خلال ترؤّسه لاجتماع مجلس الوزراء الأخير، أمر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون خلال، بالتطبيق الصارم للقانون ضد كل أشكال السمسرة الموسمية بالشواطئ مع تكريس الاحترام التام لمبدأ مجانيتها عبر كل السواحل الجزائرية، حسب ما تضمّنه بيان لمجلس الوزراء.
ملف: خالدة بن تركي وحياة كبياش
وبخصوص التحضيرات لموسم الاصطياف 2024، وترتيبات استقبال الجالية الوطنية بالخارج، أمر الرئيس بـ “التطبيق الصارم للقانون ضد كل أشكال السمسرة الموسمية بالشواطئ، وتكريس الاحترام التام لمبدأ مجانيتها عبر كل السواحل الجزائرية”.
وفي سياق ذي صلة، أسدى رئيس الجمهورية تعليماته بـ«تنصيب لجنة وطنية لتسهيل الاستثمار في هياكل سياحية جديدة، خاصة بالمناطق الساحلية التي تعرف نقصا في هذه الهياكل وتتوفر بها الشروط السياحية الطبيعية”، كما أمر أيضا بـ«مراجعة الأسعار لجعلها في متناول العائلات الجزائرية تقوية وتشجيعا للسياحة الداخلية’’.
رئيس المنظّمة الجزائرية للسّياحة ماهر حمور: تعزيز الاستثمار السّياحي للمساهمة في التّنمية الاقتصادية
يعتبر النّهوض بقطاع السياحة في الجزائر من أولويات مخطّط عمل الحكومة، وهذا ما أكّده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزراء الأخير عندما شدّد على ضرورة توفير الهياكل والشروط السياحية الطبيعية، التي من شأنها توفير خدمات ذات نوعية وبأسعار مدروسة.
قال رئيس المنظمة الجزائرية للسياحة ماهر حمور في تصريح لـ “الشعب”، أنّ ما جاء في قرارات مجلس الوزراء دليل على الاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية لقطاع السياحة، الذي يعد من أهم القطاعات التي تعوّل عليها الدولة لبناء اقتصاد متنوع، خاصة في ظل توفر بنية طبيعية وسياحية متنوّعة تحتاج إلى الاستثمار أكثر لجعل السياحة من أقوى القطاعات الاقتصادية، على المستوى المحلي أو العالمي.
وأضاف حمور، هذه قرارات جوهرية ومفصلية في قطاع السياحة، إذ يجب أن ينتقل من تعزيز حظيرته إلى المنافسة التي لا تكون إلا بجودة الخدمات والاستمرارية في تقديمها، هذا بالإضافة إلى مقومات أخرى تتعلق بالعامل البشري المؤهل، الذي يمكن أن يقدم خدمات ذات جودة ونوعية تسمح بالترويج للسياحة الداخلية.
أشاد رئيس المنظمة ما جاء بخصوص تنصيب لجنة وطنية لتسهيل الاستثمار في هياكل سياحية جديدة، مؤكّدا أنّ السياحة في الجزائر تحتاج إلى هكذا قرارت للنهوض بالقطاع، خاصة ما تعلق بإنشاء مرافق إيواء لأجل منافسة الوجهات السياحية المجاورة، إضافة إلى الاستثمارات الكبرى المتعلقة بالأماكن الاثرية التي تشكّل قبلة السواح الأجانب.
وتسأل حمور عن الآليات التي ستعتمد في تنصيب اللجنة خاصة بالاستثمار السياحي، والمعايير التي يتم اعتمادها في ذلك، خاصة وأنّ المنظمة سبق وأن وجهت مراسلة إلى الوزارة الوصية تطالب فيها بتشكيل لجنة قطاعية بين وزارة المالية وزارة السياحة وزارة الداخلية، وبالتعاون مع الشركاء الاجتماعيين من كفاءات وإطارات لآجال وضع رؤى وأفكار حول آليات تطوير القطاع وتعزيز الاستثمار السياحي.
