بدأ قطاع السياحة، في السنوات الأخيرة، ينمو بصورة ترشحه اليوم أن يكون في مقدمة القطاعات الاستراتجية الداعمة للتنمية الاقتصادية، على الأقل في غضون سنوات قليلة بنمو طويل الأمد. وسجل كل هذا التغيير الإيجابي الجذري، منذ أن حظي القطاع باهتمام خاص، في ظل اتضاح الرؤية والتحرك الجاري بحيوية، من أجل إقحام فئة الشباب وإدماجهم ضمن رهان تطوير القطاع والتأسيس لوجهات سياحية ثرية ومتنوعة، تتفرد بكنوزها متعددة الخدمات التنافسية.
ملف: فضيلة بودريش وهيام لعيون وفايزة لعريبي
ويعد الجنوب الكبير ثروة كامنة لا تقل عن ثروة الطاقة، لكن إرساء استثمارات جديدة، يجعل من المنطقة جنة سياحية ذات خصوصية. في وقت برز الاهتمام وانطلقت الجهود من أجل بعث مؤسسات ناشئة في مجال السياحة يقودها الشباب، القوة الحيوية الكامنة أو رافعة مستقبلية لقطاع منتج، ينتظر أن يستغل أفضل استغلالا عبر تفجير الطاقات ورصد إمكانات أحد أهم ركائز القاعدة الاقتصادية.
لن تتوقف الجزائر عن الاستثمار في السياحة، لأن هذا القطاع الواعد وحده يوفر موارد مالية دائمة وينشط عديد القطاعات الأخرى، مثل الصناعة والفلاحة والخدمات، وفوق ذلك ينشر الثقافة والتقاليد الأصيلة، وينتظر أن يجعل من الجزائر قبلة سياحية مفضلة، وبالموازاة مع ذلك يشكل التركيز على التكوين حلقة قوية في مسار تنمية القطاع وتقوية مكانته.
الجزائر الجديدة.. قطب سياحي عالمي يتأهّب
دعا الأمين العام للجمعية الوطنية للسياحة والأسفار والصناعة التقليدية رافع بن زيد، إلى ضرورة الارتقاء بالأداء السياحي والمسارات السياحية في الجزائر، وذلك بتضافر جهود جميع القطاعات المعنية، خاصة السياحة، الثقافة والشؤون الدينية، مشيرا إلى أهمية إشراك الجميع من أجل الرقي بهذا القطاع والمساهمة في جعله قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وفي تمويل الخزينة العمومية وتحقيق تنمية محلية مستدامة، عبر الكشف عن المخزون السياحي في الجزائر بكل مقوماته الثقافية الدينية التاريخية والتراث المادي أو اللامادي.
شدد بن زيد، على ضرورة تلبية طلبات السياح الأجانب والمحليين، بغية الوصول إلى منتوج سياحي الجزائري خالص وذي نوعية، وذلك من خلال استغلال المقاصد السياحية المتنوعة، خاصة البحرية منها، مشيرا إلى المقومات السياحية الطبيعية التي تزخر بها البلاد، حيث تعتبر الجزائر بمثابة قارة لها من المقومات ما يؤهلها لأن تصبح قطبا سياحيا بامتياز، حيث يمتد الشريط الساحلي الجزائري على طول يقارب 2000 كلم، عبر 14 ولاية ساحلية، من الطارف إلى تلمسان.
استغلال أمثل
طالب المتحدث بتعزيز السياحة بإنجاز وسائل الترفيه الضرورية، من خلال استغلال ما يسمى “بالسياحة. داعيا في السياق، إلى تكثيف النقل عن طريق البواخر لمختلف الولايات الساحلية للوطن، مع استغلال الوجهة وتهيئتها وتجهيزها كاملة، حيث ستضفي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، بل وستعمل على تشجيع السياحة الداخلية وجذب السياح الأجانب للتمتع بالسواحل الجزائرية التي لا تزال الكثير منها مناطق عذراء لم تكتشف بعد.
وتحدث رافع بن زيد عن ضرورة استغلال الشريط الساحلي والاستثمار في مشاريع متنوعة لجلب السياح، من خلال إقامة مشاريع بحرية، مثل النقل عبر السفن السياحية، مع تخصيص معارض دائمة للصناعات التقليدية، عبر سواحل بلادنا الممتدة من أقصى شرق البلاد إلى أقصى غربها، حيث تمر تلك البواخر عبر 14 ولاية سياحية، لأن النقل البحري يعمل على دعم الاقتصاد وتحقيق تنمية محلية مستدامة، من خلال توفير فرص عمل تحتاجها هذه النشاطات البحرية المرتبطة بالحركة التجارية التي تنتعش مع انتعاش الحركة البحرية.
