عندما تنافس تيندوف مستغانم في تربية المائيات، وتتسعى ورقلة لأن تكون منافسا آخر لسكيكدة في هذا الشأن، وعندما تفتح الوادي بابا كبيرا على هذا الإنتاج، فاعلم ان قصص النجاح لن تتوقف عند أسماء بعينها في التربية المائية..
ملف: سفيان حشيفة وعلي عويش وإيمان كافي ونورالدين رحماني وزقاي كمال وغانية زيوي وخالد العيفة
وجه آخر لنجاح الاقتصاد الجديد في الجزائر
تسعى الجزائر إلى تطوير شعبة تربية المائيات المدمجة مع الفلاحة وتنويع أصنافها، من خلال تعزيز الاستثمار الخاص في مجال إنتاج الأسماك في الأقفاص العائمة في البحر أو في المياه العذبة عبر ولايات الوطن الثماني والخمسين، بغية دمج هذا المجال الاستهلاكي الهام في دورة الاقتصاد الوطني.
تعتبر شعبة تربية المائيات من المشاريع المُنتجة قليلة التكلفة؛ كونها لا تحتاج إلى تقنيات عالية ووسائل معقدة في عملية الاستزراع السّمكي والإنتاج، مع مردودها المرتفع في أحواض البحر والمياه العذبة، وهو ما سيؤدي إلى تزايد الإنتاج الوطني بشكل تدريجي في هذا المجال، وسيكون له تأثير كبير على أسعار مختلف أصناف السمك وانخفاضه في الأسواق الوطنية مستقبلاً.
وفي هذا الشأن، قال خباب علال وهو خبير مهني في تربية الأحياء المائية بالأوساط العذبة، أنّ تربية المائيات نشاط إنتاجي اجتماعي للأسماك خارج مجالها الطبيعي البحري، واستزراعها داخل نطاقات مُتَحكَّم فيها، تتيح السيطرة على كمية ونوعية الأسماك المُراد تربيتها على مدار العام.
وأبرز علال في تصريح لـ “الشعب”، أنّ هناك جملة من الأسباب أدّت إلى اهتمام الدولة بشعبة تربية الأسماك وتطوير الاستثمار فيها، منها زيادة تكاليف الصيد من المياه الطبيعية البحرية وارتفاع أسعار المدخلات ووسائل الصيد واليد العاملة المتخصصة في النشاط داخل البحار، وانحصار إنتاجية التجمعات المائية الكبرى بسبب انتشار حالات الصيد الجائر واستخدام طرق اصطياد غير قانونية، وكذا تَضخُّم نسب التلوث في البحر نتيجة تسربات الصرف الصحي وغيرها من المنغِّصَات.
وتابع محدّثنا بأنّ شعبة تربية الأسماك في الجزائر تكتسي أهمية بالغة، منحتها الدولة عناية لتنميتها وترقيتها من خلال فصل قطاع الصيد البحري وتربية المائيات عن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، واستحداث حقيبة وزارية خاصة بها تُعْنَىَ بجميع المهام كالدعم التقني والإحصاء والتنظيم، مع ربطها بأهداف تنموية خاصة بتشغيل الشباب عبر صناديق الدعم المحلية بجميع أشكالها مثلها مثل أي نشاط اقتصادي منتج في البلاد.
فضلا عن ذلك، جرى فيما مضى من سنوات فتح شُعب علمية وتقنية على عدة مستويات بدءًا من قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، إلى مراكز التكوين المهني والتمهين بغية تعميم فرص التدريب والتكوين والتعليم على كافة أفراد المجتمع الراغبين في ذلك، وتكثيف الدورات التكوينية السريعة الموجهة للفلاحين والمنتجين لإتاحة التعرف على تقنيات هاته الشُّعبة الهامة للجميع، بحسب قوله.
كما لفت خباب إلى أن تربية الأسماك في الأحواض البحرية والعذبة يَقضِي على موسمية الإنتاج السّمكي عبر ولايات الوطن الساحلية، ويُؤدّي الأمر إلى تحقيق التوازن التسويقي بين العرض والطلب على المنتجات، وبالتالي الذهاب نحو وفرة مستدامة واكتفاء ذاتي في فترات مختلفة من السنة، مع تطوير وتحسين حجم الاحتياطي الطبيعي من الأسماك المحلية، والاستفادة من مُخلّفات الأسماك والتحسينات العضوية الموجهة للمياه ممّا يُخفِّض من نسب استعمال الأسمدة والمُخصِّبات الكيميائية في مجال الزراعة، ناهيك عن ترشيد واقتصاد استخدام مياه السدود والجوفية للسّقي الفلاحي.