قال المتحدّث إنّ هذه الأفكار تتماشى مع رؤية الفاعلين في السياحة والمتعاملين الذين ينتظرون فتح الاستثمار السياحي، وإطلاقه في إطار رابح – رابح مع الشركاء الأجانب، لا سيما السلاسل الفندقية المعروفة عالميا، التي يمكن أن يتم تزويدها بجملة من الامتيازات لتسهيل العملية الاستثمارية السياحية.
وأشار إلى المزايا والتّحفيزات التي يوفّرها قانون الاستثمار في مجال السياحة لتسهيل إنجاز المشاريع ورفع طاقة الايواء، وتوسيع الهياكل الفندقية بما يسمح بتلبية الطلبات، سواء المحلية أو الأجنبية، داعيا في المقابل بضرورة فتح الرحلات الجوية، وتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة من خلال اعتماد جملة من الامتيازات لتشجيع السياحة.
كما أكّد ماهر حمور في ذات السياق، أنّ فتح الاستثمار في المناطق السياحية قد يحقّق قفزة نوعية في قطاع السياحة، وهذا ما نادت به المنظمة في عديد المرات، باعتباره السبيل الوحيد لتوفير أكبر عدد من المؤسسات الفندقية للمواطن الجزائري، السائح الأجنبي والمحلي، وهو ما يسمح أيضا بجلب عملة صعبة وتحقيق إيرادات عالية تعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني.
أمّا في الشق المتعلق بمراجعة الأسعار وجعلها في متناول العائلات الجزائرية بغية الترويج للسياحة الداخلية، فإنّ المنظمة طالبت بإعادة النظر في سلم تنقيط الخدمات الفندقية، لأنه من غير المعقول أن تكون أسعار فندق ثلاث نجوم نفسها بخمس نجوم، كما نادت بتوفيرخدمات سياحية تغطي الطلب وتساهم في خفض الأسعار، لتمكين السائح الجزائري التعرف على المناطق السياحية ببلاده.
وأشار أيضا إلى بعض الممارسات التي لا تخضع للقوانين، على غرار سعر المسابح في فصل الصيف التي لا تخضع لمعايير، ممّا أدى إلى التهاب أسعارها لتصل إلى 5 آلاف دينار، ما يجعلنا نتساءل عن دور الرقابة في مثل هذه التصرفات التي تمتّ بصلة لقطاع السياحة، خاصة وأنه يسعى دائما إلى الترويج للسياحة الداخلية لا استنزاف جيوب العائلات.
أما بشأن السمسرة بالشواطئ، فإنّ الشاطئ السبيل الوحيد للعائلات للترفيه عن النفس، لكن مع تواجد عصابات الشواطئ أصبح أمرا صعبا، وهذا بالرغم من التعليمات التي تصدر كل موسم صيف، لكن العملية ما تزال بحاجة إلى متابعة لوقف نزيفها.
ودعا رئيس المنظمة الجزائرية للسياحة ماهر حمور، في الختام، إلى تكثيف الجهود للمساهمة في مخطط الترويج للسياحة الداخلية، خاصة وأنّها السبيل الوحيد للتعريف بمختلف الوجهات السياحية التي تزخر بها الجزائر.
الخبير عبد الرحمن هادف: خطط متوسّطة الأمد للنهوض بالقطاع السياحي
يؤكّد الخبير في الاقتصاد الدكتور عبد الرحمن هادف، أنّه يمكن للسّياحة أن توفّر ما بين 5 إلى 10 بالمائة من الناتج الخام المحلي، كما يمكنها أن تحقّق ما بين 8 إلى 12 مليار دولار سنويا، ويكون لها دور كبير في التنوع الاقتصادي، مبرزا أنّ الجزائر منفردة بميزة خاصة، وهي أنّه يمكن التمتع بالفصول الأربعة في نفس الوقت، وهذا ما يمثّل قوة القطاع السياحي.
يتطلّب الاستثمار في القطاع السياحي رؤية واضحة لتحقيق التنمية المطلوبة – كما يعتقد هادف – خاصة وأنّ الجزائر تزخر بالعديد من المقومات السياحية، ولذلك أصبح من الضروري وضع أولويات من أجل تحديد أي نوع السياحة التي نريده، وما هي الإمكانيات التي يجب وضعها في هذا المجال، وكذا رسم خطة الطريق التي يجب اتباعها، على أن يكون تطبيقها بصفة تدريجية، ومن الأفضل ـ حسبه ـ أن تكون خطط متوسطة المدى لرصد التمويلات اللازمة للاستثمارات المخصصة لكل ولاية أو منطقة.