السياحة الصحراوية
ودعا بن زيد إلى تعزيز النقل بالسكك الحديدية، لدعم السياحة الصحراوية في فصل الشتاء، لأنها تسجل توافد السياح من داخل وخارج الوطن، خاصة وأنها تعتبر شريانا حيا لتدعيم السياحة الداخلية.
وتناول الأمين العام للجمعية الوطنية للسياحة والأسفار والصناعة التقليدية، مسألة ضرورة الاهتمام أكثر بالسياحة الدينية، التي تعززت مؤخرا بجامع الجزائر الذي يعتبر ثالث أكبر مسجد في العالم، إذ من المنتظر أن يصبح مزارا للعديد من السياح الأجانب، لأخذ صور تذكارية والوقوف على مدى أهمية هذا الصرح الديني، مبرزا أنه سيعطي دفعا قويا للسياحة الدينية في البلاد.
وتحدث عن مساهمة مختلف الزوايا والمساجد العتيقة المنتشرة عبر مناطق الوطن، والتي تعتبر مقاصد سياحية بامتياز، للرقي بالسياحة في هذا الجانب. علما أن عميد جامع الجزائر الشيخ محمد مأمون القاسمي إبن زاوية الهامل القاسمية.
وعرج على السياحة الحموية، لأن العديد من الولايات تملك حمامات معدنية تستقطب العديد من الزوار من داخل وخارج الوطن، داعيا الإعلام القيام بدوره المنوط به للمساهمة في الترويج للسياحة والأماكن التي تزخر بها الجزائر، وكل ذلك في نظره لن يتأتى إلا من خلال تضافر جهود ثلاثية؛ الثقافة، السياحة والشؤون الدينية، والعمل على جلب السياح الأجانب والمحليين.
بنك معلومات
واقترح بن زيد إنشاء بنك معلومات للأماكن السياحية عبر مختلف مناطق الوطن، وهذا للترويج للسياحة وتسهيل الاستثمار في الأماكن غير المستغلة، لإدراجها في إطار مناطق التوسع السياحي للاستثمار، حتى تضفي قيمة مضافة للخزينة العمومية، عن طريق توفير كل المعلومات حول تلك الأماكن، حيث بإمكان الجميع الوصول إلى هذا البنك، سواء من أجل اختيار أفضل الأماكن للزيارة أو للاستثمار عن طريق دراسة المقومات والإمكانات المتاحة في كل منطقة من مناطق الوطن.
كما أوضح بن زيد، أنه من بين أهم العوامل التي تسهم في تطور السياحة في الجزائر والنهوض بالقطاع، مراجعة الخدمات الفندقية وأسعارها.
وتحدث عن أهمية إنشاء قرى سياحية لتسهيل الإيواء بمبالغ مالية تكون في متناول الجميع وفتح باب الاستثمار في هذا المجال، مثل إنشاء مرافق بسيطة لا ترقى للفنادق الكبيرة التي تتطلب ميزانية ضخمة.
الدبلوماسية للترويج
وتطرق رافع بن زيد الأمين العام للجمعية الوطنية للسياحة والأسفار، إلى الترويج للسياحة الجزائرية في الخارج، من خلال استغلال الدبلوماسية الجزائرية عن طريق السلك الدبلوماسي المعتمد، بإقامة معارض بالخارج للتعريف بالإمكانات السياحية والاحتكاك مباشرة بالسياح الأجانب، داعيا إلى تسهيلات أكثر فيما يخص منح التأشيرات، والتسريع في إنشاء مكاتب الصرف المعتمدة من أجل تسهيل عمليات صرف العملات الأجنبية للمواطنين والسياح. وهذا ــ يضيف رافع ــ للترويج للسياحة الجزائرية والتعريف بما تزخر به البلاد من كنوز طبيعية وثقافة وعادات وتقاليد في 58 ولاية.
