يؤكد البروفيسور نور الدين موساوي، عميد كلية الفيزياء بجامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا بباب الزوار، في حوار ل”الشعب اوناين”، على جودة التكوين والبحث العلمي في هذه الجامعة العريقة، التي أمدت الجزائر بإطارات ذات كفاءة عالية أثبتت تفوقها بالجامعات الغربية في البحث العلمي.
يدعو البروفيسور موساوي الطالب الجزائري لأن يقتدي بأسلافه، الذين حرروا البلد من براثن الإستعمار والنهوض بالإقتصاد الوطني.
احتفلت جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، مؤخرا بالذكرى الـ50 لتأسيسها، والتي أمدت الجزائر بإطارات وباحثين، ما قولك عن التكوين بهذه الجامعة العريقة وأنت أحد إطاراتها؟.
جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا فخر في ميدان التعليم العالي والبحث العلمي للجزائر الحبيبة، بداية الإستقلال وبالتحديد مع بداية السبعينيات، حيث كان عدد الطلبة الجامعيين الجزائريين في 1970 لا يتعدى 17 ألف طالب جزائري، ومع ذلك الدولة الجزائرية آنذاك قررت إنشاء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بهذا العدد من الطلبة.
وتزامنا مع انطلاق الوزارة الجديدة للتعليم العالي ومناهج البحث العلمي، التي كان يشرف عليها المرحوم محمد الصديق بن يحي، بالنسبة لي يعتبر الشهيد الرمز، الذي كان أول وزير للتعليم والبحث العلمي في الجزائر، في الوقت نفسه كان هناك قرار شجاع من الدولة الجزائرية بإنشاء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وكذلك انشاء جامعة متخصصة في العلوم والتكنولوجيا، وكانت الجزائر تعتبر من البلدان القلائل التي تتوفر على جامعة خصصت للعلوم والتكنولوجيا.
مع العلم أنه في 1970 كان سعر البترول يقدر بحوالي 2.5 دولار، ومع ذلك انطلقت الأشغال لبناء جامعة هواري بومدين في هذه السنة، وخلال أربع سنوات فقط وبشركات وإطارات جزائرية، استعملت المهندس المعماري العالمي البرازيلي أوسكار نيماير، وانطلقت في العمل في 1974.
كان لي الشرف أن أكون من بين طلبة هذه الجامعة في 1984، أي عشر سنوات بعد انطلاق هذه الجامعة وكل تكويني الجامعي في اطار هذه الجامعة رغم أنه كانت لي فرص للتربص خارج الجزائر في اطار البحث العلمي.
أنجزت أطروحة دكتوراة دولة، في المانيا بمرصد يسمى “ريزو”، هذا الأخير يشرف على أكبر التليسكوبات في العالم الموجودة في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.
اعتبر نفسي منتوج لهذه الجامعة العريقة، وحاليا لي الشرف على مستوى قيادة كلية الفيزياء، التي تعتبر امتداد طبيعي لكلية العلوم لجامعة الجزائر، هذه الأخيرة تعتبر أول جامعة في العلوم والتكنولوجيا في شمال إفريقيا.
كانت في البداية جامعة فرنسية وبعد الإستقلال انتقل بعض الزملاء في كلية العلوم بجامعة الجزائر الى جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا.
جامعتنا تعتبر قاطرة في التعليم العالي والبحث العلمي، كانت في البداية تعنى فقط بالعلوم الدقيقية وهي الفيزياء، الرياضيات والكيمياء والتكنولوجية التي تضم الإلكترونيك، الهندسة المدنية، هندسة الطرائق.
حاليا بعد التحول من المعاهد إلى الكليات جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، أصبحت تحتوي تسع كليات وكلية الفيزياء من أعرق الكليات بهذه الجامعة.
لا يمكن الحديث عن العلم دون تكوين رجال ونساء، جامعة هواري بومدين المعروفة عالميا من حيث جودة التعليم والبحث العلمي، جميع البحوث المنجزة على مستوى جامعتنا تنشر في مقالات بجودة عالية جدا يعني Appelأبل+، وA.
