كشف مدير حماية الثروة الغابية بالمديرية العامة للغابات سعيد سي علي، عن جاهزية مصالحه و14 قطاعا وزاريا لمجابهة حرائق الغابات التي تمس كل دول العالم وليس الجزائر فقط، باعتماد مخططا وطنيا يتضمّن إجراءات استباقية تمّ تفعيلها هذا العام لأول مرة منذ شهر فيفري بدل شهر ماي، للتقليص من حدة النيران في حال اندلاعها بالفضاءات الغابية أو المحيطات القريبة منها، وتوعد كل من تسول له نفسه المساس بالغابات بتطبيق أقصى العقوبات تبدأ من الغرامة المالية إلى المؤبد.
بدأت وزارتا الفلاحة والتنمية الريفية والداخلية والجماعات المحلية وتهيئة العمرانية وكذا (14) وزارة أخرى، العمل الاستباقي مبكرا لتحضير وتنفيذ حملة الوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها، حيث تمّ تنصيب اللجنة الوطنية لحماية الغابات شهر فيفري الماضي، والتي من مهامها التنسيق والتنظيم بين المتدخلين في هذه العملية.
وقال مدير حماية الثروة النباتية بالمديرية العامة للغابات سعيد سي علي، في حديثه مع “الشعب” بمكتبه، بمقر المديرية ببن عكنون، “إنّه نظرا للأهمية التي أعطتها السلطات العليا للبلاد ولتفادي تكرار الوقوع في الحالات المشابهة التي تعرضت لها الجزائر، زيادة عن الخسائر المادية وسقوط أرواح بشرية، ونظرا للمرحلة الحسّاسة والعمل على تقليص من حدة هذه الظاهرة التي تتأثر بالتغيرات المناخية وامتداد فترة الجفاف وقلة المياه، انعقد اجتماع مجلس وزاري مشترك تحت رئاسة الوزير الأول، أسديت من خلاله تعليمات لكل المتدخلين للقيام بعملهم، وهذا قبل انطلاق حملة الوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها والذي حدد في تفعيل المخطط الوطني ابتداء من 01 ماي إلى غاية 31 أكتوبر 2024”.
أعمال استباقية
كشف سي علي عن قيام المديرية العامة للغابات بأعمال استباقية تتمثل في فتح وتهيئة المسالك الغابية، فتح وتهيئة الخنادق المضادة للنيران، بناء وتهيئة أبراج المراقبة ونقاط الماء.
زيادة على هذه الأعمال، أشار سي علي إلى أنّ مستعملي الفضاءات الغابية يقومون بالتنقية والتخلص من كل ما قد يكون سببا لاندلاع الحريق، فالبلديات تقوم بتنقية حوافي الطرق التابعة لها والأشغال العمومية تقوم بتنقية حوافي الطرق الولائية والوطنية)، شركة سونلغاز تقوم بفتح وتهيئة الخنادق تحت خطوط التيار الكهربائي عالي التوتر التي عرضها لا يتجاوز 15م، الشركة الوطنية لسكك الحديدية التي تقوم بتنحية كل الحشائش على حواف السكك، شركات الاتصالات السلكية واللاسلكية تقوم بتنظيف وتنقية المنشآت المتواجدة داخل الفضاءات الغابية، كذلك الفلاحين الذين لديهم أراضي محاذية للغابات يقومون بحرث على شكل خطوط عازلة للنار لا يتعدى عرضها 5م، زيادة على الأعمال التحسيسية التي تقوم بها الإدارة، بمشاركة الفاعلين الدرك الوطني، الحماية المدنية الأمن الوطني، الجمعيات المحلية المجتمع المدني.
بالموازاة مع ذلك، أعدّت إدارة الغابات – يضيف المتحدّث – مخطّطا وطنيا للوقاية من الحرائق ومكافحتها يحتوي على قسم تنظيمي وآخر عملياتي، فمن الجهة التنظيمية تمّ تنصيب 1362 لجنة عملياتية على مستوى البلديات، 171 لجنة عملياتية على مستوى الدوائر، 40 لجنة عملياتية على مستوى الولايات، زيادة على ترسيم لجان تابعة للمجتمع المدني من الجمعيات والمواطنين القاطنين داخل أو بجانب الفضاءات الغابية والتي عددها 2596.
ومن الجهة العملياتية، سخّرت المديرية العامة للغابات 544 فرقة متنقلة التدخل الأولي، 40 رتلا متنقلا، 416 برج مراقبة، 3571 نقطة مياه، 42 شاحنة تزويد بالمياه، وتجنيد 3177 عامل موسمي.