من جهته، أوضح رئيس مجلس الاستثمار والتعاون الدولي، إسماعيل حمروني، أن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، يبذل جهودًا لبعث عجلة الاستثمار الوطني وتنويعه خاصة في مجال شعبة تربية المائيات، نظير دورها الإيجابي في تحقيق الاكتفاء الذاتي بالمنتجات السمكية.
وأضاف حمروني في اتصال مع “الشعب”، أنّ هناك كثير من الاستثمارات انطلقت وبصورة حديثة ومتطورة في تربية المائيات، حيث تعتبر الشعبة من أهم المجالات الخصبة للاستثمار، وقطاع واعد في الجزائر يمكن للدولة التعويل عليه للاستثمار فيه وتحريك عجلة التنمية في المناطق الساحلية والداخلية والصحراوية، وهو ما يجعل القطاع البحري عموما بمختلف نشاطاته بديلا وصورة من صور التنويع الاقتصادي.
ووفقًا لرئيس المجلس ذاته، تسعى الجزائر إلى ترقية الاستثمار وتحقيق التكامل الاقتصادي عبر إصدارها لقانون استثماري جديدٍ عالج الكثير من العقبات التي كانت عائقا في طريق المتعاملين الاقتصاديين، سيعود مستقبلا بالفائدة على البلاد من خلال استقطاب مشاريع نوعية في مختلف المجالات ومنها شعبة تربية المائيات.
الجنوب الكبير.. إمكانيات هائلة تبشّر بنتائج إيجابية
تتوفّر ولايات الجنوب خاصة الجنوب الشرقي على قدرات مائية هائلة ومساحات فلاحية شاسعة، تؤهّلها لأن تكون أقطاباً فلاحية واعدة مستقبلاً، وقد بدأت سياسة الإنعاش الفلاحي التي باشرتها الحكومة بولايات الجنوب تؤتي أُكلها، من خلال الإنتاج الضخم لمحاصيل القمع بولايات أدرار المنيعة وجانت، كمؤشر على انطلاق الثورة الزراعية الثانية التي بدأت بوادرها في الظهور ببلادنا.
تُعدُّ تربية المائيات بولايات الجنوب إحدى الشعب الفلاحية الهامة التي تشهد رواجاً كبيراً في السنوات الأخيرة، إلى جانب الشُعب الفلاحية الأخرى التي حقّقت نتائج جيدة مؤخراً.
إنّ إنتاج الأسماك وانتعاش شعبة تربية المائيات في ولايات الجنوب لم يكن وليد الصدفة ولا خبطَ عشواء، بل هو نِتاج جهود جبارة بذلتها الدولة في السنوات الأخيرة بتوجيهات من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون القاضية بضرورة تطوير مختلف الشُعب الفلاحية في الجنوب، لتتحوّل هذه الولايات اليوم إلى سلة غذاء الجزائر، ومُساهم كبير في تحقيق الأمن الغذائي المستدام، وذلك بإنتاج التمور، الحبوب ورؤوس المواشي، والأهم من ذلك انخراطها بقوة في إنتاج المائيات.
لطالما شكّلت تربية المائيات في الجزائر فضاءً رحباً للاستثمار، حيث تعتبر من المجالات الحيوية التي تُساهم في التنمية الاقتصادية والبيئية، ويُتيح هذا القطاع فُرصاً هامة لتحقيق الأمن الغذائي، خلق فرص عمل وتحقيق التوازن البيئي.
وإلى جانب تحقيقها للأمن الغذائي، تتجسّد أهمية تربية المائيات ببلادنا في تقليص فاتورة الاستيراد، والتقليل من الاعتماد على المنتجات البحرية الخارجية، بالإضافة الى اعتبارها مصدراً هاماً للدخل، حيث يوفّر هذا النشاط فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في المناطق الريفية والصحراوية التي لم تصلها قاطرة التنمية.
