أعلن وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، تحقيق ثماني اكتشافات “كبيرة” و«مهمّة جدًا” في المحروقات بالجزائر، وفي “مواقع جديدة”، منذ بداية السنة الجارية، بفضل مجهودات ذاتية لسوناطراك.
ملف: فضيلة بودريش
أكد الوزير، الذي حلّ ضيفا على التلفزيون العمومي، الأربعاء المنصرم، أن هذه الاكتشافات “ستعطي “إضافة كبيرة لاحتياطات (الجزائر) من المحروقات وتساهم في رفع انتاج الغاز الطبيعي”، وكشف عن توقيع اتفاق هام بين سوناطراك وعملاق المحروقات “شفرون” في “الأيام القليلة القادمة”، وهو ما سيساعد في “تطوير منجم كبير” وفي الرفع من الإنتاج الوطني للمحروقات، وذلك بعد التوقيع مؤخرا على مذكرة تفاهم بين سوناطراك و«اكسون موبايل” ستتوّج بـ«عقود تطوير قبل نهاية السنة وتعطي إضافة كبيرة جدا لإنتاج الغاز الطبيعي بالجزائر”.
وأكد عرقاب أن الجزائر تملك الإمكانات لرفع إنتاجها من الغاز إلى 200 مليار متر مكعب سنويا “على المدى المتوسط”، مقابل إنتاج حالي بـ137 مليار متر مكعب. وأرجع الوزير هذه الإنجازات الكبيرة إلى تجسيد السياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون فيما يتعلق بتحسين مناخ الاستثمار، مشيدا بالديناميكية التي تعرفها الجزائر في عديد القطاعات.
الجزائـر .. موقـع متقدّم على الخارطـة الطاقوية العالمية
كل شيء أصبح جاهزا من أجل أن تكتسح الجزائر موقعا مهما على خارطة الطاقة العالمية، وتكون من أهم البلدان المتطوّرة اقتصاديا وتكنولوجيا، فالفعالية في الأداء، ونجاح في استغلال الثروات الباطنية الهائلة بفضل كفاءة إطاراتها، وعن طريق بناء شراكات مثمرة مع رواد الاستثمار والإنتاج في قطاع الطاقة..
تفعيل الاستكشاف من شأنه أن يرفع من مكانة أكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة إلى احتلال مواقع متقدّمة في قائمة كبار المنتجين للطاقة، في ضوء مؤهّلاتها وثرواتها وتجربتها الرائدة والطويلة ممثلة في مجمع سونطراك العملاق القاري.
السياسة الحكيمة لرئيس الجمهورية وتوجيهاته الدقيقة، تقدّمت الجزائر بخطوات جديدة، ووضعت يدها على المزيد من ثرواتها الباطنية لتعزّز مكانتها في سلاسل الإمداد عبر الأسواق الخارجية، باعتبارها أحد أهم المنتجين بالقارة، وموردا كبيرا موثوقا بالنسبة للعديد من الدول الأوروبية، وفي وقت يزداد الطلب على الغاز باعتباره الطاقة الأنظف في سلّة الطاقات التقليدية.
جميع المؤشرات تؤكد بأن الجزائر قادمة في ضوء خبرتها الطويلة وثرواتها العديدة، لتحتل موقعا متقدّما في الخارطة الطاقوية العالمية بعد الرفع من طاقاتها الإنتاجية للمحروقات والغاز، وتمثل الـ8 استكشافات جديدة المحقّقة من طرف سونطراك في ظرف قياسي لا يتعدى بضعة أشهر، مؤشر قوّي على أن سونطراك في الرواق الصّحيح، وكل الأموال المرصودة للاستثمار ستعكس الإمكانات الحقيقية للمجمع العريق والأكبر في القارة السمراء من خلال تحقيق المزيد من النمو والاستكشاف والتواجد في قلب الأسواق الخارجية.
وحرص مجمع سونطراك على التنويع في خوض رهان الرفع من الاحتياطات الوطنية من الطاقة على اختلاف أنواعها، ونجح بفضل قانون المحروقات في استقطاب العملاقين الأمريكيين إكسون موبيل وشيفرون، المنجذبين بفضل ما تتمتع به الجزائر من مزايا تشريعية وأخرى باطنية، ولأن الجزائر في هذا الوقت بالتحديد تتطلع لاستغلال احتياطياتها الضخمة من الغاز بشكل مستدام ومسؤول.
