يعود مهرجان عنابة للفيلم المتوسّطي في طبعته الرابعة إلى عشاق الفنّ السابع بجوهرة الشرق بونة، لتستعيد هذه المدينة بعد انقطاع دام 4 سنوات ذاكرتها السينمائية ومجدها الفنّي، بمسرح “عزّ الدين مجوبي”، الذي سيكون على مدار أسبوع كامل فضاء للفرجة والاستمتاع بأحدث الأفلام السينمائية العالمية، كما سيكون الجمهور العنّابي على موعد مع ألمع نجوم الفنّ السابع من داخل الوطن ومن مختلف الدول العربية والأوروبية..
“رؤية جديدة” لمهرجان عنابة الرابع للفيلم المتوسّطي، هو الشعار الذي ترفعه محافظة المهرجان الذي تسعى من خلاله “لإعطاء صيغة مختلفة وعالمية للمهرجان من خلال اختيار أفضل الإنتاجات السينمائية، حضور نخبة من الفنّانين العالميين والمحليين، ومضاعفة قيمة الجائزة الكبرى، وفتح باب النقاش والتواصل بين المنتجين المحليين والعالميين”..
انطلقت فعّاليات مهرجان عنابة الدولي للفيلم المتوسّطي، مساء أمس الأربعاء، ويتواصل إلى غاية 30 أفريل الجاري، تحت رعاية وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، وإشراف والي الولاية عبد القادر جلاوي، حيث افتتح الفيلم الإيطالي “غداً أكثر إشراقا” للمخرج ناني موريتي، الدورة الرابعة التي تستضيف إيطاليا كضيف شرف، بتقديم عروض أفلام وندوات الخاصة بها والعديد من الأنشطة المتنوّعة، تؤثثها أسماء كبيرة في التمثيل والإخراج والنقد، وحسب القائمين على التظاهرة وقع الاختيار على هذا البلد، على اعتبار أنّ السينما الإيطالية تعتبر من الأكبر والأهم تاريخا وإبداعا، وقد ألهمت عدّة أجيال من مخرجين وممثلين..
أفلام بمضمار “الغزالة الذهبية”
قامت محافظة مهرجان عنابة، باختيار 70 عملا فنيا من أصل ما لا يقلّ عن 3 آلاف فيلم، أنتجت بين عامي 2022 و2024، حيث تم توزيع هذه الأفلام على 5 أقسام: المسابقة الرسمية (طويلة وقصيرة ووثائقية)، “لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط”، “تحيا فلسطين” وعروض خاصة.
تتنافس الأفلام الممثلة لـ18 بلدا على الجائزة الكبرى “الغزالة الذهبية”، بقيمة 15 ألف دولار في فئة الأفلام الروائية الطويلة، 5 ألاف دولار في فئة الأفلام الوثائقية، و5 ألاف دولار أيضا لفئة الأفلام القصيرة.
تم تشكيل ثلاثة لجان تحكيم، حيث يترأس المخرج التركي الكبير، الحاصل على جوائز عديدة نوري بيلج سيلان، مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، في حين تترأس الفنانة الجزائرية ريم تاكوشت لجنة تحكيم مسابقه الأفلام القصيرة، والمخرج اللبناني بهيج حجيج فئة الأفلام الوثائقية.
وبلغة الأرقام ـ حسب القائمين على التظاهرة ـ يشارك في مهرجان عنابة 70 فيلما من 18 بلدا، منها: في المسابقة الرسمية 14 فيلما روائيا طويلا، 18 فيلما روائيا قصيرا و14 فيلما وثائقيا، 10 أفلام قصيرة “عمار العسكري”، 5 أفلام ضمن “لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط”، 7 أفلام قصيرة ضمن برنامج “تحيا فلسطين”، 5 أفلام في العروض الخاصة، 7 ورشات تكوينية، 4 ماستر كلاس، إضافة إلى ندوتين ومنتدى.
تحيا فلسطين.. موقف ثابت
نشاطات ثقافية وفنية مكثّفة كشف عنها محافظ المهرجان محمد علال (خلال ندوة صحفية نشّطها بعنابة)، مؤكّدا بأنّ هذه التظاهرة موعد لاكتشاف المواهب وشريك في إنتاج أفلام لشباب هواة من خلال مرافقتهم في مختلف مراحل الإنتاج السينمائي”، وأضاف بأنّ المهرجان يطمح لأن يصبح مركزا للإشعاع الفني والارتقاء بالإنتاج السينمائي الجزائري.
ولأنّ الجزائر لا تفوّت ضمن أيّ مناسبة لها، على غرار المهرجانات الثقافية والتظاهرات الفنية فرصة إبراز موقفها الثابت إزاء القضايا العادلة، ومناصرتها لها، على غرار القضية الفلسطينية، استحدث مهرجان عنابة للفيلم المتوسّطي في دورته الجديدة برنامجا خاصا بالتعاون مع مؤسّسة الفيلم الفلسطيني يحمل عنوان “تحيا فلسطين”.
