لم نخلص من الجدل حول الأسعار في رمضان، حتى بدأ جدل جديد حول أسعار الأضاحي، وتفاقمت الإشاعات، وكثرت التأويلات، وضجّ «المتابعون» بين بائع (يحلف ويتكتّف) أنه لن يبيع بأقل من كذا، وزبون (يقسم) أنها الطامة المقبلة.. وكما جرت العادة، لن يُختتم موسم الإشاعة الجديد، إلا بعد أن يؤدي الناس واجب عيدهم، كي يفتتح موسم الإشاعات الموالي.. وهكذا دواليك..
ونعترف أننا لا نفهم كيف تشتغل (حبّة الفهامة) في أدمغة صنّاع الإشاعات، فهم يتخيّرون أي مناسبة عزيزة، كي يحيطوها بحكايات محبوكة بـ(غباء زائد)، ليلقوا ألوانا من (الخوف) و(التوجّس) و(الترقب) إلى قلوب الناس، وتتحول الإشاعة الحمقاء إلى كرة ثلج تتناقلها الألسن (بالقيل والقال وكثرة السؤال).. ثم تمرّ المناسبة في أحسن الأحوال، ويفرح الناس برمضانهم وعيدهم، دون أن يتحقق شيء من الكلام الفارغ الذي أهرق الوقت والجهد..
ولسنا نرى حاجة في (التّخوف) مما هو آت، وحتى إن كان سعر الأضحية مرتفعا، فإنه لا يفسد للعيد قضية، بحكم سابق علمنا أن أعمالنا بـ»النيات الصالحات»، ولا علاقة لها بالمباهاة والتكاثر والتفاخر وهلمّ جرّا مما يدخل في سوء الأخلاق، وسوء التدبير، وسوء التقدير.. وحتى سوء (الاستفادة) من نعمة الكلام..
نحنّ إلى زمن كان الواحد منا يتوكل على الله، ويؤدي واجبه تجاه أهله وبني وطنه، دون حسابات زائدة، فـ»الرزق» – كما تيقّن الجميع – على الله، ولهذا بالضبط، قال الجزائريون الرجالة: «اللي يحسب وحدو.. يشيط لو»..