أثبت قطاع تربية المائيات في الجزائر قدرته على توظيف التقنيات الحديثة في مجال كان الى وقت قريب يعتمد على الطُرق التقليدية، حيث نجحت ولايات الجنوب في افتكاك مراكز متقدمة في إنتاج الأسماك باستخدام مياه الآبار العميقة والطاقة الشمسية، وهي أساليب مكّنت من تقليل التكلفة البيئية وتوفير استهلاك الطاقة والمياه، وإخراج مناطق كثيرة من شبح البطالة والتهميش.
تعمل الجزائر جاهدةً على دعم وتطوير هذا القطاع، من خلال سياسات تشجيعية ودورات تكوينية للمزارعين، إلى جانب إنشاء مدارس عليا للفلاحة في الجنوب بهدف تكوين نُخب من المهندسين والتقنيين الذين يضطلعون بمهام ترتكز بالأساس على مرافقة الفلاحين وتقديم استشارات بشكل متواصل، ممّا سيساعد على تطبيق أحدث التقنيات وزيادة الإنتاجية، وتشجيع صغار الفلاحين والمستثمرين الشباب على الاستثمار في تربية المائيات وتطويرها، وهو ما سيساهم بدوره في تحقيق التوازن الاقتصادي، ويضمن استدامة هذا القطاع الهام في الجنوب الجزائري.
من جهته، أرجع عضو المجلس الشعبي الوطني الدكتور لعبيد لحسن، أن انتعاش قطاع الفلاحة بكل شُعبه بولايات الجنوب، الى سياسة تعميم الكهرباء والتسهيلات الإدارية الممنوحة للفلاحين، الى جانب استحداث بوابة رقمية وفّرت الجُهد والوقت.
كل هذه الإمكانيات، شكّلت حسب المتحدّث أرضية خصبة لانتعاش قطاع الفلاحة بالجنوب وخاصة شعبة تربية المائيات، يدفعها في ذلك – يواصل القول – متابعة حثيثة وحرص كبير من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون للوصول إلى أمن غذائي يحفظ للمواطن كرامته وللجزائر سيادتها.
ورقلة.. دخول أكثر من 40 مشروعا مرحلة الإنتاج قريبا
يرتقب خلال السداسي الأول من السنة القادمة 2025، دخول أزيد من 40 مشروعا في تربية المائيات مرحلة الإنتاج بولاية ورقلة، بالإضافة إلى عدة مشاريع أخرى ستتجسّد ميدانيا عبر الولايات الجنوبية، وستساهم هذه الكميات في تغطية السوق المحلية والسوق الجهوية مستقبلا، حسبما أكّده مدير غرفة تربية المائيات قدور مقدم لـ “الشعب”.
كشف المتحدّث أنّ قطاع تربية المائيات عبر الولايات الجنوبية سيعرف تطورا ملحوظا، بعد انطلاق عدة مشاريع في الإنتاج بمناطق النشاطات المخصصة لتربية المائيات.
كما سيسجّل القطاع إنتاجية أكبر بعد دخول منتجين جدد، بالإضافة إلى الفلاحين المنتجين لأسماك المياه العذبة في هذه المناطق، في إطار الإستراتيجية التي وضعتها الدولة لآفاق تطوير هذا المجال، وذلك من خلال خلق مناطق نشاطات لتربية المائيات على مستوى كل ولاية وتجسيد المشاريع التي تتابعها الدولة، سواء ما تعلق بمشاريع تربية المائيات المدمجة مع الفلاحة أو مشاريع تربية مائيات بحتة، بهدف تفعيل المزايا التي يمكن أن يساهم من خلالها هذا القطاع في تنمية الاقتصاد الوطني.
وذكر مدير الغرفة أنّ ولاية ورقلة مثلا ستعرف تجسيد ما يقارب 40 مشروعا عبر منطقة النشاطات لتربية المائيات المتواجدة في بلدية حاسي بن عبد الله، حيث ستساهم هذه المشاريع في توفير منتجات محلية من الثروة السمكية لتغطية الطلب على هذه المنتجات في السوق.
كذلك الأمر بالنسبة لـ 14 ولاية جنوبية، تتوفّر على مناطق نشاطات مخصصة لتربية المائيات، في إطار سياسة الدولة التي تركّز على دعم الشباب والفلاحين الراغبين في الاستثمار بهذا المجال عبر منحهم قطعة أرض مهيأة موجهة للفلاحين أو المربين لإنجاز مشاريعهم التي قد تكون مموّلة تمويلا ذاتيا، أو عبر صناديق الدعم “أونجام” و«لاناد” أو البنوك، كما يحصل الراغبون في الاستثمار على كل التسهيلات المتاحة.
