حرّكت وزارة التجارة آليات الرقابة الميدانية، بقصد محاصرة المتلاعبين بالأسعار، وتمكنت من محاصرة متعاملين اثنين لم يلتزما باحترام “تركيبة الأسعار”. ولا نشك” مطلقا بأن التحقيقات الجارية ستنتهي إلى كشف ما يستر كثيرون ممّن (تعوّدوا) على التلاعب بمقدرات المغبونين من الناس..
وليس من ينكر على مصالح “التجارة” ما بذلت من جهود منيرة في حماية المواطنين من المضاربين والمحتكرين والمتلاعبين بالأسعار، غير أن واقع السوق يقتضي شيئا من الصبر، ومزيدا من الوقت كي يتمكن من استعادة أخلاقيات العمل التجاري. فقد تراكمت السنوات العجاف حتى وطّنت في القلوب أن “الفوضى” هي المنطق الوحيد الذي ينبغي الرضوخ في حضرته، والاعتراف بواقعيته!!..
ونعترف أننا لم نجد تفسيرا معقولا للأسعار المتداولة في سوقنا المباركة، ونحن نرى (عيانا) لحوما مستوردة من أقاصي الأرض، يربيها أصحابها ماشية، ثم يصرفون على إعدادها وتوضيبها، ويصرفون على شحنها إلى الموانئ، ويصرفون على نقلها عبر البحار إلى موانئنا، ثم يصرفون على جمركتها، ثم يصرفون على نقلها إلى المخازن، ثم يصرفون على توزيعها، فتصل إلى الزبون الجزائري بألف دينار ونيّف، في مقابل ماشية يربيها أصحابها بدعم الدولة، ولا يصرفون على التوظيب شيئا مذكورا، وينقلونها بأسعار زهيدة دون جمركة ولا ضريبة، ومع ذلك تصل إلى الزبون الجزائري بأسعار عجائبية، حتى إن الواحد يظن بأن الخروف عندنا متخرج من كلية الطب، أو حائز على شهادة عليا في التغذية..
ولعلنا لا نختلف إذا قدّرنا أن المنتج الوطني يكون (بالضرورة) أقل سعرا من المنتج المستورد، فلماذا تسير الأسعار عندنا بشكل (غير معقول)؟!.. هذا ما نتوسم أن تحرص مصالح التجارة على ضبطه.. والبداية كانت بمتعاملين اثنين.. والقادم أشدّ ضبطا..