هما مدرستان اثنتان في كتابة السيناريو.. الأولى فرنسية، والناجحة هوليودية، ولا نعرف لماذا يصرّ كثير من كتّاب السيناريو (عربا وجزائريين) على الالتزام بالقالب الفرنساوي، رغم أنه لا يضيف للكاتب سوى متاعب المربعات الفارغة، والفراغات السّردية، فـ»الغالب» على (النوع) الفرنساوي، أنه لا يجد حرجا في تصوير مشاهد فارغة، كأن يفرض على المشاهد متابعة بطل القصة على طول المسار الذي يمشيه (أو يجريه) من داره (على سبيل المثال) إلى غاية السّوق، والعجيب أنه يمتلك قدرة (فرعونية) على جعل المسار صامتا، وكأن الحبكة كلها في ذلك المسار الطويل، رغم أنه لا يعود إليه أبدا خلال أطوار الفيلم..
ولقد أتيحت لنا متابعة بضع حلقات من المسلسلات (ديالنا)، فوجدناها – في معظمها – مُغرقة في الفراغات، بل وجدنا عددا من الحوارات تسبق الأحداث المعالجة، وتصفها بأنها من الماضي، ثم يتفاجأ المتفرج بالأحداث تقع في وقت العرض.. وهذه من (الكبائر) التي تقنع المتفرجين بأن لا يعودوا إلى المتابعة..
لقد بذلت وزارة الثقافة والفنون جهودا منيرة في ترقية الكتابة الفنية، فنظّمت الورشات، وفسحت للنقاشات، واستضافت الخبراء، ونحسب أن كليات الفنون ستخرج الأفذاذ من كتبة السيناريوهات، ولكن يبقى أن الجهود لا تثمر في اليوم والليلة، وإنما ينبغي أن تتواصل إلى أن تتحقق الغاية، وتتمكن الصناعة السينماتوغرافية من إعداد عدّة الانطلاق..
ولا نغالي إذا قلنا إن التركيز يجب أن يكون على «الفكر»، والرهان يجب أن يكون على «الأدب»، ودليلنا «مستوى إنتاج» المدرسة الفرنسية التي ذوّبت السيناريست في المخرج، فصارت تأتي بأشياء تشبه الأفلام..