أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في خطابه الأخير بمناسبة عيد العمال أن قطاع الفلاحة في الجزائر شهد تقدمًا كبيرا خلال السنوات الخمس الماضية، حيث تجاوز إسهامه قطاع الصناعة في الناتج المحلي.
ومن المتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي هذا العام إلى 267 مليار دولار، وفقًا لتوقعات صندوق النقد الدولي. وقد جعلت هذه التطورات الجزائر ثالث أكبر اقتصاد في إفريقيا، مع نسبة نمو تتجاوز الـ 4٪ سنويا.
ملف: علي مجالدي وحياة كبياش و”الشعب”
وضعت عديد المؤسسات المالية توقعات سلبية للاقتصاد الوطني وفقا للمعطيات الاقتصادية لسنة 2019 وحالة عدم الاستقرار السياسي التي كانت تعيشها البلاد، وتكهنت حينها بلجوء الجزائر للاستدانة الخارجية لتغطية العجز في الميزان التجاري، غير أن الاقتصاد الجزائري تمكن من تجاوز الأزمة، وتحويل المؤشرات الحمراء إلى اللون الأخضر، بفضل العمل المنجز والسياسية التي وضعها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، منذ وصوله إلى سدة الحكم.
يتفق المتابعون للشأن الفلاحي بالجزائر، على أن الدعم الذي تقدمه الدولة يمثل إضافة هامة إلى تنظيم مجال الاستيراد، ويعد سببا رئيسيا في النمو الكبير للقطاع الفلاحي المقدر بـ7٪ سنويا، وتعتبر الجزائر – بمؤشرات السكان ووفرة المياه – ثاني أكبر دولة فلاحية في المنطقة العربية بعد مصر، وقدر حجم الإنتاج الفلاحي في الجزائر سنة 2023 بأكثر من 30 مليار دولار ما يمثل 14٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في السنة نفسها.
وأطلقت الدولة العديد من برامج الدعم الفلاحي، من بينها البناء الريفي لدعم صغار الفلاحين إذ يمثلون ركيزة أساسية في المجال، حيث يستفيد الفلاح من قطعة أرض ودعم مالي مع توفير ربط مجاني بالكهرباء، كما ساهم البرنامج الجديد الذي بدأ العمل به في 2023، والخاص بالكهرباء الفلاحية، بربط عشرات الآلاف من المستثمرات الفلاحية عبر مناطق مختلفة من الوطن بالكهرباء. بما في ذلك مستثمرين في أقصى الجنوب الجزائري.
علاوة على ذلك، حرصت الدولة على إعطاء العديد من الاعفاءات الجبائية للفلاحين لتشجيع الاستثمار الزراعي، مع تقديم دعم مادي مباشر في شكل قروض أو إعفاءات لحماية الفلاحين ومرافقتهم لتحقيق أهداف السنة الفلاحية، مع تقديم تعويضات عن الضرر الناجم عن سوء الأحوال الجوية.
إضافة إلى ذلك، يتوقع الخبراء أن تحقق الجزائر جزءًا مهمًا من اكتفائها الذاتي في مادة القمح خلال العقد القادم، وفقا للاستراتيجية المعمول بها حاليا، من خلال توسيع المساحات المسقية والرفع من مردودية الهكتار، لاسيما مع دخول مستثمرات فلاحية كبيرة لإنتاج هذه المادة في الجنوب الجزائري. ومن المتوقع أن يبلغ حصاد هذا العام من القمح والأعلاف في المناطق الجنوبية أكثر من 5 مليون قنطار، ما يشكل 16٪ تقريبًا من إجمالي الإنتاج الجزائري من الحبوب في عام 2022.
كما أكد رئيس الجمهورية أنه بحلول نهاية عام 2024، سيتم إنتاج مادة السكر محلياً، ما يساهم في تقليص فاتورة الواردات الغذائية بنسبة كبيرة. وتستهلك الجزائر سنوياً 1.9 مليون طن من السكر، بقيمة تفوق 1.2 مليار دولار، وتعتمد الجزائر على الاستيراد لتشغيل مصانع التحويل المحلية. وتهدف خلال نهاية هذا العام للانتقال إلى إنتاج المادة الأولية للسكر، ما يضفي قيمة صناعية كبيرة على هذه المادة في الجزائر، حيث سيصبح السكر منتجًا محليًا بنسبة مئة في المئة.
ويُمثل التطور الكبير الذي شهده قطاع الفلاحة في الجزائر خلال السنوات الأخيرة قصة نجاح ملهمة تُساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاقتصاد الوطني. وتُعدّ جهود الدولة الدؤوبة لدعم الفلاحين وتوفير البنى التحتية اللازمة من أهم العوامل التي أدت إلى هذا النجاح.
