عبرت الأحزاب السياسية عن دعمها الكبير للقضية الفلسطينية، وتنديدها المستمر بالعدوان الجائر الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من قبل الاحتلال الصهيوني، مثمنة ما تقوم به الجزائر من تحركات من خلال دبلوماسيتها في المنابر الدولية، على غرار مجلس الأمن الذي تبوأت مقعدها غير الدائم به مطلع السنة الجارية، مؤكدين على أهمية الإصرار على هذه المواقف التي تعطي لبلادنا المصداقية.
بالنسبة لرئيس التحالف الوطني الجمهوري بلقاسم ساحلي، يرى أن الجزائر ستلعب دورا متقدما عبر عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن، من خلال تأكيد دعمها غير المشروط لحق الشعب الفلسطيني وكشف فظائع وجرائم الاحتلال الصهيوني والقوى الداعمة له، تماشيا مع الموقف المبدئي للجزائر إزاء دعم القضايا العادلة وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني الشقيق، وهو الموقف المتحد والمتناسق رسميا وشعبيا وحزبيا.
من الناحية الاستراتيجية يعتقد ساحلي أن على الجزائر أن تستغل مقومات قوتها الجيوسياسية لفرض خيار تسوية القضية الفلسطينية وليس تصفيتها؛ أي دعم فرص السلام ووقف العدوان، وهو الأمر الذي يتطلب من الدبلوماسية الجزائرية التركيز على أسلوبها ومنهجها المعروف تاريخيا، والذي يعتمد على إيجاد نقاط الالتقاء مع الآخر، والسعي لبناء توافقات دولية مع القوى العظمى من أجل الضغط على الكيان الصهيوني لوقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بالشكل الكافي إلى قطاع غزة، ومن ثم تهيئة الظروف المناسبة لإعادة بعث مسار التسوية السياسية وفقا لمبدإ حل الدولتين، وصولا إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة في حدود الرابع من جوان 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع حق عودة اللاجئين وتحرير باقي الأراضي العربية المحتلة في الجولان وجنوب لبنان.
وفيما يتعلق بأدوات الضغط التي تمتلكها الجزائر لوقف العدوان، فبالإضافة إلى العمل التوافقي على مستوى مجلس الأمن، يرى ضرورة مواصلة حشد الدعم الدبلوماسي والسياسي للدول، وكذا متابعة الضغط القانوني على قادة الكيان الصهيوني عبر متابعتهم في المحاكم الدولية، بالإضافة إلى الدور الإعلامي الهام وكذا تعزيز أدوار الدبلوماسية الحزبية والبرلمانية.
نـشاط داخل مجلس الأمن الدولي
من جهته، أكد النائب بالمجلس الشعبي الوطني عن حزب جبهة التحرير علي ربيج، في تصريح لـ«الشعب”، أن القضية الفلسطينية بالنسبة للطبقة السياسية الجزائرية “خط أحمر”، وقال إن الأحزاب السياسية تدعم وتقف دائما الى جانب الحكومة الجزائرية ومؤسسة الرئاسة في كل تحركاتها، لاسيما على المستوى الدبلوماسي والدولي.
ولفت المتحدث الى موقف الشعب الجزائري الداعم إلى كل هذا التلاحم بين الأحزاب السياسية والحكومة، على اعتبار أن الشعب الجزائري هو الكلمة المفتاح في الدعم واستمرار دعم الحكومة للقضية الفلسطينية أو أي قضية تصفية استعمار، كما هو الحال بالنسبة للصحراء الغربية.
وذكر ربيج، أن الجزائر منذ استلامها عضوية مجلس الأمن غير الدائمة، قامت بشبه حراك داخل هذه المؤسسة الدولية، متوقعا أن تستمر الجزائر في مناوراتها وفي تحركاتها في الكواليس داخل الأمم المتحدة والجمعية العامة ومجلس الأمن، وتعمل على أن لا تبقى القضية الفلسطينية رهينة مواقف الدول الغربية، وان تتحرك الدول العربية والإفريقية حول هذا الملف وتلفت أنظار الرأي العام العالمي، ويعتقد ان الجزائر ستوظف علاقاتها مع الدول الكبرى داخل مجلس الأمن لإيجاد حل استعجالي لوقف العدوان الجائر على غزة.
كما يمكن للجزائر – يضيف ربيج – عن طريق مندوبها داخل الأمم المتحدة، أن تحرك اللجان الدائمة داخل هذه الهيئة، وكذا المنظمات الحكومية التي تنشط باسم هذه الأخيرة، من خلال مراسلاتها، وطلب منها أن تتخذ مواقف أكثر وضوحا تجاه القضية الفلسطينية، بالإضافة الى تحركات على المستوى الجهوي للاتحاد الإفريقي، مشيرا الى ان هناك الكثير من المنابر والقنوات التي يمكن أن توظفها الجزائر لوقف العدوان ونصرة القضية.
