عرفت سوق الأدوية بالجزائر انتعاشا خلال السنوات الأخيرة، بفعل التطوّر الحاصل في شعبة الصناعة الصيدلانية، حيث تسعى السلطات إلى تعزيز الإنتاج المحلي وضبط الواردات الصيدلانية الوطنية من أجل تقليص فاتورة الاستيراد، للحفاظ على احتياطي الصرف، والسعي لتصدير المنتوج الجزائري الذي بات مطلوبا لدى كثير من الدول الإفريقية، نظرا لجودته واحترامه للمعايير الدولية.
أشاد رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، كريم مرغمي، بالتطور الملحوظ في الصناعة الصيدلانية الوطنية، حيث شرعت الجزائر في الإنتاج المحلي لتأمين حاجياتها الصيدلانية الوطنية، ووصلت نسبة التغطية بالمنتوج المحلي أكثر من 70%، وهي نسبة اعتبرها محدثنا “جد مشرفة، مقارنة مع الأرقام المسجلة لدى بعض الدول”.
الجزائر قطب إقليمي هام
قال المختص في مجال الصيدلة، إن صناعة الأدوية بالجزائر أخذت في التنوّع حاليا، مع اكتساب التكنولوجيا والمهارات، وذلك بصناعة أدوية جد معقدة كانت في السابق حكرا على بعض المخابر الأجنبية، ولقد تمكّن الجزائريون من تنويع الأصناف الدوائية المنتجة محليا، منها صناعة الأنسولين، صناعة أدوية السرطان، صناعة مضادات التخثر في الدم، وكل الأصناف الدوائية التي كانت تحتكرها بعض المخابر، وكانت تمثل نسبة كبيرة من رقم الاستيراد.
وأوضح مرغمي أن هذه الأدوية كانت تكبّد الخزينة العمومية نفقات مالية كبيرة؛ إضافة ما تتسبب فيه من “ندرة” تعود إلى التذبذبات في تزويد السوق الوطنية، وعلى هذا ـ يواصل محدثنا – فإن صناعة هذه الأصناف بالجزائر يضمن استقرار ووفرة الأدوية بطريقة منتظمة لهذه الأصناف الدوائية، ونكون ـ بالتالي ـ قد وفّرنا العملة الصعبة للاقتصاد الوطني، وقمنا بنقل التكنولوجيا إلى الكفاءات الجزائرية، وفوق ذلك، نتجه إلى تحقيق السيادة الدوائية، والحق أننا نعيش اليوم واقعا جدّ مشرف وواعد، مع تسجيل نمو ملحوظ يؤهل الجزائر لأن تكون قطبا من أقطاب الصناعة الصيدلانية في إفريقيا وفي حوض المتوسط، في المدى القريب..
نجاح في اقتحام الأسواق الإفريقية
وحول آفاق التعاون بالقارة السمراء، لخلق سوق إفريقية في مجال الصناعة الصيدلانية، أبرز مرغمي أن الوصول إلى تصدير الفائض من الصناعة الصيدلانية، بعد تحقيق الأولويات في تحقيق الوفرة وتغطية كافة الاحتياجات الوطنية، من كل الأدوية التي تعرف طلبا عاليا، وهذا هو هدف الشعبة في قطاع الصناعة، وهو ما يقوم به حاليا بعض المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين الذين اقتحموا بعض الأسواق الإفريقية، وذلك بدءا بالمشاركة في الصالونات الإفريقية لعرض منتجاتهم على غرار مشاركاتهم في كل من السنغال، كوت ديفوار، كينيا وموريتانيا، في انتظار المشاركة بالصالون المنظم نهاية الشهر الجاري في واغادوغو باوغندا، حيث ستشارك الجزائر بوفد رسمي، وبعدد من المتعاملين الاقتصاديين ومهنيي الصحة.
ولفت رئيس نقابة الصيادلة الخواص، إلى أن هذه المشاركات بدأت تؤتي ثمارها، حيث انتعشت عمليه تصدير المواد الصيدلانية خارج الجزائر، وكانت وجهتها إفريقية، وقال: “لاحظنا توجه شحنات إلى موريتانيا، ليبيا، مصر وتونس، كما تدفقت شحنات إلى العمق الإفريقي ووصلت إلى السنغال، كينيا وحتى كوت ديفوار، ما يدل على تطورها ونموها شيئا فشيئا، وهذا يؤكد، مرة أخرى، أن المتعاملين الجزائريين قادرين على خوض المنافسة، خاصة وأن الدواء الجزائري يمتلك نفس المعايير من حيث الجودة والأمان، مقارنه بالأدوية التي تستوردها الدول الإفريقية من دول أوروبية، أمريكية، وآسياوية.
وبعد أن اعتبر مرغمي، أن التطوّر الحاصل في الصناعة الصيدلانية في الجزائر بشرى خير، شدّد على ضرورة مواصلة دعم الشعبة وتحفيزها؛ لأنها لا تزال في حاجة إلى حماية خاصة، على ضوء الهجمات التي تتعرّض لها من حين إلى آخر.
أدوية جزائرية بمعايير دولية
في السياق، أبرز مرغمي أن نقابته قامت بعدة أيام تحسيسية وتوعوية في كل ولايات الوطن للتعريف بالمنتوجات الجزائرية التي تضاهي في جودتها الأدوية التي تسوق في دول أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، لأن طريقة صناعتها تخضع للمعايير الدولية، وهذا ما يجعلها أكثر أمانا، خاصة أن هناك أجهزة رقابة تقوم بفحص ومتابعة كل الأدوية التي تنتج وتسوّق داخل الجزائر.
وبهذا الخصوص، جدّد النقابي تأكيده على ضرورة دعم الصناعة الصيدلانية والصيادلة الخواص الذين قاموا بدور كبير، في التعريف بالدواء الجنيس المصنّع محليا، خاصة في ظلّ العمل باتفاقيه ما يعرف بـ«نظام الشفاء” الذي يشجّع الصيادلة على وصف أدوية جنيسة، وهذا ما ساهم بشكل كبير في تخفيض فاتورة تعويض الأدوية، وحقق توازنات في صناديق الضمان الاجتماعي، وسمح لأكثر من 30 مليون جزائري بأن يحصلوا على أدويتهم في إطار هذا النظام، وهو ما يعزز دور الصيادلة في تشجيع وترقية هذه الصناعة، بحكم مساهمتهم في دعم هذا الخيار الإستراتيجي الوطني.
ودعا مرغمي – بالمناسبة – إلى تعزيز دور كل الفاعلين في المجال الصحي من متعاملين اقتصاديين، مهنيي صحة، وصيادلة، من أجل دعم هذه الصناعة والوقوف إلى جانبها، خاصة ضد حملات التشويه، وضد كل الحملات المغرضة التي تحاول التّشكيك في جودة ونوعية منتوج الدواء الجزائري.