د.عرقوب واعلي: المؤشـرات الاقتصادية الخضراء .. دعم لمسار التطوّر
وأكد أستاذ الاقتصاد الدكتور عرقوب واعلي، أن المؤشرات الاقتصادية المسجلة 2023-2024 طموحة وتبعث على التفاؤل، إذ يتوقع تضاعف قيمة الناتج الداخلي الخام من 200 مليار حاليا إلى 400 مليار دولار في حدود 2026-2027، مشيرا إلى أهمية القرارات الاجتماعية التي تدعم التنمية الاقتصادية على غرار الرفع من القدرة الشرائية من خلال الزيادة في الأجور.
وقال الخبير الاقتصادي عرقوب في تصريح لـ«الشعب”، إن المؤشرات الاقتصادية للجزائر عرفت تقدما واضحا جدا خاصة خلال السنتين الأخيرتين، وقد كانت إيجابية، وهو ما أكدته تقارير منظمات عالمية بداية من صندوق النقد الدولي، الذي يعتبر الجزائر في طريقها لأن تكون ثالث قوى اقتصادية إفريقية بعد دولة جنوب إفريقيا ومصر، لتليها نيجيريا التي كانت تحتل هذه المرتبة الثالثة سابقا.
ويركز الخبير على أهمية المؤشرات الداخلية، أبرزها مؤشر الاستقلالية المالية، فالجزائر ليس لديها مديونية خارجية، وهذا – يقول الخبير – مؤشر يضعها في أريحية وفي موقع يمكن من خلاله الدفاع على القضايا العادلة على غرار القضية الفلسطينية والقضية الصحراوية.
كما يعد احتياطي الصرف مؤشرا مهما جدا، بعد أن كان في بداية كورونا سنة 2020، حوالي 42 مليار دولار، ليقفز إلى الضعف تقريبا، حيث وصل إلى 70 مليار دولار أواخر 2023، وهو مكسب أساسي؛ لأنه – كما يرى عرقوب – يدل على أن الجزائر استرجعت عافيتها الاقتصادية، وأن لديها الآن مخزون قوي جدا من احتياطي العملة الأجنبية.
بالنسبة إلى تنويع الاقتصاد الجزائري، قال المتحدث إنه لم يعرف تنوعا كالذي عرفه خلال السنتين الأخيرتين، حيث لم تكن الصادرات خارج قطاع المحروقات تتجاوز 2 مليار دولار في أحسن الأحوال، وذلك منذ عقود من الزمن، وقد ارتفعت قيمتها لتصل إلى 7 مليار دولار السنة الماضية، وهناك طموح لتبلغ 11 مليار دولار، ما يمثل – يقول محدثنا – نقطة اقتصادية هامة تحسب لسياسة رئيس الجمهورية.
فيما يتعلق بالرقمنة، أصبحت تستعمل في القطاع الاقتصادي أولا وفي القطاعات الإدارية، وهي الوسيلة التي تعزز الشفافية والحكم الراشد كما يعد التعليم العالي صاحب السبق في الرقمنة.
وبعدما أشار إلى أن عملية رقمنة قطاع المالية جارية، أشار إلى أن جميع القطاعات الحساسة ستعرف الرقمنة، مشيرا إلى أن الأرقام التي توردها الهيئات الوطنية المعنية حول الاقتصاد تتوافق وما حملته تقارير هذه الأخيرة، كما تحدث عن المؤسسات الناشئة، وقال إنها ساهمت في بناء أقوى الاقتصاديات العالمية، بداية من الاقتصاد الأمريكي في الستينيات والسبعينيات، والاقتصاد الإيطالي وكذا الكوري، ولفت إلى أن الاقتصاد الجزائري يسير على نفس خطى الاقتصاديات المذكورة، مشيرا إلى أن بلادنا تعد الأولى إفريقيا لأول مرة من حيث عدد هذه الشركات بعدد 7 آلاف شركة، والرقم مرشح للارتفاع.
مولى: اقتصادنا انطلق.. ومناخ الأعمال شهد تطورا غـير مسبوق
ونوّه مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، السبت، بنتائج الإصلاحات الاقتصادية التي باشرها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مبرزا إسهامها في النتائج الايجابية التي حققها الاقتصاد الوطني.