ومن شأن هذه المناطق توفير كميات هامة ومعتبرة من المنتوج السمكي من تربية المائيات في المياه العذبة، تساهم في الرفع من معدلات إنتاج الثروة السمكية، بعد دخول مشاريعها حيز الخدمة، كما ستساهم أيضا في تحقيق الهدف الأول المرجو من هذا النشاط وهو تحقيق الاكتفاء الذاتي أولا، ومن ثمة يمكن التفكير في التصدير مستقبلا.
وفي هذا السياق، أوضح مدير الغرفة قدور مقدم أنّ غرفة تربية المائيات في إطار مهام التحسيس والمرافقة، سجّلت ما يفوق عدد المشاريع التي يمكن استيعابها عبر بعض مناطق النشاطات الموجودة بولايات الجنوب، لذلك يجري حاليا التفكير في اقتراح توسعة هذه المناطق مستقبلا على السلطات المحلية، وذلك بعد انطلاق المشاريع المسجلة فعليا على أرض الميدان.
وأكّد ذات المتحدث أنّ أغلب المشاريع المسجلة عن طريق الغرفة والتي ينتظر أصحابها الحصول على الموافقة والعقود لمزاولة نشاطهم موجهة لإنتاج سمك البلطي الأحمر، نظرا للطلب الكبير عليه في السوق، بالإضافة إلى تكيف هذا النوع مع مناخ المنطقة بسهولة، ومن بين هذه المشاريع مشاريع لتفريخ البلطي ومشاريع للتسمين وصناعة الغذاء السمكي، عملا بالإستراتيجية المتبعة التي تهدف إلى العمل على تغطية كل مراحل إنتاج سمك البلطي عبر هذه المشاريع، ومشاريع أخرى مستقبلية لتطوير عملية إنتاج هذا النوع، ستكون في التحويل والصناعة الغذائية.
وفي إطار إستراتيجية الوزارة تعمل الغرفة – كما أشار المتحدث – على مرافقة المربين من الفكرة إلى تجسيد المشروع على أرض الواقع، عبر تنظيم دورات تكوينية مكثفة، مع تقديم كل التسهيلات للراغبين في الاستثمار في هذا القطاع، بل وتتابع الغرفة حتى عملية الإنتاج وتسويق المنتوج، حيث تساعد الفلاحين والمربين على تسويق منتجاتهم في الأسواق المحلية، بالإضافة إلى عمليات التسويق الترويجي والتضامني عبر الأسواق المحلية والمسمكات والإقامات الجامعية وغيرها.ويطمح القطاع إلى تعزيز إنتاجية الثروة السمكية مستقبلا عبر التنويع في المنتجات السمكية، من خلال إنتاج جمبري المياه العذبة، بعد تفعيل نشاط مصنع إنتاج أعلاف الأسماك بالمزرعة النموذجية لإنتاج الجمبري ببلدية حاسي بن عبد الله لتوفير الغذاء للمربين والفلاحين.
سد بريزينة بالبيض.. تجربة رائدة وقدرات استيعابية كبيرة
تجربة تربية الأسماك داخل الأحواض المائية دخلت ولاية البيض من بوّابة سد بريزينة سنة 2006، حيث زرعت مصالح السدود وقتها حوالي 300 ألف سمكة من نوع “الشبوط”، ليصل عدد الأنواع فيه حاليا الى أكثر من 50 نوعا من السمك منها الكارب، الصندر، البارش وغيرها، والتي تحولت الى مصدر رزق لعشرات الشباب الذين يقبلون على صيد الاسماك من هذا الحوض المائي الهام، ويشتغلون في هذا الميدان، ناهيك عن التجارب العلمية والزيارات التقنية التي تنظمها عديد الجامعات الجزائرية لطلبتها لمعاينة ودراسة الأسماك بالسد.
سد بريزينة في وادي “صقر” يقع جنوب ولاية البيض، تبلغ قدرة استيعابه حوالي 132 مليون متر مكعب، ويعتبر حاليا موردا هاما لتربية وإنتاج أسماك المياه العذبة بولاية البيض، كما أنه يعد الأكبر على مستوى الجنوب الغربي للوطن في هذا المجال، عوامل جعلت منه مصدر عيش واسترزاق للعديد من الشباب الذين يقبلون على صيد الأسماك، وإعادة بيعها على غرار الشاب قدوري العربي، الذي انطلق في هذا النشاط منذ أزيد من عشرة سنوات وما زال الى اليوم.
