بعد فاجعة “سبت أسود” راح ضحيتها 5 أطفال بشاطئ متنزه “الصابلات” اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بين مطالب بوقف فوري لجميع الرحلات المدرسية، وتلك التي تنظمها الجمعيات الخيرية، ومحاسبة المسؤولين، ودعاة لتكثيف الحملات التوعوية والتحسيسية، كي لا تتكرر مثل هذه الفاجعة، وأصوات أخرى تعالت تنديدا بالحادثة الأليمة..
دعوات نابعة من هول مأساة زعزعت القلوب وهزت المشاعر، لاسيما أن الضحايا أطفال أبرياء، ذنبهم الوحيد رغبتهم في قضاء نهار جميل في فسحة، أرادوا خلالها مداعبة موج البحر، فباغتهم الموت…
ما إن سقط خبر وفاة تلاميذ كانوا في رحلتين للنزهة، السبت الفارط، الأولى نظمتها دار الشباب “الشهيد مزاري الحسن ببلدية عين بوسيف، والثانية جمعية “المرجان” بالمدية، حتى نزلت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وابلا من النيران، مُعبرة، بعد الترحم والمواساة وتضامن مع عائلات الضحايا، عن غضب ساخط ضد المشرفين على الرحلة، وهم “مسؤولون” – بحسب التعليقات- عن سلامة هؤلاء الأطفال أمام الله وأوليائهم والعدالة.
وتذهب معلقة أخرى أبعد من هذا ، وتصف تسيب منظمي الرحلة بـ”خيانة الامانة”.
ولخص احد المعلقين أسباب الفاجعة في 3 نقاط: استهتار واهمال منظمي الرحلة، عدم تدقيق الاولياء أكثر في ظروف الامن والأمان قبل ارسال ابنائهم في رحلات كهذه، وكيفية السماح لجمعية دخول شاطئ في غير موسم الاصطياف.
ويتساءل آخر “أين كان منظمي الرحلة وقت تهافت الأطفال على الشاطىء للسباحة، وكيف لم يتمكنوا من إيقافهم مع ان الصبلات ليس بالعميق..”.
ويقترح آخر على القائمين على المنتزه وضع حواجز ولافتات تمنع الاقتراب من الشاطئ في غير موسم الاصطياف.
ويلوم أحدهم الاولياء الذين لا يتقصون جيدا ظروف السلامة قبل إرسال أطفالهم الى “رحلات” قد يكون الموت نهاياتها..
وهنا تستوقفه تعليقات أخرى بعدم توجيه العتاب لأولياء قد فطمهم فراق فلذات أكبادهم، وما الذنب الذي اقترفوه بالرضوخ لالحاح صغيرهم للخروج في رحلة “يشوف فيها لبحر لأول مرة” مع أصدقائه.
ومن التعليقات الشائعة أيضا حول الفاجعة أن الأمر ليس إلا قضاء وقدر، وأنه كتب لهؤلاء الأطفال أن تكون نهايتهم مبكرة في “رحلة بلا عودة”.
فيديوهات صادمة..
وبعد نشر فيديوهات صادمة تنقل لحظات انتشال جثة طفل غريق، طالب رواد آخرون بمراعاة مشاعر الأولياء، والكف عن الترويج لمثل هذه المقاطع، التي تؤجج الجراح.
وفي السياق، تساءل آخر : “كيف يصور أحدهم مشهدا كهذا ولا يسارع في التدخل للإنقاد”.
وبين لائم وثائر وساخط، وحزين، ومتعاطف.. تُجمع معظم التعليقات على ضرورة فرض إجراءات أكثر حزما على مثل هذه الرحلات المدرسية والجمعوية، لتوفير حماية أكبر للاطفال، مع تشديد عقوبات صارمة على كل متقاعس ومتورط في “زهق” روح طفل.
7 متهمين “تحت النظر”..
