ليس من ينكر النجاح عن الأفلام الجزائرية المقتبسة من الروايات، فقد تمكنت “ريح الجنوب” لعبد الحميد بن هدوقة، من الرسوخ في الذاكرة، ومثلها “الأفيون والعصا” و«الربوة المنسية” لمولود معمري، و«الحريق” لمحمد ديب، و«وقائع سنين الجمر” المقتبس من قصة لمحمد الأخضر حمينة، وسيناريو شارك في كتابته رشيد بوجدرة، وأعمال أخرى صنعت المخيال الجزائري العام، وإن كانت قليلة جدا مقارنة بما أنتج رواد الأدب الجزائريين..
ونفخر اليوم أن مكتبتنا الأدبية تتزين كل عام بما يزيد عن مائة رواية، لكن الصناعة السينمائية لا تعيرها انتباها، وتراهن على سيناريوهات (يؤلفها) “هواة” لا علاقة لهم بالأدب، ولا علم لهم بوظيفته، فينتجون أعمالا باهتة، ويطرحون أفكارا مسطحة، تكون عادة مضادة للقيم الاجتماعية، كمثل ذلك المشهد الذي يجمع بين والد مُدان ينوي الحج، وابنه الذي يسخر منه، ويرفض دفع ديونه، بل يقيم عليه الحجة بأسلوب ساخر للغاية.. ولعلّ كاتب السيناريو راهن على “سخرية” الابن من أبيه من أجل إثارة الضحك، دون أن يخطر على باله أن تمييع معنى “الأب”، لا يخدم المجتمع في شيء، بل إنه يمكن أن ينتج العقوق والنكران..
إن الكتابة للسمعي البصري، مسؤولية كبيرة لا ينبغي أن يتصدى لها الهواة و(البزانسية)، فهي ميدان الأدباء المتمكنين من أصول السّرد، العارفين بوظائفه، المدركين لمخاطره، لكننا – مع الأسف – تعوّدنا على تحقير الأدب، واعتباره سقط متاع.