قدوري العربي الذي بات يعرف محليا بولاية البيض وبالمناطق المجاورة بمحله لبيع وطهي السمك سد بريزينة، ونظرا لشغفه بهاته الحرفة وتمسكه بها، بات محله الذي يقع بمحيط السد، مقصد زوار السد لتناول السمك المشوي واقتنائه.
ويقول في هذا الصدد “إنه بالنظر إلى الإقبال المتزايد عليه، يسعى لتطوير نشاطه حيث تقدم بطلب الى مصالح ولاية البيض، من أجل السماح له باستغلال مساحة تقارب 3 هكتار بمحيط السد، وإنجاز مطعم لبيع وشواء الأسماك واستراحة عائلية لزوار السد، وهو في انتظار الرد من السلطات المحلية”.
بدوره مدير سد بريزينة بخايتية الجيلالي، وصف تجربة تربية الأسماك بسد بريزينة بالرائدة بالنظر الى النتائج المحققة والنجاح المسجل، حيث يحصي السد حاليا أنواع عديدة من الأسماك التي تكاثرت وتطورت، لدرجة أن بعض أنواع السمك كالشبوط مثلا يصل وزن السمكة منها إلى حدود 7 كلغ وهي نتائج مرضية.
المتحدث أضاف أن لتربية الأسماك بالسد فوائد عديدة، إضافة الى كونها غذاء للسكان المحليين، فهي تقدم الأسمدة النافعة عن طريق فضلاتها التي تطرحها في مياه السد، والتي تشغل في سقي مئات الحقول والبساتين المربوطة بمياه السد وتعطي مردودا فلاحيا باهرا.
واعتبر مدير سد بريزينة أن تجربة زراعة سمك الشبوط بالسد، رائدة ومتميزة على مستوى كامل القطر الجزائري بشهادة الخبراء والمختصين الذين يزورون السد باستمرار، حيث يحصي السد حاليا نوعين من هذا السمك المميز، الأول ذات الفم الكبير، والنوع الآخر المذهبة، وأعطى المشروع نتائج مشجعة في زيادة أعداد الأسماك في مياه السد، الذي أصبح مصدر غذاء لسكان الولاية والمناطق المجاورة لها، والأهم من ذلك شجع السياحة بالمنطقة، حيث تحول السد الى محطة استجمام وراحة وترفيه لعشرات العائلات التي تقصده في أوقات الراحة والعطل.
8 مزارع للأقفاص العائمة تدخل مرحلة الاستغلال فغي بومرداس
يشهد نشاط تربية المائيات بولاية بومرداس حركية استثمارية كبيرة بفضل عدد المشاريع المنجزة سواء على مستوى الأقفاص العائمة أو في أحواض السقي الفلاحي في إطار البرامج المدمجة مع القطاع الفلاحي، حيث سجّلت الولاية خلال السنوات القليلة الماضية قفزة نوعية بدخول 8 مزارع مرحلة النشاط والاستغلال مع اعتماد 21 مزرعة جديدة سمحت بإنتاج 1444 طن سنة 2023، حسب مدير القطاع شريف قادري، فيما تشهد منطقة النشاطات بزموري حملة تطهير واسترجاع العقار الصناعي غير المستغل.
تتّجه ولاية بومرداس كي تصبح قطبا اقتصاديا ونموذجا رائدا في مجال تربية المائيات نظرا لما تملكه من قدرات وإمكانيات مشجعة بفضل شريطها الساحلي الممتد على 80 كلم وعدة مرافق أخرى حيوية، منها ثلاثة موانئ رئيسية وعدة ملاجئ طبيعية، إلى جانب امتلاكها لمنطقة نشاطات متخصصة في أنشطة الصيد البحري ممتدة على مساحة 20 هكتارا موزعة عبر 46 حصة استثمارية، وعشرات الأحواض والحواجز المائية التابعة للقطاع الفلاحي المهيأة أن تدخل على خط الاستغلال بعد إمضاء اتفاقيات إطار بين مديرية الصيد البحري والمصالح الفلاحية.
