لا تختلف طقوس الجزائريين في استقبال رمضان المبارك، فكلنا نسارع إلى شراء (المواعين) الجديدة، حتى إن كانت الصحون متراكمة بـ (البيبليوتيك)، ونلهث وراء «التوابل» بألوانها، ونجمّد عصائر الليمون، ونتخيّر أنواعا من (الفريك) و(الشعيريات) الخاصة بـ(الحساء)، وألوان من الكسكسي المخصص للسحور، وهلمّ جرا مما يحتاج المطبخ الرمضاني.. كلّ هذا مع حركة تنظيف شاملة، قد تبلغ في بعض الأحيان تجديد دهان المنازل، إن كان في الوقت (والمصروف) متّسع..
وليس ما يحيّر في إقبالنا على المتاجر، وحرصنا على الاحتفاظ بعادات الأجداد، فنحن نستقبل شهرا عزيزا له مقامه السامي في قلوبنا، نحاول أن نستغل أيامه المباركة في تجديد عزائمنا، ومراجعة أفعالنا، والسّموّ بآمالنا وطموحنا، لا نرجو سوى أن نكون من المقبولين عند رب العالمين.. وعلى هذا، ليس من التناقض في شيء إن نحن اشترينا الجديد، فهو أفضل تعبير عن الفرح والسعادة، وحقنا الأصيل أن نفرح برمضان، بل إن الواحد منّا قد (يعصر) مقدراته طوال العام، كي يجد الفسحة في رمضان، من أجل تلوين مائدة الإفطار بما لذّ وطاب، ويجمع شمل الأحباب..
وقد يبالغ بعض (المترمضنين) في اللهث وراء (الطّيّبات)، فيشتري الواحد الخبز مرات متتالية، ولا يفطن إلى ما فعل إلا مع أذان المغرب، وهو ما يحدث مع المشروبات بأنواعها، غير أن (الترمضن) ليس من عاداتنا ولا تقاليدنا، وإنما هو منتج (طبيعي) لما زحف على الحياة من (دخاخين) و(قهاوٍ) تسيطر على الأدمغة وتحدث بها بعض (الارتجاجات) غير المحمودة..
ولا مفارقة في التعبير عن «الصيام» بـ»المآكل»، فالصوم معنى مجرد قد يتعالى عن الأوصاف، ولا عيب في استعمال (البيبليوتيك) لحفظ الصحون، حتى إن كانت مفارقة أصلية (بنت بلاد)..
رمضان مبارك.. وكل عام وأنتم بخير..