طالعنا منذ أيّام إعلانا لجريدة عميدة في أوروبا، تعبّر فيه عن اعتزازها بنصف المليون من مشتركيها، وتمعن في (الزوخ والفوخ) بانتشارها الواسع، بعد أن مسّت ثلاثا وأربعين مليون قارئ، بالتمام والكمال، دون أن تتأثّر بـ «التّواصل الاجتماعي» الذي يعيش عالة عليها، ويتقوّت بمنتجاتها الإعلامية على اختلاف أنواعها، ما يعني أنّ «الصّحافة» (ورقيُّها ورقميُّها)، ما تزال في كامل عنفوانها بالحاضنة المؤسِّسَة للحضارة المهيمنة، وهي تسهم في البناء، وتتحرّى ما يفيد، وتؤدي وظيفتها باحترافية عالية، لا يمكن أن يستوعبها ضحايا «المؤثّرين» بضفتنا العربية المباركة..
ولم تكن الأرقام التي أعلنت عنها الصّحيفة الأوروبية لتدهشنا، فقد علمنا قبل ربع قرن أن أنترنيت كانت (فأل خير) على الصّحافة، فرفعت أرقامها، ووسّعت توزيعها، تماما مثلما علمنا أنّ صحيفة مخصّصة للأطفال في أوروبا، كانت – وقتها – تطبع خمسا وأربعين ألف نسخة كل أسبوع، وما زالت إلى يوم الناس هذا (رغما عن التواصل الاجتماعي) ممتعة مقنعة..
ولا نشك مطلقا في مستوى الأداء المهني الاحترافي لرجال الإعلام بحاضنتنا العربية، فالصّحف السيارة ما تزال تأتي بالجديد المفيد، وتبذل قصارى جهدها كي تقدّم مادة إعلامية متميّزة، غير أن (أهل البشائر) لا يكفّون عن استشراف وقائع النهاية (المؤكدة) للمؤسسات الإعلامية، على أساس أنّ سيدنا (التّواصل التيك – توكي) زحف على الواقع، ولم تعد الحياة ممكنة إلا بالمواقع، ويصرّ (المبشّرون) على موقفهم، مع أنّ مواقع التواصل لا توفر مادة صالحة للمطالعة، غير تلك التي ينتجها الإعلاميّون المحترفون..أما الرّكام الباقي، فهو فضول (هدرة) من قبيل (زوجي قرّة عيني) و(طبختُ بربوشة) و(أرسلها إلى عشرة قبل أن يتلبّسك شمهروش)..ولله في خلقه شؤون..