أوضح رئيس المجلس كمال مولى بخصوص خطاب رئيس الجمهورية، الذي ألقاه الأربعاء المنصرم بمقر المركزية النقابية بدار الشعب، أمام نقابيي الاتحاد العام للعمال الجزائريين وممثلي النقابات الوطنية المستقلة، بمناسبة الاحتفال بيوم العمال العالمي، أن “الإصلاحات الاقتصادية التي أقرها رئيس الجمهورية قد بدأت تؤتي ثمارها”، وأضاف أن رئيس الجمهورية، أكد في خطابه على أهم المكتسبات والنتائج الايجابية التي حققها الاقتصاد الوطني خلال السنوات الأخيرة، مما جعله ثالث اقتصاد في إفريقيا.
في هذا الصدد، أشار مولى إلى إسهام الإصلاحات في تنويع نشاط الاقتصاد الوطني، سيما النشاط الصناعي، مضيفا أن “المشاريع المهيكلة التي سيتم تحقيقها في السنوات المقبلة في مجال الصناعات التحويلية وقطاع الخدمات، ستوفر مئات الآلاف من مناصب الشغل، بل ستضع بلادنا في منأى عن التبعية، سيما في قطاعات استراتيجية”.
كما ذكر برفع العراقيل عن 900 مشروع استثماري، مما أدى إلى توفير 22.000 منصب شغل مباشر، معتبرا ان تلك المشاريع التي تم تفعيلها “تشكل أفضل مؤشر عن تلك الارادة المعلنة بتجاوز العراقيل البيروقراطية”.
وأكد رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، أن خطاب رئيس الجمهورية “يتميز قبل كل شيء بالاهتمام المتجدد والذي خصص لتنمية الاقتصاد وتجديد التأكيد على الطابع الاجتماعي للدولة”.
وعليه، يضيف رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، فإنه ليس من قبيل الصدفة أن يتقرر بمناسبة يوم الفاتح ماي وبمقر المركزية النقابية توجيه “مجموعة من الرسائل ذات أبعاد كبيرة حول التوجهات التي ميزت السياسة الاقتصادية الوطنية خلال السنوات الأخيرة”.
ومن بين تلك الرسائل، بحسب مولى، “هناك على وجه الخصوص عودة نمو قوي ومرن كما تدل على ذلك النسب الايجابية المسجلة منذ الانكماش العالمي المرتبط بوباء كوفيد19”، وعليه، فإن نسبة النمو بـ4.2 % المسجلة في سنة 2023، تؤكد بشكل كبير على هذا المؤشر الجد إيجابي، يضيف ذات المتدخل، مشددا على ان “كل ذلك يأتي في سياق اقتصادي تظهر فيه كل مجاميع الاقتصاد الكلي باللون الأخضر” على غرار نتيجة ميزان المبادلات التجارية والحساب الجاري لميزان المدفوعات وإنعاش الاستثمار واحتياطي الصرف وكذا المستوى المنخفض جدا للدين الخارجي.
أشار مولى، من جانب آخر، إلى أن “كل تلك المعطيات قد تم تأكيدها بما في ذلك التقرير الرسمي لصندوق النقد الدولي الذي صدر أسبوعا من قبل”، وأضاف أنه من وجهة نظر عالم المؤسسة فإن “تلك كلها مؤشرات واضحة تدل على أن اقتصادنا انطلق على أسس متينة وان جميع الآفاق أصبحت مفتوحة أمامه”.
في هذا السياق، أشاد مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري بالتزام رئيس الجمهورية بمواصلة تحولات الاقتصاد مشيرا إلى أن مناخ الأعمال يعرف تطورا “ايجابيا على نحو متزايد” إلى درجة أن إصلاح التشريعات المسيرة للاستثمار وتلك المتعلقة بالقطاع المالي والبنكي أو تلك المسهلة للحصول على العقار الاقتصادي قد بدأت تعطي ثمارها.
وأضاف ان ورشة الرقمنة التدريجية لمجموع القطاعات تعتبر “هي الأخرى خطوة أكيدة نحو تسهيل العلاقة بين الإدارة والمواطن وفي نفس الوقت ضمانة اكيدة لاستيعاب ثورة تكنولوجيات الاتصال ودخول البلاد كليا في العصرنة”.
وتابع يقول “إننا على مستوى المجلس معجبون بالتناسق العميق الذي تخلل خطاب رئيس الجمهورية بما في ذلك المقاربة المنهجية والمدروسة التي تميز بها، مما انعكس اليوم بشكل ملموس في التناغم التام بين القول والأفعال وكذلك بين الالتزام والنتائج الملموسة المسجلة في الميدان”.
وخلص مولى في الأخير إلى التأكيد بأنه سجل كذلك الاهتمام المخصص اليوم للفعل الاقتصادي مما يفتح آفاق جد ملائمة أمام جميع قطاعات النشاط، مشيرا خاصة إلى الأرقام المطمئنة التي كشف عنها رئيس الجمهورية ورسائل التفاؤل.