“الخبّاش”.. وصف “دونيّ” يطلقه المتأهبون لـ “التّسرب” من المدارس، على ذلك الطّالب الذي يكدّ ويجتهد دون كلل ولا ملل، فيؤدي وظائفه المنزلية أو المكتبية، ويثابر ويراجع ويبحث، ويؤدي واجباته كاملة غير منقوصة، ما يضع الكسالى في وضعيات محرجة للغاية، ويقطع عليهم كل السبل إلى ما يصطنعون من أعذار، وما يخترعون من تبريرات يخدعون بها أنفسهم، قبل خداع الأستاذ، وهم لا يعلمون..
وعادة “الكسالى” أنهم لا ينتبهون مطلقا إلى ما فرّطوا في حقّ أنفسهم، فهم لا يجدون أمامهم سوى “الخبّاش” ليعلقوا عليه (هوانهم) في أعين الأساتذة والمراقبين، مع أنهم يدركون أن “الخبّاش” هو الوحيد الذي يعينهم على نوائب (قلة الفهم) و(ضعف الاستيعاب)، ولو بالشّرح والتذكير، لكنّه – بحكم علوّ فكره – يرفض رفضا قاطعا إعارة كراساته أو كتبه إلى الكسالى، فهؤلاء مجبولون على “الإهمال”، ومن النادر أن يستعيروا (شيئا) ويعيدوه إلى صاحبه في حالته الأولى، إن تمكنوا من التفكير في حفظ الأمانة بطبيعة الحال..
ونعتقد أن (تغوّل) المتسرّبين من المدارس، في السّنون الخوالي، يعود إلى الأفكار الحمقاء التي انغرست في الوسط الاجتماعي، وتشكلت في مجموعة من (المقولات)، بينها (اللي اقرا، واش دار؟)، (اللي اقرا، اقرا بكري)، وأمثالها من الأوهام المثبطة للعزائم، والأراجيف المنتجة لـ(البلطجية) و(البزانسية) و(الباركينغورات)..
نعترف أننا أحسسنا بارتياح عميق، ونحن نرى رئيس الجمهورية بين الطلبة الجامعيين، يجدّد في قلوبهم العزم على اكتساب المعارف، ويفتح أمامهم الآفاق كي يجتهدوا وينجحوا مثل الكبار الذين تحملوا المسؤولية في ثورة التحرير المباركة.. لهذا، نعتبر لقاء الرئيس تبون مع الطلبة، تاريخيا، فقد أحدث القطيعة النهائية مع كل الممارسات التحقيرية للمعرفة، وفسح المجال لجزائر جديدة أساسها المتين.. العلم.. فطوبى للمجتهدين..