وتمثل الشراكات بوابة حقيقية وإطارا متينا، يمكن أن تدفع بالموارد الوطنية نحو الاستغلال والتموين للأسواق الخارجية، على اعتبار أن هذه الشركات الرائدة سواء في أمريكا أو أوروبا بيدها تقنيات تكنولوجيا متطوّرة وخبرة طويلة وعالية من شأنها أن تعزّز جهود واستكشافات سونطراك الناجعة والناجحة، لأن الطاقة صارت المورد والثروة المهمة لتطوير قطاعات أخرى بدورها تملك الإمكانيات للاستغلال والتسويق نحو أسواق خارجية بعد تلبية الطلب الوطني.
الجزائر ممثلة في مجمع سونطراك بخبرته ونجاعة رؤيته، لا تكتفي باستغلال أمثل وأعمق للموارد الوطنية الباطنية من غاز ونفط، بل خططت بشكل مبكّر لتكون في طليعة الانتقال الطاقوي، بالنظر إلى احتياطاتها الهائلة، وبدأت في إطلاق مشاريع إنتاج الهدروجين الأخضر مستغلة موارد الثروات الأحفورية لتحقّق الانتقال السلس والمنشود للطاقة والوقود الأنظف، لأنها تنوي استثمار ما لا يقل عن 20 إلى 25 مليار دولار لتجسيد مشاريع هامة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهذا بدوره سيضاعف من حجم ضخّها للثروة نحو الأسواق العالمية
إن ما تحققه سونطراك خلال سنوات قليلة، سيقودها نحو تحقيق التحوّل الطاقوي بشكل مثير للإعجاب، لأن الجزائر أعلنت عن ثورتها الاقتصادية وثورتها الطاقوية كذلك، وينتظر أن تكون الطاقة مع تنمية جميع القطاعات الأخرى من فلاحة وصناعة وسياحة والتكنولوجيات الحديثة بفضل طاقة الشباب وابتكاراتهم وعزيمة جميع الجزائريين، ولاشك في أن الثروات الطاقوية والباطنية والطبيعية سترسم مستقبلا مزدهرا للجزائر.
الخبـير مصطفى مقيدش: الاستراتيجيـة الجزائريــة.. واقعيـة وعقلانيـة
اعتبر الخبير الاقتصادي المهتم بشؤون الطاقة مصطفى مقيدش، أن الجزائر تنتهج مقاربة إستراتيجية مزدوجة، تتسم بالواقعية والعقلانية، مؤكدا أنها ستستمر بثقة في عملية تطوير استغلال ثرواتها الباطنية وتعميق الاستثمارات، موضحا أنها مرشحة أن تقفز إلى موقع تجاري مهم في تموين العديد من الدول الأوروبية، وقال إنها مستقبلا، يرتقب أن تقفز إلى تصدير الهيدروجين الأخضر وكهرباء عبر الكابل المستقبلي نحو إيطاليا، إذا توفرت بعض العوامل. على اعتبار أن عملية التطوير تخضع إلى عائد الاستثمار والربحية.
في تصريح عن أهمية الاستكشافات الجديدة التي حققتها سوناطراك بوسائل ذاتية خالصة، أكد الخبير مصطفى مقيدش أنها إحدى النتائج الأولى لاستثمارات المجمع الجزائري، بعد أن انخرط في مسار البحث والتنقيب في مجال مناجم وحقول المحروقات.
وقال مقيدش إن الاستكشافات المعتبرة الجديدة، خبر جيّد ومشجّع، فهو يتعلّق بمواقع جديدة. وأشار إلى أنه بالنظر إلى حجم احتياطيات المحروقات غير التقليدية، فمن المؤكد أن الجزائر تحتل المركز الثالث. وأضاف أن “الرقم المعلن والمتمثل في 137 مليار م3 ربما يتضمن كميات الغاز المعاد حقنها للحفاظ على معدل تدفق تشغيلي مناسب للحقول المنتجة للغاز بهدف الحفاظ على معدل تدفق مرتفع لأطول فترة ممكنة”.
