقى انضمام الجميع».
وفي تعليقه على التوقعات المتفائلة الصادرة عن المنظمات المتخصصة، سيما الوكالة الدولية للطاقة بشأن الطلب العالمي على الغاز، يرى حشيشي أن ذلك «يشكل بالتأكيد فرصة سانحة بالنسبة لسوناطراك «تندرج ضمن هذا التوجه التصاعدي وتعمل بشكل أكبر على تعزيز مكانتها على مستوى سوق الغاز العالمية والتمكن من بيع كميات إضافية من الغاز في السوق خارج التزاماتنا التعاقدية (الآنية) ولتطوير شراكات جديدة وزيادة مداخيلها بطبيعة الحال».
وبحسب حشيشي، فإن هذا الظرف «الملائم» يعكس كذلك «الأهمية المتزايدة للغاز الطبيعي في المزيج الطاقوي العالمي ويتيح فرصا لمنتجي ومصدري الغاز، مثل سوناطراك، لتلبية هذا الطلب المتزايد. وسيكون من المهم على الفاعلين في قطاع الطاقة التكيف مع هذه التوجهات والاستمرار في الاستثمار في البنى التحتية وفي التكنولوجيات التي تسمح بالاستجابة بفعالية للطلب المستقبلي على الغاز الطبيعي».
تصدير 35 مليار متر مكعب من الغاز نحو أوروبا في 2023
ولدى تطرقه لحصيلة الشركة الوطنية للمحروقات في سنة 2023، كشف حشيشي أن الجزائر صدرت 34.9 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي نحو السوق الأوروبية.
وقد تم تحقيق هذه الكميات من خلال أنبوبي الغاز للتصدير نحو أوروبا، حيث تم تصدير 26.2 مليار متر مكعب نحو إيطاليا عبر أنبوب الغاز العابر للقارات «أنريكو ماتي» و8.7 ملايير متر مكعب نحو إسبانيا عبر «ميدغاز».
وبخصوص الغاز المسال، أوضح الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك أن 22.5 مليار متر مكعب، تم تسليمها إلى مجمعات الغاز الطبيعي المسال في أرزيو وسكيكدة في عام 2023، بينما بلغ إنتاج الغاز الطبيعي المسال في نفس السنة كمية قدرها 13 مليون طن (أي 29 مليون متر مكعب، أي 17.22 مليون طن مكافئ بترول).
وحقق إنتاج غاز البترول المسال في سنة 2023، كمية تقدر بـ9.4 ملايين طن، تلاه إنتاج متكثف الغاز بكمية قدرها 8.3 ملايين طن في نفس السنة.
وفيما يتعلق بالبترول، سلمت سوناطراك 23.3 مليون طن مكافئ بترول من البترول الخام ومتكثف الغاز، حيث نقلت إلى الموانئ البترولية لتصديرها.
وإجمالا، أوضح الرئيس المدير العام لسوناطراك، أن الشركة حققت إنتاجا بلغ 193.8 مليون طن مكافئ بترول في عام 2023، مؤكدا أنه فيما يتعلق بالقدرة الإنتاجية الموضوعة، تمتلك الشركة قدرة سنوية على معالجة البترول بمقدار 147.8 مليون طن متري في السنة، بالإضافة إلى 552 مليون متر مكعب قياسي من الغاز الخام يوميا (201 مليار في السنة) بنسبة استغلال بلغت 98٪.
وشدد على أن استراتيجية سوناطراك تهدف إلى إنشاء صناعة تكريرية فعالة تمكنها من تثمين أحسن لمواردها من المحروقات، في شكل منتجات بترولية مكررة وتمكنها من التموقع في سلسلة القيمة لهذا القطاع من النشاط.
وأوضح أيضا، أن مخطط التكرير الحالي يتضمن 6 مصافي بقدرة معالجة تزيد عن 30 مليون طن في السنة، حيث تم التوصل إلى هذا المستوى من خلال زيادة قدرة تبلغ 3,75 مليون طن في السنة بفضل برنامج إعادة تأهيل وتحديث ثلاث مصافي في أرزيو وسكيكدة والجزائر العاصمة الذي بدأ في سنة 2009.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الشركة على مشروع مصفاة البترول الجديدة في حاسي مسعود التي من المقرر أن تنطلق في الإنتاج ابتداء من النصف الثاني من سنة 2027 ومشروع تحويل الوقود الزيتي (سكيكدة) الذي من المقرر أن يدخل حيز العمل في نهاية عام 2028.