لم نشك مطلقا أن الفيتو الأمريكي ضد “وقف إطلاق النار بغزة” وإمعانه في مساندة إبادة الفلسطينيين، سيُحدث شعورا عالميا بعدم الأمان، وهاهي الجامعات (أمريكية وفرنسية وغيرها..) تنتفض ضد العدوان الصهيوني على فلسطين، ولقد بلغ “التّوتر”، في أوساط الطلبة، مستوى فرض إلغاء النشاطات العلمية، وتمدّدت انتفاضة الجامعيين والمثقفين إلى الحملة الانتخابية الأوروبية، فتلقى السّياسيون والنّقابيون استدعاءات من المحاكم، كي يدافعوا عن أنفسهم من تهمة “إدانة الكيان الصهيوني، ومساندة غزة”!!..
ويعلم الأمريكان والفرنسيس والمتمترسون خلف آلة الإبادة الصهيونية، أن الوقوف ضد المطالب الإنسانية مخاطرة كبرى؛ لهذا خففوا من حدّة (مواقفهم)، وألقوا إلى مجلس الأمن بـ(الموافقة) على وقف إطلاق النار، أو (الامتناع) عن الخوض فيه، بعد أن جهزوا جميع الأدوات التي تضمن مواصلة الإبادة.. غير أن هذا (المكر المنكر) لم يتمكن من إقناع أولي البصائر عبر جميع أصقاع العالم.. جريمة “الإبادة” ثابتة، والطغيان الصهيوني جليّ، وليس أمام القوى المتربصة بالفلسطينيين العزّل سوى الاعتراف بحلّ الدّولتين، وإقامة سلام دائم؛ لهذا بدأت وسائل الإعلام الغربية تتحدث عن (تفاؤل أمريكي بالمحادثات) و(مقترحات أمريكية لتقريب وجهات النظر)، وهلمّ جرّا من الأخبار التي تفتح الآفاق أمام وقف محتمل لآلة الدمار..
لقد بلغ العالم من الإحباط ذروته، وهو يرى (كمشة) من الأقوياء يصرّون على مواصلة الإبادة، بل يعدّون لها من “الخطابات المغالطة” ما يعتقدون أنه يُلبس الجاني ثوب الضّحية، في مواجهة شعب أعزل لا يملك حتى قوت يومه.