وينتظر أن تشكّل هذه المنطقة الصناعية دعامة رئيسية للقطاع من خلال جملة الأنشطة الصناعية وطبيعة المشاريع التي لها علاقة مباشرة بهذا المجال الحيوي، خصوصا في مجال صيانة محركات السفن وإنتاج الأعلاف والأجهزة الموجهة للملاحة البحرية، على الرغم من العقبات التي تواجهها حاليا بسبب نقص التهيئة وعدم التزام المتعاملين الذين استفادوا من قرارات وعقود استغلال بدفتر الشروط ما استدعى تدخل السلطات الولائية والجهات المختصة الى مباشرة عملية تطهير واسترجاع العقار الصناعي غير المستغل لإعادة توزيعه عبر المنصة الرقمية.
وقد سمحت هذه المجهودات والتدابير التحفيزية التي اتخذتها الحكومة لترقية وتطوير قطاع الصيد البحري وتربية المائيات بالجزائر كمورد اقتصادي هام، ومصدر للثروة والعملة الصعبة خارج المحروقات من تجسيد عدة مشاريع استثمارية هامة وصلت حاليا الى 8 مزارع لتربية الأسماك بالأقفاص العائمة، موزعة بين بلديات زموري، رأس جنات، دلس واعفير، في انتظار تجسيد عدد آخر من المشاريع المسجلة قيد الدراسة والاعتماد، إضافة الى حوالي 300 مشروع مدمج مع القطاع الفلاحي أو ما يعرف بالأحواض والحواجز المائية التابعة للفلاحين التي وجهت لتربية الأسماك، أهمها سمك التيلابيا الحمراء التي تتأقلم جيدا مع هذه البيئة الطبيعية.
وكان من الطبيعي أن تساهم هذه المشاريع الاستثمارية الجديدة لنشاط تربية المائيات، الذي يعتبر رافدا أساسا لقطاع الصيد البحري، من تسجيل قفزة نوعية في كمية الإنتاج المسجلة مؤخرا قدرها مدير القطاع بـ 1444 طن سنة 2023، وهي مساهمة متزايدة وفي تطور دائم مقارنة مع النشاط المتذبذب والمتراجع أحيانا في حجم الكمية المنتجة بحريا التي لا تتجاوز 6 آلاف طن سنويا رغم أرمادة حظيرة السفن المقدرة بـ 669 سفينة، وأكثر من 6 آلاف عامل وبحار مسجل.
كما شهد قطاع الصيد البحري ببومرداس نقلة نوعية أيضا في ميدان عصرنة وتطوير سفن الصيد بوجود مؤسسات رائدة، منها مؤسسة كوريناف بميناء زموري البحري المتخصصة في بناء وإصلاح السفن بما فيها الموجهة للصيد في أعالي البحار بطول 40 متر، حيث تشارك الولاية بثلاثة سفن في الحملة الوطنية لصيد التونة التي انطلقت الأسبوع الفارط، والمساهمة في استغلال حصة الجزائر المقدرة هذه السنة بـ 2046 طن حسب تصريحات الوزير، وكلها مكتسبات جديدة وضعت هذا النشاط على السكة الصحيحة من أجل تطوير الشعبة والمشاركة الفعلية في إنتاج الثروة السمكية، التي تعتبر تحديا كبيرا في تعزيز قدرات الجزائر ومكانتها المتوسطية وتحقيق الأمن الغذائي.
مستغانم..استثمارات كبيرة ونتائج واعدة
يشهد قطاع تربية المائيات بولاية مستغانم تطوّرا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة وإقبالا متزايدا من طرف المستثمرين، خاصة أمام التحفيزات والإجراءات الجديدة المنتهجة لتنمیة القطاع باعتباره مجالا اقتصاديا مستداما يساهم في تعزيز السيادة وتحقيق الأمن الغذائي.
يعد مجال تربية المائيات من القطاعات الإستراتيجية الهامة التي تعول عليها السلطات المحلية لولاية مستغانم في سياسة تنويع الاقتصاد الوطني، مما جعلها قطبا رائدا لاحتضان العديد من المشاريع التي ناهزت 20 مشروعا في تربية المائيات داخل الأقفاص العائمة، في انتظار دخول مشاريع اخرى قيد الانجاز، حيث قدمت كل التسهيلات للمستثمرين الراغبين في ولوج هذا النشاط، الذي يعتمد على التقنيات الحديثة لتربية الأسماك وبلح البحر.
