بساحة كيتاني بباب الواد بالعاصمة، تستقبل خيمة “مرحبا” يوميا ضيوفها الصائمين في الشهر الفضيل، إرساء لقيم التضامن وإحياء لأجواء اللمة الرمضانية، بسواعد من احترفوا العمل التطوعي.
اختارت جمعية “أمل الجزائر Hope DZ”، نصب خيمتها التطوعية التي تتربع على مساحة 1500 متر مربع وبطاقة استيعاب ما بين 1300- 1400 شخص، لاستقبال أكبر عدد ممكن من الصائمين، فقبيل آذان المغرب بدقائق تجمع بين جنباتها عائلات، عابري سبيل، عمال، وكل من حالت مشاغلهم دون الالتحاق بمنازلهم للإفطار.
وفي الإطار، توضح رئيسة الجمعية، مريم لعريبي، أن الخيمة احتضنت من بين زوارها الجمعة الماضية أنصار جمعية أولمبي الشلف، القادمين لمناصرة فريقهم في مباراته مع مولودية الجزائر، وهو ما أعطى الإفطار جوا خاصا، من طرف هؤلاء الضيوف الذين بادروا لمساعدة المتطوعين، فجمع الإفطار بين أجواء التضامن والتنافس.
هذه المبادرة في نسختها السادسة على التوالي تعمل على توسيع الخيمة كل سنة اتساقا مع البرنامج الخيري والإنساني الرمضاني، إلى جانب التزامها بتقديم أطباق جزائرية، لتكون صورة مطابقة للموائد العائلية في المنازل.
وتوحد هذه الأنشطة التطوعية بين جهود فاعلي المجتمع المدني وتبرعات ممولين عموميين وخواص، إلى جانب التبرعات العينية للمحسنين بمختلف أنواعها، فضلا عن التعاون المسجل من طرف المؤسسات الرسمية على رأسها المصالح البلدية بباب الوادي، واد قريش، وبولوغين ومؤسسة النظافة لولاية الجزائر، ليخلق سهر الجميع أجواء رمضانية خاصة بشهر الرحمة لإيصال هذه الأمانة لمستحقيها.
ولتأدية هذه الأمانة على أحسن وجه، تنطلق الأشغال وسط فريق العمل التطوعي منذ الساعات الأولى للنهار، بغية توفير المستلزمات، ويقف على العملية فريق خاص بالتموين والتنقل للأسواق، ونقل الحاجيات إلى المطبخ، في هذا السياق توضح المتطوعة، سارة ل.، أنهم يلتحقون بالخيمة المخصصة للطبخ والمحاذية لملعب فرحاني، حوالي العاشرة صباحا لتحضير المواد قبيل التحاق فريق الطبخ قرابة الـ11 صباحا، حيث تبدأ عملية تجهيز الوجبات وعلى رأسها الشربة يليها الطبق الرئيسي وصولا للسلطة.
العمل التطوعي يعطي لصاحبه راحة
ورغم التعب على مدار ساعات العمل، تؤكد المتحدثة أن “خصوصية شهر رمضان تعطي للعمل التطوعي دفعا أكبر لبذل الجهد، لجني ثمار إفطار الصائمين ورؤية ملامح
السعادة على وجه المقبلين على الخيمة”.
وفي السياق ذاته، تضيف المتطوعة، أمينة ل، “كل التعب يهون قبيل الإفطار مع إقبال العائلات وإدراكك أن هناك من ينتظر حصيلة جهدك، عندها تعرف قيمة ما تقدم، وهو ما لا يقدر بثمن ولا يقتصر على توفير الوجبة بقدر ما يتعلق باللمة وتوفير أجواء رمضانية يعتبرها بعض المقبلين أثمن ما يعاش في هذا الشهر الفضيل”.
ولتسهيل مهام المتطوعين، يتم تقسيم المهام بين الفريق، فهناك من يلتحقون بمنازلهم قبيل الإفطار إلا أن آخرين يواصلون مقاسمة ضيوف خيمة “مرحبا” يومهم والإفطار سويا والسهر على حاجياتهم، ناهيك عن الأشغال التي تنطلق ما بعد الإفطار من جمع للأواني وتنظيف للمكان وتنظيم للخيمة، وهو الأمر الذي يكلف البعض منهم سهر ليلهم.
من جهته، يبرز الطباخ الرئيسي، محمد عداد، أن الأشغال تستغرق منهم يوم عمل كامل بداية من أشغال المطبخ وصولا إلى الخيمة لتوفير وجبة متكاملة للصائمين، مضيفا أنه “يحرص على تحضير مختلف الأطباق الرمضانية الجزائرية لتجسد الخيمة صورة فعلية عن اللمة العائلية الجزائرية”.
ومع أذان العصر أو بعده بقليل يكون الفريق التطوعي قد أنهى تحضير الوجبات، ومعه تبدأ بعض العائلات التي يصعب عليها التنقل لمشاركة الإفطار في الخيمة في القدوم لأخذ وجباتها اليومية، في حين يعمد الفريق التطوعي لإيصال الوجبات لعائلات أخرى.
وإعلاء لمكانة العمل التطوعي، يقول السيد عداد “نحن هنا من أجلهم”، في إشارة منهم إلى ضيوف الخيمة، بدوره، يشير المتطوع، عنتر س.،إلى أن “العمل التطوعي أساسي لمن عرف قيمة العطاء، ناهيك عن أنه في صلب الوعي الديني لنا في هذا الشهر المقدس”.
ويواصل الطباخ، سمير عيساوي، أن “اعتياد العمل التطوعي يعطي لصاحبه راحة”، مراهنا على استكمال مسار العمل التطوعي الذي شرع فيه مع إحدى الجمعيات خلال السنوات السابقة في المهجر.
ومن فضائل العمل التطوعي، أنه مكن فريق المتطوعين من جهة والمستفيدين من جهة ثانية من عيش أجواء رمضانية جماعية، بالإضافة إلى التأليف بينهم رغم أنهم قادمون من مناطق مختلفة ليصبحوا بعد 6 طبعات أقرب للعائلة الواحدة، وما يعكس ذلك هو اصطحابهم لأبنائهم على صغر سنهم، بغية تنشئتهم على العمل التطوعي الذي جمع بينهم ووحد جهودهم.
وبالمناسبة، دعت رئيسة الجمعية الشباب إلى الإقبال والمساهمة معهم لاستكمال البرنامج الرمضاني الحالي، خاصة مع تحضيرهم لتنظيم عملية ختان يوم الـ 27 رمضان تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة تحت شعار “حنة أولادنا”، وتنظيم حفلة على شرفهم بالألبسة التقليدية، إلى جانب مبادرة “عيدك زاهي” المتعلقة بكسوة العيد، لإدخال الفرحة على الأطفال، ثم “فرحة العيد” عن طريق استقبال صبيحة العيد للأشخاص الذين قاسموا فريق المتطوعين عملية الإفطار، بموائد الحلويات الجزائرية.