حقّق المهرجان الدولي للفيلم المتوسّطي بعنابة، نجاحا منقطع النظير، وعرض أكثر من سبعين فيلما في ظرف أسبوع واحد، حظيت كلها بمتابعة جمهور عريض، عبّر عن شغفه بالأعمال السّينمائية..
ولا نشك مطلقا بأنّ الجمهور الجزائري شغوف بالسينما، وبالأعمال الفنية عموما، ولقد وجد في المهرجان العنابي ما يتيح له الاقتراب من “أعمال موثوقة”، بحكم ما تتمتّع به من عناية وزارة الثقافة والفنون، ما يجعلنا نتفاءل بمستقبل زاهر لـ “السينما”، خاصة وأن التلفزيون الوطني، أطلق، بالتزامن مع اختتام مهرجان الفيلم المتوسطي، مسابقة للمبدعين من كتّاب السيناريو، كي يشحذوا قرائحهم، ويعدّوا العدّة لشاشة رمضان المقبل..
ولا ندّعي أنّ صناعة السّينما عندنا، ستتحوّل إلى أمر واقع بين ليلة وضحاها، ولكن مسار الألف ميل – كما يقال – يبدأ بخطوة، ولكن، إذا قدّرنا أن بلادنا اكتسبت خبرة محترمة في الميدان، منذ الاستقلال، فإنّنا يمكن أن نقول باطمئنان إن القاطرة انطلقت من عنابة، ولم يبق إلا الجهد والصبر..إلى أن يكتمل بناء الصّرح السينمائي الجزائري.
وقد يكون واضحا أنّ وزارة الثقافة اشتغلت بأناة وصبر على إعداد الأدوات التي تكفل قيام سينما جزائرية مقتدرة، ففسحت للكتابة الأدبية والفنية، وأقامت الورشات التكوينية، وأعدّت النّخب الثقافية والفنية، وجهّزت القوانين المؤطرة، والرهان حاليا ينبغي أن يكون على الأعمال السّردية الجزائرية كي تجد طريقها إلى الشاشة، فهي وحدها التي يمكن أن تخاطب الجزائري؛ لأنّها تتكلّم بلسانه، وتحمل انشغالاته، وتعانق طموحه، ولتكن البداية بالأعمال الفائزة بجائزة رئيس الجمهورية “علي معاشي”، وجائزة آسيا جبّار، وجائزة محمد ديب، ليتحقّق الأمل المرتجى، وينفتح المشروع الكبير على آفاق أوسع.