20 مشروعا في تربية المائيات داخل الأقفاص العائمة
كشف المدير الولائي للصيد البحري وتربية المائيات، عبد الحفيظ زناستي، عن نشاط 20 مشروعا في تربية المائيات داخل الأقفاص العائمة بمستغانم تم توطينها على مستوى منطقة النشاطات ببلدية استديا ذات مساحة 02 هكتار و22 آر (11 مشروع منها 08 خاصة بتربية الأسماك ومشروعين في تربية بلح البحر)، ومنطقة نشاطات تربية المائيات ببلدية سيدي لخضر داخل الميناء ذات مساحة 2520 متر مربع (08 مشاريع خاصة بتربية الأسماك).
فيما بلغ عدد الأقفاص العائمة داخل البحر – يضيف ذات المتحدث – 32 قفصا عائما وعدد الأقفاص المستزرعة 15 قفصا، فيما بلغ عدد الحبال المعلقة بـ 08 مخصصة لبلح البحر، فضلا عن إحصاء 150 حوض للسقي الفلاحي فيما بلغ عدد الأحواض المستزرعة 113 حوض.
وأشار المدير إلى كمية الإنتاج المسجلة من الأسماك خلال السنة الماضية من الأسماك، بحيث بلغ إنتاج سمك القجوج 100 طن والشبوط الفضي 12415 كلغ، فيما وصل سمك البوري الى 1250 كلغ والسندر 570 كلغ والبلطي الأحمر 300 كلغ.
كما كشف المسؤول ذاته عن التوقعات للإنتاج الكلي آفاق سنة 2024 من سمك ذئب البحر، والقجوج 12120 طن، و400 طن من بلح البحر، و137 طن من سمك البلطي الأحمر، فيما بلغ الإنتاج الكلي المسجل لسمك القجوج 155 طن خلال السنة الجارية، بينما بلغ الإنتاج لبلح البحر 3440 طن، و42.750 طن من سمك ذئب البحر خلال سنتي 2020 – 2021.
استزراع 7 أقفاص عائمة باستيديا
سجّلت منطقة نشاطات تربية المائيات ببلدية استيديا مؤخرا عملية استزراع لـ 7 أقفاص عائمة بمليون و883 ألف يرقة، شملت مليون و633 ألف يرقة من سمك القجوج، و250 ألف يرقة أخرى من نوع ذئب البحر.
فيما بلغت عملية الاستزراع لثلاثة سنوات الأخيرة زهاء 4313000 يرقة من سمك القجوج لأربعة مؤسسات تربية المائيات في الأقفاص العائمة بمنطقة نشاطات ببلدية استيديا بمعدل 15 قفصا عائما.
أما فيما يخص المشاريع قيد الإنتاج، كشف مدير الصيد عن تسجيل 04 مشاريع منها 03 في تربية الأسماك ومشروع في تربية بلح البحر، وتم تسجيل 03 مشاريع قيد الاستغلال (وضع الأقفاص العائمة والحبال داخل البحر)، منها مشروع تربية الأسماك ومشروع لبلح البحر، فضلا عن 11 مشروعا لتربية الأسماك في طور الإنجاز (اختيار ممول)، مع تسجيل مشروع تربية سمك البلطي في المياه العذبة.
هذا وتعمل مصالح الصيد البحري وتربية المائيات ومختلف الفاعلين في القطاع على تشجيع الشباب حاملي المشاريع، بإنشاء مؤسسات ناشئة في مجال تربية الأسماك في الأقفاص العائمة داخل البحر، خاصة أمام التحفيزات والدعم التي تقدمه أجهزة الدولة وذلك من أجل المساهمة في تطوير الإقتصاد الوطني، مع خلق مناصب شغل جديدة ودائمة، فضلا عن المؤهلات التي تزخر بها مستغانم في إستقطاب مثل هذه المشاريع.
هذا إلى جانب تشجيع تربية المائيات المدمجة مع الفلاحة، والتركيز على عملية التكوين فيما يخص تربية السمك البلطي الأحمر “التيلابيا” ذي القيمة الغذائية العالية، والأثر الإيجابي على مردودية المنتوجات الفلاحية والأشجار المثمرة، وفي هذا السياق تم تسجيل 20 متربصا بالمؤسسة العقابية خلال السنة الجارية في هذا المجال.
