يبدو أنّ أسعار أعلاف (المواشي البحرية) ارتفعت، فقد قرّرت «التونة» – في موسمها هذا – منافسة اللحوم الحمراء المحلية، ومضاهاة اللحوم المستوردة؛ لهذا ركبت رأسها، وأصرّت على أن لا يصل إليها (مغبون) إلا إذا بذل الشيء (الفلاني) و(الفلتاني)..
وقد يقول قائل إنّ مخلوقات البحر لا تنتظر من يعلفها، ويسهر على تسمينها، ويحرص على صحّتها، فهي تسبح في البحار، إلى أن يستقبلها الصيادون، وهذا صحيح، وهو المعتمد عند جميع صيادي العالم الذين يخدمون أوطانهم، ويوفّرون لأهاليهم لحما طريّا، غير أن الأمر عندنا مختلف نوعا ما، ويمكن – بسهولة – أن ندرك الفارق حين نجد أسعار السّردين المستورد، أقل ثلاث مرات من أسعار سرديننا المبارك، ما يعني – تقريبا – أنّ سرديننا استهلك كثيرا من العلف الرفيع المستوى، وحظي برعاية صحية لا تقل عن الثلاثة نجوم..فإذا نظرنا إلى أسعار التونة المقترحة هذه الأيام، لا نشكّ مطلقا بأن تونتنا يمكن أن تكون على درجة عالية من الثقافة، وقد يكون فيها عدد من التونات الشاعرات، والروائيات، وفيهن اللواتي يتقنّ العزف على البيانو، وقد يكون بينهن تونة خبيرة اقتصادية، وأخرى متحصّلة على نوبل، وعلى هذا، لا نستبعد مطلقا أن تكون لتوناتنا الجميلة، القدرة على أداء رائعة «البحارة»..(جيبوها يا لولاد)..
ويعلم الجميع أنّ الدّولة وفّرت كل مقتضيات القدرة الشرائية الفارهة، غير أنّ المشتغلين بـ «البيع والشراء» عندنا (حتى لا نقول «التجارة»)، لا يكفّون عن استغلال كل سانحة من أجل تفعيل آليات المضاربة والاحتكار والتلاعب بالأسعار، ظنّا منهم أنّ السوق لا تزال في قبضة الفوضى، وسيواصلون إلى أن تأتيهم (اليد الفرّاسة) على رأي عمّنا المتنبّي..