من بين الحلول التي تراها الجمعية، على لسانها ممثلها، مناسبة للرقي بالسياحة الجزائرية، هو تضافر جميع الجهود وإشراك الخواص، للاستثمار في مختلف المجالات السياحية، مع تخفيف العراقيل أمام المستثمرين الراغبين في النشاط وتقديم التسهيلات اللازمة، من أجل استغلال المقومات الطبيعية في الوطن، إلى جانب التعريف بالأماكن السياحية من خلال تكوين وتأهيل العنصر البشري في المجال السياحي، كمرشد ودليل يعتمد عليه لإظهار مقومات السياحة في البلاد وذكر بالمعلم الثقافي مقام الشهيد بالعاصمة، الذي يضم متحفي المجاهد والجيش. إلى جانب ذلك ــ يقول محدثنا ــ فتح المجال للجميع من مهنيين وجمعيات وفواعل المجتمع المدني للرقي بقطاع السياحة، فضلا عن المساهمة في المشاريع التي تهدف لتنمية الاقتصاد الجزائري من جانب السياحة والصناعة التقليدية، ناهيك عن تنظيم معارض دائمة للصناعة التقليدية في الداخل للتعريف بالقدرات السياحية للوطن.
العقار والتمويل.. مفتاحا تطوير الاستثمار السياحي
صنفت الجزائر ضمن أفضل 52 وجهة عالمية وبإمكانات طبيعية متفردة، وتصدرت تقارير المنظمات العالمية من حيث الاستقرار السياسي كوجهة آمنة، تمكنت من استقطاب وفود سياحية من مختلف أقطاب العالم، متيّمين بسحر التنوع الطبيعي والطبيعة المضيافة للفرد الجزائري.
أكد رئيس الفيدرالية الجزائرية للفندقة والإطعام والوكالات السياحية جمال نسيب، في اتصال مع “الشعب”، أن قطاع السياحة رغم المؤهلات الطبيعية ذات التصنيف العالمي، حيث تم إدراج العديد من المناطق ببلادنا كمحميات عالمية، يبقى بحاجة إلى تنظيم وتأطير أكثر صرامة، لاسيما ما تعلق بالعقار السياحي الذي شكل لوقت قريب، قبل الفصل في إشكاليته من خلال قانون العقار الاقتصادي والنصوص التطبيقية المرافقة له التي سيتم بموجبها تنظيم العقار الاقتصادي، من خلال إنشاء الوكالة الوطنية للعقار الصناعي والوكالة الوطنية لتسيير العقار الحضري، إضافة إلى الوكالة الوطنية للعقار السياحي ذات الدور المحوري في إنهاء هاجس الوعاء العقاري المخصص للاستثمار السياحي، الذي شكل لسنوات طويلة حجر عثرة أمام المستثمرين في القطاع السياحي.
وشدد في السياق، على أهمية هذا الأخير كحلقة أساسية في الفعل الاقتصادي، من خلال تنمية وتطوير السياحة بالجزائر، إلى جانب آليات التمويل باعتبارها العمود الفقري الذي يسمح بتوطين المشاريع السياحية، ليشكل بالتالي كلٌّ من العقار السياحي والتمويل شرطين لا تنازل عنهما من أجل تحقيق استثمار سياحي حقيقي.
الوقـت.. أهم استثمار
اغتنم جمال نسيب فرصة قرب افتتاح موسم الاصطياف، ليجدد التعبير عن أمله في أن يكون هذا الموسم فرصة لاستخلاص الدروس من تجارب المواسم السابقة وتدارك ثغراتها، ليشكل بذلك انطلاقة فعلية نحو تسويق راق للوجهة السياحية الجزائرية.
ففي ظل توفر الفرص والمؤهلات الطبيعية، يتعين على العامل البشري، من سلطات عمومية وكوادر عليا بالهيئات الرسمية، استكمال معادلة التنمية السياحية ذات المسؤولية المتقاسمة بين العامل الطبيعي، ممثلا في مقدرات الجزائر الطبيعية المتفردة بتنوعها، والعامل البشري ممثلا في تسطير الاستراتيجيات وتجسيدها.
وشدد على ضرورة تقليص المدة المخصصة لدراسة ملفات المشاريع الاستثمارية المقترحة من طرف المستثمرين وأصحاب المشاريع، خاصة وأن الجزائر قد دخلت في سباق مع الزمن من أجل تحقيق الأرقام المشكلة لمؤشرات اقتصادها الكلي وضمان مكانتها الريادية، قاريا وإقليميا.
وتبقى السياحة باعتبارها قطاعا أفقيا، بحسب المتحدث، متوقفة على مدى تجاوب القطاعات الأخرى واستجابتها لمتطلباته، كارتباطه بقطاعي النقل والأشغال العمومية، نظرا لأهمية توفير شبكة خطوط نقل برية وجوية متفرعة نحو مختلف المقاصد السياحية الداخلية، في النهوض بالسياحة الداخلية وخاصة الصحراوية، مما يشجع الوكالات السياحية على توسيع خارطة برامجها السياحية نحو الداخل.