تقوم الشراكة على إنشاء قسم مميز يركّز على السينما الفلسطينية، ويسلّط الضوء على الإنتاج السينمائي الفلسطيني وصنّاعه، ومن خلال هذا البرنامج تعرض 07 أفلام قصيرة وهي: “العبور” لأمين نايفة، “مار ماما” لمجدي العمري، “ذبذبات من غزّة” لرحاب نزال، “فلسطين 87” لبلال الخطيب، “عن طريق البحر” لوسام الجعفري، “بنك الأهداف” لرشدي السراج، و«ابن الشوارع” لمحمد المغني.
لؤلؤة البحر المتوسّط.. فضاء المرأة السينمائية
وارتأت محافظة المهرجان عبر برنامجها “لؤلؤة البحر المتوسط”، تسليط الضوء على فنّانات في مجال الفن السابع تميّزن بإبداعاتهنّ وتقديم أعمال للسينما خلال عام 2023، حيث يتم عرض ضمن هذا البرنامج فيلم “بنات ألفة” للتونسية كوثر بن هنية، “تشريح السقوط” للمخرجة الفرنسية جوستين تريت، “إيمان” للفنانة القبرصية كورينا أفرميدو و«جان دوباري” للمخرجة الفرنسية مايوين.
عروض خاصة
سيكون عشّاق السينما أيضا خلال هذا الحدث السينمائي على موعد مع أحدث الأفلام من داخل الوطن وخارجه، على غرار العرض الأول لفيلم “بن مهيدي”، وذلك سهرة اليوم بداية من الثامنة مساء بمسرح عز الدين مجوبي، بحضور المخرج والمنتج بشير درايس الذي كشف أنّ عودته إلى عنابة مليئة بالحنين بعد 35 سنة كاملة من الغياب، تعود إلى سنة 1988 عندما كان طالبا في المعهد الوطني للفنون الدرامية والكوريغرافية، أين سجّل حضوره في مهرجان عنابة للفيلم المتوسّطي آنذاك، وكان أول حدث دولي يعيشه في الفن السابع كجزائري، والقدر يعيده إلى عنابة مرة أخرى من أجل العرض الخاص لفيلمه “بن مهيدي”.
كما يتم بالمناسبة، عرض فيلم “العائلة” لمرزاق علواش، “أيام الرصاص” للمخرج السوري أيمن زيدان، “شكرا لينا” للمخرج الإيطالي لياري جوليوتشي و«قبل أن تنطفئ النيران” للفرنسي مهدي فيكري.
صمود فلسطين.. و130 سنة من السينما الإيطالية
جمهور سينما البحر المتوسّط يضرب موعدا مع ندوتين تسلّطان الضوء على السينما الفلسطينية والايطالية، حيث تركّز الندوة الأولى بعنوان “السينما الفلسطينية: شهادات، صمود وتأثير” على “الدور الحاسم للسينما الفلسطينية في الحفاظ على التاريخ والصمود الثقافي وتأثيرها كوسيلة للتوعية والدفاع، إضافة إلى تسليط الضوء على التحديات الفريدة التي يُواجهها صُنّاع الأفلام الفلسطينيون، بما في ذلك صعوبات التصوير في غزّة والقيود الإنتاجية”، ومن بين المداخلات التي يثريها مخرجون وفنانون فلسطينيون “قوّة السرد السينمائي في الحفاظ على التاريخ الفلسطيني”، “دور الممثلين في التجسيد الحقيقي للواقع الفلسطيني”، “قوّة التمثيل السينمائي في بناء الهوية الفلسطينية”، “تحديات وفرص في إنتاج أفلام فلسطينية”، “فنّ الإخراج في السينما الفلسطينية، مع التركيز على الفيلم القصير الأخير “سُكرانية 59”، “أهمية الأصالة في إخراج القصص الفلسطينية” و«السينما كأداة للدفاع وتمكين النساء الفلسطينيات”.
فيما يقدّم نقاد وباحثون خلال الندوة الثانية بعنوان “130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد”، قراءات عن السينما الإيطالية، في تاريخها وأهم الأسماء التي صنعت هذه السينما العريقة، ينشّطها مختصون في المجال وهم: ماسيمو ليتشي، أوسكار لاروسي، جيسي كومينغ.
يتناول الناقد السينمائي ماسيمو ليتشي محورا هاما، يتعلّق بحضور الوطن العربي في السينما الإيطالية، واهتمامها بانشغالات وقضايا تخص العرب، وذلك من خلال نماذج عالمية، والعودة إلى أمثلة لكبار المخرجين الإيطاليين على غرار بونتيكورفو، فيسكونتي، وباسوليني.