مؤخرا عممت الى المجالات من صنف “ب سكوبيس”، جودة التكوين والتعليم لا غبار عليه.
جامعتنا تساير توجهات الدولة الجزائرية في الاقتصاد المربح
اليوم نلاحظ مسايرة جامعة هواري بومدين، لسياسة الدولة الجزائرية فيما يخص المشاريع التنموية التي تعول عليها الدولة لتكون الجامعة قاطرة الاقتصاد، هل يمكن ذكر أهم مشاريع البحث في جامعة باب الزوار، وفي كلية الفيزياء؟.
لا يمكن الحديث عن تاريخ الجامعة دون الحديث عن الرجالات، الذين أنتجتهم هاته الجامعة منهم هؤلاء العلماء نذكر بلقاسم حبة، الذي يملك أكثر من 2000 براءة إختراع، وهو خريج معهد الفيزياء التي أصبحت الأن كلية، وكان لي الشرف أنني من أمضيت له شهادة الدراسات العليا.
وأيضا العالم المعروف عالميا، الذي اشتغل مع الوكالة الأمريكية للإدارة الوطنية للملاحة الفضائية والفضاء “ناسا”، البروفيسور نور الدين مليكشي، وهذين العالمين وجهنا لهما الدعوة مؤخرا لإلقاء محاضرتين يوم 24 أفريل المنصرم على مستوى المدرج الكبير للجامعة، بمناسبة الذكرى الخمسين لإنشاء جامعة باب الزوار وبمناسبة الأيام العلمية والبيداغوجية.
ومنذ تولي البروفيسور كمال بداري، زمام الأمور على مستوى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أضاف بعدا ثالثا للجامعة التي كانت في البداية فقط من ناحية التكوين والبحث العلمي، وتمثل البعد الثالث في المؤسسات الناشئة.ه
ذا التوجه الجديد للوزارة يسمح للطالب بعدم الإكتفاء بالحصول على شهادة الليسانس والماجسيتر فقط، التكوين في جامعة بابا الزوار يساير المجال الصناعي والإقتصادي للجزائر ونحاول منذ سنتين تقريبا اعتماد توجه جديد لتكوين الطلبة على مستوى الليسانس والماستر والدكتوراة.
19مشروع بحث ماستر عن الطاقات المتجددة
ولأن البحث لا ينبغي أن يكون بحثا عالميا وعلميا فقط بل تكون له علاقة وطيدة مع الإقتصاد الجزائري هذه السنة على مستوى كلية الفيزياء، أعد 19 مشروع بحث في إطار الماستر حول الطاقات المتجددة، العام الماضي شرعنا في تكوينين ماستر في الطاقات المتجددة وهذا العام الطلبة وصلوا للمرحلة الثانية وسيتخرجون بأطروحات تعمل مع الوكلاء والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين.
بمعنى الجامعة لم تعد بمعزل عن الاقتصاد، هي تعمل في إطار البحث العلمي، الذي هو عالمي وكذلك توجهنا يجب أن يساير توجهات الدولة الجزائرية في مجال الاقتصاد الملموس، الذي يعود بالفائدة المباشرة على الاقتصاد الوطني الجزائري.
في هذا الإطار، هل هناك شراكات مع مؤسسات تطلب منكم حلولا لمشاكلها الإقتصادية؟
بطبيعة الحال، معنا البروفيسور محمد أكسوح، هو رئيس قسم الطاقاويات وميكانيك الموائع كان له الفضل الكبير في إنشاء شراكة مع شركة سوناطراك في إطار هاته الإتفاقية، كلية الفيزياء تعنى بالمشاكل الاقتصادية المباشرة، تشتغل كلية الفيزياء في إطار جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، على مشاريع البحث التي تمس بطريقة مباشرة الاقتصاد الجزائري.
كلية الفيزياء من أعرق الكليات بجامعة باب الزوار
على مستوى كلية الفيزياء لدينا 11 تكوينا منها ست تكوينات مهنية واحترافية لها علاقة مباشرة مع الشريك الإجتماعي والاقتصادي، منها تكوين الفيزياء الطبية على مستوى المستشفيات، بمعنى تكوين فيزيائي مختص في مكافحة افة السرطان.