وتبرز أهمية إقامة مشاريع في الجهة الساحلية من الوطن ـ يقول هادف ـ لأن الجزائر اليوم في حاجة الى وضع مخطط فيما يتعلق بتطوير المراكب السياحية او المناطق السياحية، أو ما يسمى بمناطق التوسع السياحي، من خلال إقامة مركبات سياحية التي يمكن أن تلبّي احتياجات المواطنين للنزهة والترفيه، تغنيهم للتوجه خارج البلد.
أضاف هادف في هذا السياق، أن الشريط الساحلي كله قابل لاستقطاب الاستثمارات السياحية التي يمكن أن تحقق منتوجا سياحيا هاما، كما يوجد مناطق جبلية التي يمكن أن تقام فيها سياحة جبلية صحية علاجية، بالإضافة إلى السياحة الصحراوية وذلك من خلال الحظائر التي تزخر بها، والتي تجعلها منفردة بمنتوج سياحي غير موجود في كل الدول، مشيرا إلى أنّ الجزائر تمتلك كل المقومات التي تجعلها جذابة للاستثمار في المجال السياحي.
كما أكّد هادف في تصريحه لـ “الشعب” على أهمية النهوض بالسياحة الداخلية، من خلال استهداف المواطنين المقيمين بداخل البلاد، غير أنّ هناك حاجة ملحة إلى إنجاز مرافق سياحية نوعية، وهنا تأتي ضرورة وضع الظروف والبيئة المشجعة في مجال الاستثمار، وذكر بقانون العقار الاقتصادي الذي صدر مؤخرا، الذي تضمن استحداث وكالة للعقار السياحي تحت وصاية وزارة السياحة والصناعات التقليدية، والتي من ضمن مهامها وضع إستراتيجية ومخططات تنموية لتمكّن من إطلاق المشاريع الاستثمارية في هذا المجال.
أشار الخبير في الاقتصاد إلى أنّ من بين الأهداف الإستراتيجية للحكومة، العمل على استغلال كل المقومات الموجودة في القطاعات الاقتصادية ومن بينها القطاع السياحي، حيث يرى أن الاستثمارات يجب أن تكون حسب خصوصيات ومعايير القطاع، وبالتالي أصبح من الضروري – حسبه – أن تكون هناك جاذبية للمستثمرين المختصين في السياحة، وكذا الوكالات المعروفة الموجودة في هذا المجال، مع إمكانية أن تكون هناك استثمارات أجنبية، وهذا يتطلب توفير الظروف الملائمة والمغرية لجذب هذه الأخيرة.
ويرى هادف أن ترقية وتطوير القطاع السياحي يتطلّب تأهيل اليد العاملة، وهذا يتطلب جهدا أكبر فيما يتعلق بالتكوين خاصة الإطارات المسيّرة في هذا القطاع الواعد، المعوّل عليه لتحقيق مداخيل بالعملة خارج إطار النفط، وذلك بتوجيه الشباب إلى هذا الأخير، وكذا إنشاء مدارس مختصّة في مجال التكوين.
بالنسبة لإشكالية الأسعار، يعتقد هادف أنّها تندرج في إطار الخطة التنموية لتطوير القطاع، لخلق تنافسية على الأسعار نخو الانخفاض، ويمكن ذلك بتوفير خدمات ذات مستوى، وتطرّق كذلك إلى أهمية تقديم خدمات وعروض تتماشى والقدرة الشرائية للمواطن، وكذا خصوصيات المجتمع الجزائري.
بالنسبة للمتحدث، يمكن التحكم في الأسعار إذا ما تمّ خلق ظروف ملائمة ومشجعة لصناعة سياحية، وأن تكون هناك مركبات سياحية بعدد كافي متوزعة حسب الإقليم وبتوازن جهوي، مشيرا إلى أنّه في حالة توفّر ما سبق ذكره بالإضافة إلى العروض الترويجية بأسعار منخفضة، حينها ستصبح السياحة الداخلية في متناول المواطنين.