للإشارة، انطلقت عملية دراسة إقامة مشاريع تربية المائيات في ولاية مستغانم سنة 2012 بعدما تقدم مجموعة من المستثمرين في هاته المشاريع التي كانت تحتاج إلى توفير المناخ الإداري والعقاري، إلى غاية سنة 2014 تم الحصول على قطعة أرض بمنطقة استيديا، التي تتميز بموقع بحري عميق ومحمي من الرياح ومناسب لهذا النشاط في الأقفاص العائمة وتربية بلح البحر، تم بناء قاعدة حياة تستقبل 11 مشروعا في هذا النشاط، إلا أن الانطلاقة الحقيقية للمشاريع كانت في 2017.
سكيكدة.. إطلاق مشاريع هامّة في الأقفاص البحرية
يحصي قطاع الصيد البحري وتربية المائيات بسكيكدة العديد من المشاريع في تربية المائيات، بعد فتح المجال للمستثمرين في مجال تربية الأسماك في الأقفاص البحرية عبر الشريط الساحلي للولاية، الذي يعد الأطول عبر المستوى الوطني.
سيتم الانطلاق في تجسيد مشروعين في مجال تربية المائيات في الأقفاص البحرية، حسب مديرية القطاع، خلال السنة الجارية، وتتمثل في مزرعتين لتربية أسماك القاجوج الملكي والقاروص في الأقفاص البحرية، حيث تتكون الأولى من 24 قفصا وبطاقة إنتاج تصل إلى 2200 طن في السنة على مستوى غرب الولاية، حيث ستكون الثانية وطنيا من حيث قدراتها الإنتاجية، والمزرعة السمكية الثانية فسيتم انجازها بالجهة الشرقية للولاية، على مستوى بلدية المرسى، بقدرة إنتاج تقدر ب 450 طن/سنة، مثلما تم توضيحه.
إضافة الى هذين المشروعين الواعدين، أنتجت مزرعة تربية سمك القاجوج الملكي في الأقفاص البحرية بالمرسى، من إنتاج وتسويق فعلي لـ 300 طن من هذا النوع من الأسماك العام الماضي، حيث شهدت هذه المزرعة السمكية، التي دخلت حيز الإنتاج سنة 2023 بطاقة 800 طن / سنة من القاجوج الملكي، استزراع 1,5 مليون وحدة من صغار القاجوج الملكي الموجهة للتسمين.
وذكرت مصالح الصيد البحري بسكيكدة، أنه تم منح عقد الامتياز، في إطار الاستثمار في تربية المائيات، لإنجاز مزرعتين لتربية بلح البحر بالقل بطاقة إنتاج إجمالية تصل الى 80 طن سنويا، بالإضافة إلى الموافقة المبدئية على دراستي جدوى لمشروعين استثماريين آخرين، ويتعلق الامر بمشروع مفرخة لسمك القاجوج الملكي بطاقة إنتاج 60 مليون وحدة في السنة، حيث ستمكنان بعد استلامهما من تغطية الحاجات الوطنية في هذا المجال، فضلا عن مشروع مزرعة لتربية الجمبري البحري مجهزة بمفرخة بطاقة إنتاج 160 طن سنويا.
وتعمل مديرية قطاع الصيد البحري على تحفيز الفلاحين الذين يملكون أحواضا مائية كبيرة، للانضمام إلى ما جاء في اتفاقية التعاون بين وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية ووزارة الفلاحة والتنمية الريفية، فيما يخص تشجيع الفلاحين على استزراع سمك البلطي، مع ضمان مرافقة مصالح الصيد البحري للفلاحين الراغبين في الانضمام إلى العملية، حيث سيستفيد كل فلاح من علاوة تحفيزية قدرها 50 د.ج عن كل واحد كلغ ينتجه من سمك البلطي، أي أنّ أي فلاح ينتج كل عام 20 طنا من هذا النوع من السمك، سيستفيد من 100 مليون سنتيم كل عام، بالإضافة إلى الأرباح الناتجة عن بيع السمك، والمردود الزراعي الناتج عن السقي بماء تربية الأسماك.
وتجدر الإشارة، الى أن قطاع الصيد البجري وتربية المائيات لولاية سكيكدة عرف خلال السنوات القليلة الأخيرة تطورا في الإنتاج، من خلال انتاج 11227 طن من الأسماك السنة الماضية، بنسبة زيادة قدرها 5,45 بالمائة لتحتل المرتبة الثانية وطنيا من حيث الإنتاج الصيدي بعد ولاية تلمسان.