تطرق منتدى الذاكرة، الذي نظمته جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع يومية المجاهد، اليوم الأربعاء، إلى موضوع الشهداء الـ17 المفقودين بنواحي عين البنيان.
تحدث كريم لونيسي، ابن أحد الشهداء المفقودين بنواحي عين البنيان ساريزون سابقا، عن معاناة سكان عين البنيان في الحقبة الإستعمارية من عنصرية وتعذيب، وأشار إلى أن ملف الشهداء المفقودين الـ17 بعين البنيان تم تجاهله من طرف السلطات.
وقال: ” كلما تحل ذكرى أول نوفمبر نحن أبناء هؤلاء الشهداء نبحث عن رائحة أبائنا الذين لا قبور لهم، ولم نعرف مصيرهم بعد إضراب الثمانية أيام 1957 عندما ألقي عليهم القبض وأخذوا إلى مكان مجهول”.
وأضاف: “نأمل أن يكون هذا الملف من بين الملفات التي سيناقشها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في زيارته المقبلة إلى فرنسا شهر سبتمبر”.
في هذا الصدد، إقترحت الباحثة والمحامية فاطمة الزهراء بن براهم، في مداخلتها انشاء لجنة وطنية تعمل على ملف الجزائريين المختفيين قسريا خلال معركة الجزائر، وقالت: “نأمل أن تكون إرادة سياسية لتسوية هذا الملف، وبمساعدة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بعرض هذا الملف في لقاءه بالمسؤولين الفرنسيين خلال زيارته لفرنسا سبتمبر المقبل”.
وأوضحت المحامية، وهي ابنة أحد الشهداء المفقودين في معركة الجزائر بتاريخ 26 أوت 1957، أنها ليست معركة الجزائر مثلما سماها الجنرال ماسو، بل هي إعتداء دموي على سكان القصبة الذين يجهل عددهم لحد الآن.
وأكدت بن براهم أنها تملك وثائق عن جريمة الإختفاء القسري لمواطني القصبة، التي نفذها عسكريون فرنسيون بمباركة الدولة الفرنسية”.
وقالت: “لدينا وثائق تثبت أن المعلومات حول المختفيين أخذت الى الجهة العسكرية والمدنية، ولكن بعد استجوابهم لم يطلقوا سراحهم أو ضعوا في السجن، وبالتالي كلهم يعتبرون مفقودين”.
وأضافت أن “رئيس بلدية الجزائر آنذاك المدعو تيجان، احتج على العسكريين الفرنسيين لارتكاب جرائم كبيرة في حق الجزائريين وخاصة سكان القصبة، ويذكر في إحصائياته ان 3 آلاف و763 جزائري ألقي عليهم القبض لكن لم يخبروا عن مصيرهم”. وأوضحت أن ” هذا العدد يعتبر أول حصيلة من مفقودي معركة الجزائر بالقصبة، هذه الأخيرة عرفت إصدار قوانين وكتابات وأوامر من أجل محو سكان القصبة وعلى رأسهم مناضلي القصبة المشاركين في الثورة”.
وبحسب تصريحات أوساريس، 80 ألف مواطن كانوا بالقصبة، أحضر العسكر لمحاصرة القصبة والمجاهدين، وقال: “تمكنت من القضاء على 10 بالمائة من السكان بالقصبة”، مثلما قالت بن براهم استنادا الى السفاح الفرنسي أوساريس.
وأشارت إلى أن المؤرخ روني بوتي، والمؤرخة مليكة رحال، حصلوا على كمية كبيرة من الوثائق في الأرشيف العسكري حول عدد المفقودين الجزائريين وأسمائهم ومهنهم، ووضعوا تلك المعلومات في موقع الانترنيت يمكن لأي شخص تصفحها”.
وقالت: ” عندما أرادوا استكمال المهمة في الحصول على بقية الأرشيف العسكري، أخفى النظام الفرنسي كل العلب، التي تحتوي الوثائق وأرشيف حول أسماء المختفيين قسرا وما تعرضوا له ومصيرهم فيما بعد”.
وأضافت بن براهم: “نحن في اتصال وبحث دائم مع هؤلاء المؤرخين، تمكنت من الحصول على ملف والدي والاعتراف بأنه فعلا مختفي قسريا في معركة الجزائر في 26 أوت 1957، وهو ما جعلني أتكلم اليوم بصوت قوي وأقول إنكم مجرمين وأنا ضحية”.
وشددت المحامية، على أنه حان الوقت للإهتمام بجدية بملف الإختفاء القسري للجزائريين خلال معركة الجزائر، حيث وضعت الإدارة الاستعمارية آنذاك ترسانة قضائية وعسكرية لكسر الثورة بالعاصمة.
وقالت: “حاليا لدينا وثائق وقوائم تظهر جريمة فرنسا، التي تندرج ضمن الجرائم ضد الإنسانية، نحن لدينا الحق في المطالبة بحق شهداءنا لدى الدولة الفرنسية التي لديها الوثائق، بدأنا بمعركة الجزائر لان لدينا الوثائق وأسماء الضحايا والعسكريين، الذين نفذوا جريمة الاختفاء القسري”. وأضافت: “ما يؤلمني أن هناك العديد من أبناء هؤلاء الشهداء المختفيين قسرا لا يعرفون وجوه آبائهم”.