التمويل.. عصب يحرك القطاع
وتطرق جمال نسيب إلى أهمية القروض البنكية، مطالبا بإنشاء بنك للسياحة والفندقة، خاصة وأن قانون الاستثمار الجديد، قد خص قطاع السياحة بالأولوية فيما تعلق بإجراءات الحصول على العقار السياحي، ومنح الامتيازات والحصول على التمويلات، سواء التقليدية منها، عن طريق البنوك أو التفكير في صيغ جديدة للتمويل، كالقروض طويلة الأمد، لمرافقة المستثمر في مجال السياحة كفاعل أساسي في المعادلة السياحية بالجزائر.
وأكد ذات المتحدث، أن تسويق الوجهة السياحية الجزائرية والترويج لها يحتاج إلى حظيرة فندقية بطاقة استيعاب قوية ومعايير خدماتية وهيكلية عالمية، مما يستدعي دعما ماديا كبيرا.. فعلى سبيل المثال قامت البنوك بتمويل 776 مشروع سياحي بغلاف مالي قدر بـ428 مليار دج سنة 2022، ورغم ذلك يبقى القطاع بحاجة إلى صندوق يدعمه ويضمن تمويلاته كبنك خاص بالسياحة وتمويل المشاريع السياحية.
بالمقابل، دعا جمال نسيب إلى ضرورة التصدي للممارسات البيروقراطية ورفع العراقيل، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية. دون أن يفوت الثناء على المبادرة التي أقدم عليها رئيس الجمهورية، من خلال تسهيل التأشيرات السياحية نحو الجنوب الجزائري، على أمل أن يتم تعميمها نحو كل الوجهات السياحية الجزائرية.
كما دعا، من جهة أخرى، إلى ضرورة الاهتمام بالتأهيل السياحي وإنشاء مدارس متخصصة لتكوين المتعاملين في مجال السياحة والخدماتية وضخ كفاءات شابة وفتح المجال أمام المؤسسات الناشئة.
أمين عام المنظمة الجزائرية للسياحة فؤاد بداني: المقاولاتية السياحية رافد مهم للدورة الاقتصادية
أكد الأمين العام للمنظمة الجزائرية للسياحة، البروفسور فؤاد بداني، أهمية المقاولاتية للدفع بقطاع السياحة نحو المساهمة بفعالية في الدورة الاقتصادية، إلى جانب تركيزه على أهمية التعجيل باستغلال المقومات الضخمة والمتعددة كثروة طبيعية لا تنفد، لأنه ينتظر أن تحول العديد من الولايات إلى وجهات سياحية إقليمية تكتسي أهمية كبيرة، وبعد أن كان حلما تحول إلى هدف يرتكز على تدابير وتسهيلات.
تناول الخبير في مجال السياحة، أهمية التأسيس للسياحة، لأنه – بحسب تقديره – حان وقتها، وصفها بمستقبل ديمومة السياحة وألح على ضرورة العمل على تهيئة الهياكل والاستثمار بقوة وكثافة في هذا المجال، لأنه مستقبل السياحة في العالم وقال، إنه يمكن للجزائر أن تنافس به أكبر الدول الرائدة في استقطاب أعداد هائلة من السياح الأجانب.
عرض الأمين العام للمنظمة الجزائرية للسياحة، فؤاد بداني، سلسلة من المؤشرات الثابتة كبوصلة جوهرية، قال إنها تعد ورقة طريق سارية، ينتظر منها أن تطور قطاع السياحة وتفتح أفقا جديدا لقطاع أفقي، تتوفر له كل شروط النجاح، مقترحا إعداد خارطة سياحية رقمية لكل ولاية، بهدف إعداد البرامج الواعدة وتسطير الأهداف المنصبة حول جعل السياحة ضمن أهم القطاعات المولدة للثروة والآخذة في التسارع المطرد.
وعلى خلفية أن هذه الخارطة الإلكترونية، تنظم مختلف الخدمات وتتضمن مواعيد وسائل النقل عبر رقمنة محطات النقل، تطرق بداني إلى أهم النقاط التي يفرتض أن يرتكز عليها في عملية تأطير السياحة الداخلية، أبرزها السياحة الصحراوية المتمتعة بوجهات ساحرة وفريدة من نوعها، غير أنها في الوقت الراهن مازالت تحتاج إلى ترويج أكبر وتسويق مستمر على أوسع مستوى، في ظل وجود شلالات نادرة وجبال “سلسلة أسكرام” كتحفة طبيعية لا تتكرر وشروق مذهل. وأوضح، أنه يكثر عليها تدفق السياح الأجانب، خاصة في الفترة الممتدة من شهر سبتمبر إلى غاية ديسمبر وجانفي. ولم يخف أن الجزائر بلد سياحي كبير ولكن يجب أن يستغل كل ما يملك بالشكل الصحيح، ويقوم المورد البشري بمهمته المنوطة به.
