يعالج الشاعر محند مقران عبدلي في ديوانه الأول “لحن الأمل”، الصادر باللغة الفرنسية عن دار “آرت بلوم”، مؤخرا، مواضيع مرتبطة بالزيتونة المباركة والأرض والسلام والقضية الفلسطينية والمشاعر الإنسانية المتكثّفة حول الحب وغيره، ويجيب على أسئلة باحثة عن ما وراء النص في قصائد الديوان..
في ديوان “لحن الأمل” يتجاور الأمل والألم.. ومواضيع مختلفة تتقاطر منها صور إنسانية عن ضياع قيم مختلفة ودمار أرض النبوة؟
أعتقد أننا أمام لحظة فريدة وحاسمة في تاريخ العالم والإنسانية على مستوى العلاقات الدولية، وما يسمى التضامن الإنساني العالمي وخاصة أمام قضية حاسمة وجوهرية ومركزية في العلاقات الدولية والعلاقات شرق-غرب.
التنديد والتصريح والشعار لا ينفع أمام التصفية الممنهجة للشعب الفلسطيني
القضية الفلسطينية في مرحلتها الراهنة أبانت عن شرخ كبير وعطب أكبر في منظومة الأمم المتحدة والجهود الدولية لإحلال السلام في المنطقة التي تبقى فريسة التجاذبات والتجاوزات الكبيرة على مستوى القانون الدولي الإنساني.
يأتي الأدب والشعر ليكون الوقفة، وأضعف الإيمان في مساندة قضية عادلة، أمام الصمت والتخاذل الدولي وهشاشة التضامن مع القضية، رغم الجهود والوقفات والتنديدات .
لماذا الزيتونة حاضرة في نصوصك، وكلامك، عن الهوية من الجزائر إلى فلسطين؟
الزيتونة رمز من رموز وجودنا، نرتبط بها منذ القدم على عدة مستويات الدينية الثقافية الاجتماعية الاقتصادية فهي قاسم مشترك بيننا.
رمزية الزيتونة تتخطى الزمان والمكان. ترمز تارة إلى أزمة الوجود وتارة أخرى لأزمة السلام وارتباط الإنسان بالطبيعة والتناقضات الحاصلة على مستوى التنوع وحفظ هذا التنوع.
في الجزائر الزيتونة رمز للصمود والسلام والارتباط بالأرض، رغم التراجع الكبير والضبابية في الاهتمام بهذه الشجرة المباركة.
في فلسطين، أرض الزيتون، تعتبر الزيتونة رمزا من رموز المقاومة الشعبية الفلسطينية ومعلما من معالم الهوية الفلسطينية الضاربة بعمق في التاريخ..
نص الإسكندرية في ديوانك.. دعوة إنسانية للتعايش مع ما صنعه التاريخ، ودعوة للتقارب بين الشرق والغرب. لماذا؟
عروس المتوسط الإسكندرية هي تجربة من تجارب التقارب الإنساني رغم كل ما يمكن سرده حول النزاعات والحروب التي كانت المدينة مسرح لها.
على المستوى الإنساني، الاسكندرية بتاريخها وتنوعها وتناقضاتها ترمز دائما لثراء المنطقة المتوسطية ثقافة وأدبا سياسة واقتصادا. وإلى غاية اليوم تبقى المدينة ملهمة لكل من يزورها ومعلما من معالم فهم الثقافات المشرقية في تواصلها مع الثقافات الغربية.
تُحارب العنف بكلمات حكيمة، خصوصا في “سلاحي الجيولوجي”..
قصيدة “سلاحي الجيولوجي” هي عرض للحالة الفلسطينية بكل آهاتها واعتراف بضرورة المقاومة التي لا مناص منها.
الحجر وهو المقصود بالسلاح الجيولوجي هو رمز من رموز المقاومة ضد العدوان والإضطهاد الصهيوني، واحتلال الأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وتنديد بكل أنواع الخذلان والخيانة وقلة التضامن الفعّال، ودعوة صريحة لمواجهة المحتل بالمقاومة بكل الوسائل المتاحة.
تقول في “حزن ايروس”، اله الحب والرغبة اليوناني، إنك ضائع بين الفضيلة والخطيئة، فالي أين أوصلك البحث عن الذات..
البحث عن الذات مسألة معقدة في الوجود الإنساني عامة، وفي حياة الشاعر خاصة، لأنه يبقى حساسا إزاء ما يجري حوله، الشاعر ذي نظرة ثاقبة وملاحظ إجتماعي ومشاهد ملتزم إزاء المجتمع، رغم تحرره من عقد وطابوهات المجتمع. هذه الحرية هي التي تسمح للشاعر بأن يحول تجاربه وأن يستلهم من الواقع ما يعبر عنه شعرا ملتزما.
صلاح الدين “جندي الإيمان” صرخة في وجه الطغيان
حزن إله الحب يحمل رمزية ودلالة على الانحطاط الكبير للإنسان على مستوى العلاقات والقيم والمبادئ الإنسانية.
نعود إلى الزيتونة، التي ترويها بكثير من حب الماضي والذكريات، وجلد الحاضر الذي لا يعير البيئة ما يناسبها. أنت تُكرم الشجرة المباركة وتنُوحها في الوقت نفسه..
تعاني الزيتونة، كما أعبر عنه، الإهمال رغم حاجتنا إليها نحن، كالابن العاص أمام والدته في علاقتنا بالشجرة المباركة. حالة الزيتونة تعبر عن الكثير من انهزاميتنا المستدامة أمام التنوع البيولوجي، وما تبقى من الموروث المرتبط بالزيتونة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا .
فلسطين تسكنك إلى درجة استدعاء ما تسميه “جندي الإيمان”.. صلاح الدين، وتغني الطفل الذي ينتظر الرصاصة.. في مشاهد جليلة ترفعها للقارئ عن شعب في خطر..
نعم الشعب الفلسطيني في خطر كبير، أحسه معزولا رغم أصوات التضامن وقلة التضامن الفعال.
فالتنديد والتصريح والشعار أصبح لا ينفع أمام التصفية الممنهجة للشعب الفلسطيني، المنهك بخذلان الجيران والأقرباء، لم يبقى له إلا المقاومة بكل الوسائل… صلاح الدين جندي الإيمان صرخة في وجه الطغيان ومناجاة ودعاء بالنصر لكل ما هو فلسطيني أصيل، أكان طفلا ميتا على الرصيف، أم عجوزا أمام زيتونة محترقة..