لا تحلو مباراة كرة القدم، إلا بمرافقة الأهازيح الجميلة، والأعلام الملونة، ولا ينال الهدف روعته إلا إذا انفجر معه هتاف المتفرجين بتلك (الإلييييي) الرائعة التي تتوّج إنجاز اللاعب الممتاز.. وكثيرا ما يقوم الفريق المنافس بلقطات جميلة، يصفّق لها الجمهور بمنتهى المحبة؛ فالمقصد الأساسي هو الاستمتاع بكرة القدم، لا شيء آخر..
ولا نعرف كيف تسللت إلى ملاعبنا بعض (الظواهر) المشينة التي تفسد أجواء المباريات، وتحوّل الفرحة إلى قرحة، فقد صرنا نرى من لا يتورع عن الإلقاء بقوارير المياه إلى أرضية الملعب، دون اهتمام بواجب الاحترام، وصرنا نسمع من يتفوّه بالكلام الجارح، ومن يغضب من خطأ تكتيكي غضبا يجل الواحد يحسّ كأن (سي غضبان) شريك مساهم بأمواله في الفريق، أو كأن خطأ اللاعب (المغضوب عليه) يحرم (سي مناصر) من الحصول على مستحقات المناصرة.. أما ثالثة الأثافي، وعجيبة الدّواهي، فهي انجرار بعض اللاعبين إلى الغوغائية والفوضى، فيثيرون في المدرجات ألوانا من الغضب، فلا يسلم منهم لاعب منافس، ولا حكم، فهم يصبّون غضبهم على كل ما يتحرك، مع أنهم يوصفون بأنهم (محترفين)!!.
ولا يسلم من يتابع المباراة الكروية بداره؛ فهو يجد معلّقا يخاطب الحكم: (سيدي الحكم وعلاش.. سيدي الحكم كيفاش.. وهذا الواسمو واشبيه..) مع أن الحكم لا يسمعه، وإنما يسمعه المشاهدون وحدهم، وترتفع حدة الغضب في عروقهم..
وليس من أخلاقنا ولا عاداتنا أن نغضب في أثناء متابعة مقابلة كروية.. نعم، نحب أن يفوز الفريق الذي نناصره، ولكن هزيمته ليست نهاية التاريخ، فالأمر – في الأخير – كرة، وهذه مجرد جلد منفوخ، يقفز هنا، ويسقط هناك، وليست علوما دقيقة..