الدفع نحو قرار حاسم لوقف العدوان وحرب الإبادة
يرى رئيس حزب طلائع الحريات رضا بن ونان، أن الدور القادم الذي يمكن للجزائر أن تركز عليه، يتمثل في إعادة الاعتبار لصوت القارة الإفريقية من خلال طلب زيادة عدد مقاعد الدول الإفريقية غير الدائمة في هذه الهيئة ورفعه من ثلاثة إلى خمسة مقاعد، وكذلك الاستمرار في المرافعة بقوة، وحشد الدعم داخل مجلس من أجل إصلاحه، كي يكون أكثر تمثيلا وأكثر عدلا وأكثر توازنا.
وأشار المتحدث إلى ان الجزائر بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الأمن، تحمل آمال العرب والأفارقة، وبإمكانها من خلال تعزيز العمل متعدد الأطراف، الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتعزيز التسويات السلمية للأزمات، عن طريق دعم دور المنظمات الإقليمية كالجامعة العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي.
يمكن الجزائر ـ يضيف بن ونان ـ استعمال كل ثقلها وخبرة دبلوماسيتها لإعادة تفعيل دور المجموعة المصغرة لدول حركة عدم الانحياز، لاسيما الممثلة في مجلس الأمن، وتفويض هذه المجموعة لاتخاذ مبادرات فعلية وفعالة، بهدف حمل مجلس الأمن على اتخاذ قرار لوقف العدوان وحرب الإبادة التي يمارسها جيش الاحتلال الصهيوني على الشعب الفلسطيني بقطاع غزة والضفة الغربية، على مستوى القارة الإفريقية.
ولفت في السياق، أن الجزائر يمكن أن تكثف من نشاطها وتمارس الضغوط المتاحة، لاسيما باتجاه البلدان دائمة العضوية في مجلس الأمن كروسيا والصين، اللتين تعتبران حليفين استراتيجيتين لبلادنا.
إصرار على لعب أدوار دبلوماسية مشرفة
كما يرى من جهته ناصر حمدادوش، عضو قيادي بحركة مجتمع السلم “حمس”، أن هناك فرصة كبيرة للجزائر في لعب أدوار سياسية ودبلوماسية كبيرة من خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن، فهي أحسن ممثل للقارة الإفريقية وأفضل ناطق باسم المجموعة العربية، وأصدق سفير للقضية الفلسطينية المركزية، وأخلص مدافع بكل مصداقية عن القضايا العادلة في العالم، فهي الضمير الحي.
وقال حمدادوش في تصريح لـ«الشعب”، إن الجزائر قد أثبتت حد الآن أنها في مستوى هذا التمثيل، من خلال المرافعة القوية، والدفاع المستميت لصالح الشعب الفلسطيني، ومن خلال الدعوات المتكررة لانعقاد مجلس الأمن من أجل الانسجام مع إجراءات محكمة العدل الدولية.
وخلص المتحدث إلى القول، إن ما يحدث في فلسطين عموما وفي قطاع غزة خصوصا هو وصمة عار في جبين الإنسانية، بأن يقف المجتمع الدولي عاجزا عن وقف المحرقة الصهيونية وحرب الإبادة الجماعية التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي دون مراعاة الشهر الفضيل، ودون مراعاة أبسط قواعد القانون الإنساني.
وأكد أن الجزائر ستبقى مصرة على لعب أدوارها الدبلوماسية بما يتيح لها القانون الدولي، ومن خلال علاقاتها الدبلوماسية، والإصرار على فضح هذا التواطؤ الغربي لصالح الكيان الصهيوني العنصري. وقال إن عجز المنظومة الدولية، يستدعي إعادة النظر في هذه الأخيرة من أجل إصلاحها، لتكون أكثر عدلا وتوزانا وأمنا.
دور كبير على المستوى الرسمي
بدوره أكد سفيان جيلالي رئيس حزب جيل جديد، في تصريح لـ«الشعب”، أهمية الدور الكبير الذي تقوم به الجزائر على المستوى الرسمي. ووصف مرافعتها لوقف العدوان الجائر الممارس من الاحتلال الصهيوني على غزة “بالشجاعة والجرأة “.
وأضاف، أن الأحزاب السياسية تمثل المواطنين، ومواقفها ثابتة تجاه القضية وما تشهده غزة من عدوان سافر من كيان جائر، مشيرا الى أنه كانت هناك مبادرة للخروج إلى الشارع والتنديد بالجرائم الإنسانية التي ترتكب على الشعب الفلسطيني، غير أن الظروف حالت دون ذلك.