الفيزيائي هو من يحسب عدد شحنات الاشعاعات التي يجب اعطاءها للمريض للقضاء على هذه الأورام السرطانية، تجدون موظفين بمآزر بيضاء تظن أنه طبيب ولكنه فيزيائي مختص.
هذا التكوين موجود في جامعتنا منذ أكثر من عشر سنوات نحن نعتبر الأوائل في هذا المجال، يوجد مجال آخر هو الأمن والسلامة النووية هذا التكوين يعتبر الوحيد على مستوى القارة الإفريقية، ساهمنا في تكوين طلبة أفارقة على مستوى كلية الفيزياء.
يوجد ما يسمى تهريب المواد المشعة عن طريق المطارات والموانئ عامل على مستوى الجمارك لا يتفطن لذلك، لهذا فتحنا تكوينا موجها لرجال الجمارك والشرطة ورجال الدرك وجنود الجيش لمكافحة هذا التهريب والمواد المشعة.
هذا التكوين متوفر على مستوى كلية الفيزياء ولدينا تكوين اخر هو ماستر في ما يعنى بالبترول يفتح هذا التخصص عندما يكون هناك طلب، هذا التخصص له علاقة مباشرة مع شركة سوناطراك. هذه التكوينات التي نقوم بها على مستوى كلية الفيزياء ليس فقط بحث نظري بل تطبيقي أيضا.
كذلك هذه السنة إقترحنا تكوين ماستر مهني، بالشراكة مع وكالة الأبحاث الفضائية الجزائرية ومركز البحوث في علوم الفلك والفيزياء الفلكية، والزلازل، نرجو أن تقبله الوزارة الوصية، ليشرع في تطبيقه السنة المقبلة.
اقترحنا ايضا تكوينا على مستوى الليسانس في مجال استيراتيجي وحيوي على مستوى الجزائر يسمى البصريات، هناك نقص كبير في هذا التخصص على مستوى الوسط، موجود في الغرب والشرق، لكن وسط الجزائر بجاية، البليدة، تيبازة، الشلف، لا يوجد هذا النوع من التكوين، عند زيارة الطبيب المختص في طب العيون يعطيك الوصفة لإقتناء النظارات الطبية، وفي هذا الصدد هناك مختصين تكونهم جامعة هواري بومدين، في هذا المجال ننتظر قبوله من طرف الوزارة.
طالب اليوم يجب أن يكون صاحب رسالة قبل أن يكون صاحب شهادة
بمناسبة الذكرى الـ68 لإضراب الطلبة المسلمين الجزائريين، ماهي رسالتك لطالب اليوم ؟.
لا يمكن الحديث عن اليوم الوطني للطالب دون الحديث عن الشهيد الرمز محمد الصديق بن يحيي، الذي كان من بين الأوائل الذين كانوا وراء هذا اليوم التاريخي، يحز في نفسي أن طالب الخمسينيات والستينيات كان له وعي وطني وثوري مكنه من تحرير الجزائر من براثن الإستعمار البغيض، في حين طلبة اليوم أغلبيتهم يبحث عن النقطة.
طالب اليوم يجب أن يكون صاحب رسالة قبل أن يكون صاحب شهادة، يجب أن يقتدي بمحمد الصديق بن يحيي، محمد خميستي، إبراهيم زدور، طالب عبد الرحمان، وأمثالهم من الطلبة، ينبغي أن يعي ان الجزائر التي أنشأت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كان لديها 17 ألف طالب فقط، واليوم أصبح العدد مليون و700 ألف طالب.
هذه هي الطاقة الذرية والنووية التي ينبغي ان تعتمد عليها الجزائر للتقدم والمضي قدما نحو الإستقلال التام في مجال البحث العلمي والتكنولوجي.
مليون و700 ألف طالب حاليا دون الحديث عن الذين تخرجوا من الجامعات الجزائرية، لو تتكاثف جهودهم ينهضون بالجزائر في مختلف المجالات، بلادنا تمنح تكوينا بجودة عالمية وعلى الطالب اغتنام الفرصة في فترة ثلاث سنوات ليسانس وماستر، للتحصيل العلمي الجيد وخدمة بلده.