ويعتقد الأمين العام للمنظمة الجزائرية للسياحة، أن إنجاز العديد من الهياكل السياحية في ولاية تمنراست وحدها، يعادل مداخيلها ثروة الطاقة، بفضل المناظر الطبيعية غير الموجودة في أي منطقة بالعالم، إلى جانب تقاليد أصيلة من أكل طبيعي وشاي ذي نكهة رائعة وركوب الجمال، مشيرا إلى تسجيل ما لا يقل عن 20 مستثمرا أجنبيا مهتما بإقامة مشاريع سياحية ذات قيمة اقتصادية وبعد تنموي، في ولاية تمنراست الشاسعة والخلابة.
9 مراكز حموية ضخمة رائدة
وبما أننا في موسم السياحة الجبلية، القائمة على أسس طبيعية والمستمرة في جميع الفصول، أي في الشتاء وتساقط الثلوج والصيف للاستمتاع بالهواء المنعش والراحة والهدوء وسط طبيعة خضراء مذهلة، قال بداني إن هذه الأخيرة تحتاج إلى الاستغلال والانفتاح على السائح المحلي والأجنبي، على حد سواء.
ولم يخف الخبير أن كل ذلك يتكامل مع أجمل الشواطئ المتمثلة في شريط ساحلي يمتد على مسافة طويلة من الشرق إلى الغرب. وذكر ممثل المنظمة أن موسم السياحة الحموية، ينطلق مع بداية ماي الداخل، ويمتد إلى غاية جويلية، ويتقاطع مع موسم السياحة الشاطئية. علما أن الجزائر تعد أحد أهم البلدان العربية والإفريقية ذات المقومات الطبيعية النادرة والمطلوبة من طرف عدد كبير من السياح الأجانب، على خلفية أن لهذه السياحة مكانتها ومتعتها الخاصة. وأكد الخبير أنه يتوفر في الجزائر 9 مراكز حموية وعلاجية رائدة، ينبغي أن يتم الترويج لها بالشكل المناسب، لتكون معروفة خارج الوطن.
وأثار الخبير في مجال السياحة، مسألة الاهتمام البارز لمنح السياحة مكانة وإسناد دور مهم لها، ينطلق من الاستثمار في الطبيعة وإنشاء هياكل صديقة للبيئة، تكون موصولة بالطاقة النظيفة، لأنها سياحة ستحمل لون الطبيعة وتعتمد على تكثيف حملات التشجير في كل مكان، خاصة بالمناطق ذات الجذب السياحي والنائمة على مقومات سياحية، سواء في الجنوب أو في الشمال، وكل ذلك -بحسب تقديره- يحتاج إلى تهيئة مراكز راحة وفضاءات للتسلية والترفيه.
في السياق نفسه، اقترح البروفسور بداني إعداد استراتجية عميقة ترمي إلى ترشيد السياحة وتكثيف إنجاز الهياكل وأدرج مع ذلك أهمية توفير النقل البري والجوي والبحري، لأن هذه المقومات الثرية، يقابلها اهتمام أجنبي محسوس بالاستثمار في الجزائر. وذكر بداني، أن في صدارته توجد إرادة عربية لدولتين، يتعلق الأمر بكل من قطر والعربية السعودية. علما أن المنظمة الجزائرية للسياحة، تعد عضوا في الرابطة العربية للسياحة العربية.
منح التكوين بعدا إلزاميا مستمرا
اعتبر البروفيسور بداني، أن المستقبل القريب يحمل آفاقا مشرقة لقطاع سيكون في مقدمة آليات ضخّ الثروة ودفع قاطرة النمو نحو الأمام. غير أنه اشترط ضرورة توجيه الشباب نحو المقاولاتية السّياحيّة وإنشاء مؤسساتهم الناشئة في مجال السياحة. ورافع في نفس المقام، من أجل جعل المجتمع المدني يساهم في هذه الدورة الاقتصادية، بشرط أن تكون فيها السياحة طرفا فاعلا؛ أي تشارك في تجسيد رؤية بناء وتطوير الاقتصاد الوطني، تماما مثل باقي القطاعات الاقتصادية الأخرى، على غرار الصناعة والفلاحة.