بينما يخوض الكاتب والناقد السينمائي والأدبي أوسكار لاروسي في تاريخ السينما الإيطالية العريقة، التي بلغت 130 عاما من الوجود، وذلك بالحديث عن صانع الأفلام “فيديريكو فليني” (1920 ـ 1993) في ذكرى ميلاده المائة، وهو مخرج صاحب مسار فني هام، وحائز على جوائز عالمية كثيرة.
ويتحدّث الكاتب والباحث جيسي كومينغ، في مداخلته، عن موضوع “التوثيق في عالم السينما”، ورصد مجموعة من التجارب لأفلام إيطالية.
المنتدى الدولي للصناعة السينموتغرافية
تحتضن قاعات المحاضرات بفندق سيبوس، يوم ٢٩ أفريل الجاري، المنتدي الدولي للصناعة السينماتوغرافية، تحت شعار التحديات..المشاريع.. المستقبل بمشاركة، بمشاركة 100 فاعل في ميدان السينما من منتجين، مدراء المهرجانات، ممثلي الوزرات – جمعية البنوك، خبراء القانون، من 10 دول هي: الجزائر، إيطاليا، مصر، تونس، مالطا، السعودية، تركيا، كندا، كرواتيا، إيران، وستركّز المداخلات على “آفاق وتطلّعات لدعم الصناعة السينماتوغرافية في الجزائر”، “التمويل والاستثمار، آليات الدعم المالي السينمائي” “المهرجانات من العروض والمسابقات إلى الدعم والتمويل والترويج”، “السينما في زمن المنصات والشاشات والتكنلوجيا والابتكار”، “التعاون وتفعيل الاتفاقيات، استكشاف فرص التعاون مع صناعة الأفلام الأجنبية ومميزات الإنتاج المشترك”، و«التكوين ودعم التجارب الناشئة”.
ورشات تكوينية بحضور أيمن زيدان
يقترح مهرجان عنابة للفيلم المتوسّطي مجموعة من الورشات في مهن السينما، يشرف عليها مختصون، وهي موجهة للمواهب الشابة، والراغبين دخول المجال، وهذه الورشات تتعلّق بمهنة الإنتاج، الإخراج، المونتاج (التركيب)، الصوت، التصوير، إدارة الممثل، وكتابة السيناريو.
وفي هذا الصدد، يشرف المخرج يحيى مزاحم على ورشة “الإنتاج”، سليم أكتوف برنامج المونتاج (التركيب)، إلى جانب “ورشة الصوت” مع حميد بوزيان، طاهر بوكلة في “ورشة كتابة سيناريو”، “ورشة التصوير” مع علال يحياوي، “ورشة إخراج فيلم قصير في 48 ساعة” عبد الله الخطيب، “ورشة إدارة الممثلين” التي يؤطرها الفنان السوري الكبير أيمن زيدان.
ماستر كلاس
يفتح مهرجان عنابة للفيلم المتوسّطي، في دورته الرابعة، المجال لأربعة أسماء سينمائية، لتروي تجاربها، كلّ حسب اختصاصه، ضمن برنامج ماستر كلاس، حيث يستضيف الموسيقي والملحن الكبير صافي بوتلة في حديث عن موسيقى الأفلام على ضوء تجاربه الكثيرة، ويتكلّم الجزائري سامي لاموتي عن خبرته في مجال المؤثرات الخاصة بالسينما، المعروفة أيضا باسم الخدع البصرية، كما تخوض المخرجة الفرنسية مايوين في عملية إدارة الممثلين، أهميتها وأسرارها، ويتناول المنتج الإيطالي دانييلي أورتشولو، ضمن اختصاصه، موضوع كيفية إنتاج فيلم.
العنّاب الذهبي.. تكريما لضيوف بونة
يكرّم مهرجان بونة – حسب محافظ المهرجان – أحد أعمدة السينما الجزائرية وشمال إفريقيا، المخرج وكاتب سيناريو والمنتج، توفيق فارس، الذي بدأ مسيرته في الستينيات وأنجز العديد من الأفلام، أبرزها سيناريو “وقائع سنين الجمر” للمخرج لخضر حمينة الحائز على جائزة “السعفة الذهبية في مهرجان كان سنة 1975، إضافة إلى تكريم الممثلة “لسبون” أو المفتشة راكيل موريللو، بطلة المسلسل الاسباني Casa de Papel.. كما يكرّم مهرجان عنابة للفيلم المتوسّطي المخرج الكبير مرزاق علواش.
باسل الخطيب يسدل الستار
يُسدل الستار على المهرجان الدولي للفيلم المتوسّطي بعنابة، بعرض فيلم “يومين” للمخرج السوري باسل الخطيب، في ثالث تعاون فني مع الفنان دريد لحام بطل الفيلم وكاتب القصة، حيث من المنتظر أن يحلّ أحد عمالقة السينما العربية ضيفا على الجزائر عشية اختتام التظاهرة.