ونظرا لخطورة القضية، فتحت نيابة الجمهورية لدى محكمة حسين داي تحقيقا ابتدائيا أسفرت نتائجه الأولية عن توقيف 07 أشخاص، وضعوا تحت النظر في انتظار استكمال إجراءات التحقيق.
وأشارت النيابة إلى فتح تحقيق معمق ودقيق حول الواقعة والظروف والملابسات التي صاحبتها، وبالأخص مدى توفر الشروط القانونية والتنظيمية المتعلقة بحماية الأطفال المعنيين بمثل هذه النشاطات والمحافظة على سلامتهم الجسدية، مع تحديد المسؤوليات ضد كل من يثبت ضلوعه في واقعة الحال.
رئيس الجمهورية يُعزي…
وبعث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، رسالة تعزية لعائلات ضحايا الفاجعة، جاء في نصها: “فَقدنا مع العائلات المنكوبة، ببالغ الحسرة وعميق الألم، في فاجعة مُروِّعة بمنتزه الصابلات بالعاصمة، أبناءنا الفتية اليافعين، الذين اختطفهم الموت غرقًا من ساعاتِ فُسحةٍ وتنَزُّه تنقلوا من ولاية المدية للاستمتاع بها. وفي هذه المحنة القاسية .. واللحظة المؤثِّرة التي نتقاسمها مع أولياء وأقارب وأصدقاء الضحايا: محمودي حمزة، بن قيدة صهيب، رابحي أنس، ضرواية علاء الدين وبن قيدة يونس عبد المطلب، أتوجه إليهم وهم يواجهون هذا الظرف العصيب بصبرٍ وإيمان بخالص التعازي وأصدق مشاعر المواساة، داعيا المولى عزّ وجلّ أن يمنّ عليهم بالسكينة والثبات، وأن ينعم على أترابهم الخاضعين للعلاج بالشفاء العاجل”.
تعازي رسمية..
وعزى رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل عائلات الضحايا، في برقية عبّر فيها عن أخلص تعازيه وأصدق مشاعر المواساة.
ومخاطبا أولياء الضحايا باسمه الخاص وبالنيابة عن السيدات والسادة أعضاء مجلس الأمة, قال قوجيل: “وإن كنتم تألمون وتبكون ثمرات فؤادكم, فإننا والله لنألم مثلكم لفراقهم ونبكيهم حسرة ولوعة, وهم الذين قدموا من ولاية المدية ولم تكن ضالتهم سوى الترويح عن النفس وقضاء وقت ممتع فيما بينهم”.
من جهته، نشر ابراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، على حسابه في منصة “اكس”: “إنها لفاجعة أليمة أن نفقد خمسة أطفال غرقا في البحر ! ، ولا نقول إلا ما يرضي الله “إنا لله وإنا إليه راجعون”. نسأل الله تعالى أن يتغمدهم برحمته ويجعلهم لأهليهم ذخرا يوم القيامة، وأن يعجّل العافية لأترابهم الذين يعالجون في المستشفى. جبر الله مصاب العوائل ورزقهم الصبر وحسن العزاء”.
وتنقل وفد برلماني عن مجلس الأمة هذا الثلاثاء إلى ولاية المدية، بتكليف من رئيس المجلس، صالح قوجيل، من أجل تقديم واجب العزاء لعائلات الأطفال الخمسة.
وتوجه الوفد إلى مدينة عين بوسيف مقر سكن التلاميذ الضحايا، من أجل تقديم خالص التعازي باسم السيد صالح قوجيل ونيابة عن كافة أعضاء مجلس الأمة، إلى أسرهم المكلومة ومواساتها في هذا المصاب الجلل”.
للاشارة، لايزال يقبع الطفلين سيسي اسحاق 8 سنوات، وبن قيدة بشير 10 سنوات، تحت الرعاية المركزة في قاعة انعاش مستشفى مصطفى باشا الجامعي.