واقترح الأمين العام للمنظمة الجزائرية للسياحة، الإسراع بالتنسيق بين عدة قطاعات، بما فيها وزارة السياحة والمجلس الأعلى للشباب والمرصد الوطني للمجتمع المدني، وكذا وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة، لدعم الشباب المبدع والحامل لأفكار ابتكارية، بالإضافة إلى الأخذ بيده للانخراط في مساعي ترقية قطاع السياحة، بهدف بلوغ مستوى تحريك واستغلال مقوماته الكثيرة، من أجل عصرنة الأداء واستحداث مراكز ترفيه وإيواء وهياكل سياحية جاذبة ووكالات سياحية ذكية، وفي هذه المرحلة يمكن أن تعكف البنية القاعدية المتينة على تنشيط السياحة الوطنية وتستحدث مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة.
كما شدد البروفيسور بداني، على أهمية منح التكوين بعدا إلزاميا مستمرا، لأنه يعد شرطا أوليا لنمو وترقية القطاع والانتقال من مرحلة البناء والتوسع إلى مرحلة أكثر تطورا وذات تنافسية عالية.
توقع أكثر من 5 ملايين سائح
بعد رصده للمقومات والأهداف المرجو تجسيدها، وقف الخبير بداني فؤاد على مؤشرات الموسم السياحي لعام 2024، وبدا متفائلا من أجل تحقيق قفزة أخرى على صعيد استقطاب المزيد من السياح الأجانب، وكذا من الجالية الجزائرية بالمهجر. علما أن العطلة التي تقضيها الجالية لا تقل عن شهر وقد تزيد عن ذلك.
وتوقع أن يقفز عدد السياح من 3 ملايين سائح تم تسجيلهم في عام 2023 إلى أزيد من 5 ملايين سائح مرتقب تدفقهم على الوجهات السياحية الجزائرية خلال نهاية العام الجاري. واغتنم الأستاذ الجامعي الفرصة ليدعو إلى التسريع بإطلاق وكالات صرف العملة الصعبة وتكثيف الرحلات السياحية الجوية على وجه الخصوص.
يذكر، أن المنظمة الجزائرية للسياحة تتأهب من أجل تنظيم في الأيام القليلة المقبلة، لقافلة سياحية موجهة لفئة الشباب المهتم بالاستثمار واقتحام هذا المجال. والهدف الجوهري من القافلة، كما كشف عنه البروفسور بداني، يتمثل في تنشيط الحركية السياحية.
وأفاد بداني، أنه من المقرر أن يرفع في القافلة التكوينية التحسيسية، شعار المنظمة المتمثل في “رؤية استشرافية للسياحة الجزائرية وتأهيل السياحة الجزائرية” موجهة للشباب في ثلاثة مجالات، يتعلق الأمر بكل من الإرشاد السياحي والفندقة والإطلاع، إلى جانب المقاولاتية السياحية.
وأشار الأستاذ الجامعي، إلى أنه وقع الاختيار على 25 ولاية ستجوبها القافلة، وينتظر أن تقدم تكوينها لمدة ثلاثة أيام، وقبل ذلك يتم تصميم استمارة إلكترونية يملأها الشباب للمشاركة في التكوين، وستتم الدورات التكوينية الأولى من نوعها بالتنسيق مع السلطات المحلية للولايات، وتحضر المنظمة من أجل جلب مؤطرين وأصحاب خبرة لهذه الدورة التكوينية. ولا تتوقف هذه المنظمة عن إجراء البحوث والدراسات الميدانية من أجل أن تؤدي دورا في دعم القطاع ومساعدة الشباب المهتم بولوج المجال والتحكم في هذه التخصصات.
الجدير بالإشارة، أن هذه المنظمة تنظر إلى السياحة، بحسب تأكيد بداني، كمفتاح مهم يمكن التعويل عليه في إحداث توازن تنموي جهوي، وقال يكفي النجاح في تكريس عوامل الجذب السياحي في أي منطقة جنوبية أو في الهضاب أو منطقة ريفية نائية وتحويلها إلى وجهة مهمة يبحث عنها السائح ويطلبها بكثرة، وعلى اعتبار أن المهتمين بصناعة السياحة يدركون أن هذا القطاع يستقطب رؤوس الأموال ويحقق مداخيل ضخمة من العملة الصعبة.