”الدرون” لإرسال الإنذار المبكّر
أمّا الشطر الثاني والمتعلق بالوسائل والمعدات الحديثة التي يتم توفيرها لإخماد الحرائق في الغابات، فتمّ اقتناء طائرات “الدرون” بدون طيار للكشف والرصد وإرسال الإنذار المبكر لغرض إنجاح عمليات التدخل الأولي لإطفاء الحرائق، ولهذه الساعة لقد تمّ تزويد 5 ولايات الأكثر آهلة بالسكان وأشدها تعرّضا للحرائق وهي الطارف، جيجل، بجاية تيزي وزو وتيبازة، أما الولايات الباقية سيتم تزويدها لاحقا.
وأشار سي علي إلى أنّ عمل مصالح الغابات يتمثّل في إنجاز الأعمال الاستباقية والتدخل الأولي، يليها تدخل الحماية المدنية، خاصة عبر استعمال الوسائل الضخمة والتدخل الجوي في المناطق ذات التضاريس الوعرة، حيث تتمثل معداتها في 04 مروحيات و12 طائرة.
أما تدخّل أفراد الجيش الوطني الشعبي يتمثّل زيادة على إسعاف المواطنين المعرضين للخطر، في استعمال كل الوسائل المتاحة لديها من عتاد ومروحيات وطائرات.
ردع..بين الغرامة والمؤبّد
شدّد مدير حماية الثروة الغابية على ضرورة المحافظة على الغطاء الغابي باعتباره “ميراثا وطنيا” يشترك فيه الجميع، وقال “الحفاظ على هذا الموروث الغابي أصبح أكثر من ضرورة” بالنظر للآثار السلبية جدا لمخلفات الحرائق، ولهذا تمّ تشديد العقوبات ضد كل من تسوّل له نفسه المساس بهذه الفضاءات في القانون الجديد للغابات 23-21 الصادر في ديسمبر 2023، والذي يجري العمل على إصدار نصوصه التطبيقية.
وذكر سي علي أنّ قانون الغابات الجديد يشير إلى العمل الردعي في 7 بنود، زيادة على ما جاء في قانون العقوبات وقانون الاعتداء على الأملاك الوطنية 23-12، حيث يتضمّن عقوبات تبدأ من الغرامة المالية وتصل إلى المؤبد، فعلى سبيل المثال لا الحصر، إذا كان من أشعل النار بغير قصد، عقوبته السجن من 6 أشهر إلى سنتين، وغرامة مالية من 300 ألف دينار إلى 500 ألف دينار، إذا لم يكن لجريمته أي أثر مادي على الغطاء النباتي والإنسان، وفي حالة أدّى الحريق إلى وقوع جرحى، فيكون جزاؤه السجن لمدة تتراوح بين عامين إلى 5 سنوات، وغرامة مالية بين 200 ألف دينار إلى 500 ألف دينار، إذا كان الحريق أدى إلى تسجيل وفيات تكون العقوبة بالسجن من 5 سنوات إلى 10 سنوات، إضافة إلى غرامة مالية من 500 ألف دينار إلى مليون دينار، ويعاقب بالسجن المؤبد كل من وضع النار عمدا في الأملاك الغابية للدولة قصد الاعتداء على البيئة أو المحيط.
وأوضح مدير حماية الثروة النباتية، أنّ الردع هدفه تحسيس المواطنين بأهمية الفضاءات الغابية التي هي ملك لهم، ومكان يصلح لعيش الإنسان والحيوان، ويدعم الاقتصاد الوطني عن طريق استغلال المواد المتواجدة فيها، ومكان استراحة، لذلك لابد من الحفاظ عليها، واستغلالها دون الإضرار بها، وفي حال المساس بهذه الفضاءات فالقوانين قد لا ترحم أحدا، وقال “نحن لا نريد أن نصل إلى هذا نريد أن تكون هذه السنة سنة بدون حرائق، خاصة أن هناك استحقاقات وطنية مهمة، وكما تعلمون معظم الحرائق سببها الانسان واللامبالاة والاستهزاء، لذلك المطلوب منهم الحذر ثم الحذر”.
وأكّد أنّه بداية من شهر ماي إلى غاية 31 أكتوبر يمنع إشعال النار على بعد 500 متر من الغابة، أما داخل الغابة فممنوع بتاتا، مشيرا إلى أن هذه الاحتياطات اتّخذت لمجابهة هذه الآفة العالمية المعروفة بكثرة في دول البحر الأبيض المتوسط، المعرضة سنويا للنيران.