”الحرّ.. بالغمزة”.. هذه كلمة مأثورة ردّدها آباؤنا وأجدادنا، تفيد أن الإنسان الصّالح يكتفي بالإشارة البسيطة كي يرعوي عمّا يمكن أن يضرّ بمن حوله، ويستوعب مخاطر ما يمكن أن يرتكب من أخطاء؛ فيذعن للنصيحة، ويلتزم بالتوجيه، بحكم أنه يعلم (علم يقين) أن “الغمزة” تقصد بالدّرجة الأولى إلى الحفاظ على مصلحته، ومصالح أهله وخاصته..
ولم تكتف مصالح الأمن، والحماية المدنية، والخطب المسجدية، والدروس المدرسية، والنشاطات الجمعوية بـ«الغمزات والإشارات”، وإنما أقامت الأيام التحسيسية، ونظمت الدّورات التوعوية، ونشرت الومضات الإشهارية، ولم تترك وسيلة (خطابية واتصالية) إلا استغلتها في ترسيخ الثقافة المرورية، وشرح مخاطر التّهور في السّياقة، ومع ذلك تتفاقم أرقام الحوادث القاتلة بطرقاتنا، وتتعاظم مخاطر استعمال الطرقات، ولا ينتبه (المتهوّرون) لما يقترفون من آثام إلا بعد وقوع (الكوارث)، فيظهرون لونا (غبيّا) من الأسف، ثم يضربون الأخماس للأسداس، ولا يرون أي حرج في تعليق (جرائمهم) على مشجب (كل شي بالمكتوب)، مع أن (المكتوب) لا يفرض على أي إنسان أن يتّخذ من سيارته آلة لترويع الآمنين من مستعملي الطرقات..
ونشهد شهادة حق، أن مصالح الأمن لم تقصّر في حماية المواطنين، فهي تقوم بواجباتها على أكمل وجه، وليس في إمكانها أن تضع شرطيا أو دركيا بجانب كل سائق، ما يعني أن أمن الطرقات مسؤولية يتحمّلها جميع المواطنين، والحل الوحيد اليوم، يمرّ عبر تطبيقات “التبليغ” عمّن ينتهكون قوانين المرور، ولقد كان لها دور رائع في كبح جماح المتهورين.. الحل يمرّ عبر أداء واجب المواطنة..