وسلط الخبير مقيدش الضوء على الحركية الطاقوية وأداء سونطراك وكذا المستقبل القادم لهذه الثروة الثمينة في البلاد، وقال إن الجزائر انخرطت في مقاربة إستراتيجية مزدوجة تتسم بالواقعية والعقلانية في هذا القطاع الاستراتيجي، وهي تحرص، في كل ذلك، على الاستمرار في تطوير الاحتياطات الوطنية من الغاز، والتي ستبقى ضمن سلة مزيج الطاقة إلى غاية آفاق عام 2050، أو إلى فترة أطول وأبعد من ذلك. غير أن الأمر – بحسب تقدير مقيدش – سيتعلق كذلك بتطوير برنامج للطاقة المتجدّدة من خلال الاستثمارات المستدامة، خاصة الطاقة الكهربائية الشمسية؛ لأن الجزائر تمتلك أيضا الصحراء الكبرى أحد أضخم وأكبر احتياطيات الطاقة الشمسية في العالم.
وأثنى الخبير على قدرة الجزائر في استقطاب أكبر الشركات الرائدة في أسواق الطاقة العالمية، معترفا أنه لا يوجد عدد كبير جدا من البلدان القادرة على اجتذاب أكبر شركات النفط والغاز في العالم، على غرار الشركتين العالميتين الكبيرتين اكسون موبيل وشيفرون، ويعتقد أن هذا يعكس الثقة التي تحظى بها سوناطراك في الخارج، ويؤكد المصداقية التي تتمتع بها الجزائر، يضاف إلى ذلك تمتع الجزائر بثروة كبيرة تعكسها الكميات الضخمة المتوفرة من الموارد الطاقوية، هذا ما يضاعف من جاذبية السوق الجزائرية للاستثمار في الطاقة، دون نسيان إضافة القانون الجديد للمحروقات الذي جاء بأكثر مرونة وذا جاذبية معتبرة.
وتوقّع الخبير مقيدش أن بلوغ الإنتاج سقف 200 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، يسمح بتعزيز الموقع التجاري لمجمع سوناطراك في أوروبا، لأنه يعمل على توسيع الصادرات إلى بلدان جديدة في أوروبا مثل سلوفينيا وكرواتيا والمجر، وكذا نحو بلدان قارة آسيا، أما من الناحية النوعية، أفاد الخبير أن الجزائر قادرة على تصدير الطاقة في شكل هيدروجين أخضر وكهرباء عبر الكابل المستقبلي إلى إيطاليا. وأضاف أن رفع الإنتاج يصّب كذلك في تغطية الاحتياجات الوطنية المقدّرة بـ 80 مليار م 3 من الغاز الطبيعي في قطاعات الصناعة والنقل والسكن للأسر لدعم نمو وطني أقوى.
الخبير مراد كواشي: الجزائر .. أداء احترافي وسُمعة مـن ذهب
أكد البروفسور مراد كواشي أن الجزائر البلد الطاقوي الغني والرائد في تموين دول القارة الأوروبية، ويثبت – في كل مرّة – أنه يسير نحو تعزيز احتياطاته، ويؤكد بأنه صمام أمان في سلاسل التوريد الآمنة من الطاقة في سوق الطاقة العالمية، وتموين سلس لجيرانه في القارة الأوروبية، ولم يخف أن توجيهات رئيس الجمهورية كانت الفاصلة ومثلت دعما كبيرا لتبني توجه توسيع وتثمين الاحتياطي للرفع من الإنتاج الوطني للغاز والنفط.
في خضم التطوّر الباهر المحقّق على صعيد توسيع الاحتياطي والإنتاج الطاقوي الجزائري، يعتقد البروفسور مراد كواشي الخبير الاقتصادي والمهتم بشؤون الطاقة، أن اكتشافات المحروقات الثمانية الأخيرة المهمة والمحققة في مواقع جديدة منذ بداية السنة الجارية، يعد تتويجا للإستراتجية الجزائرية الجديدة الهادفة إلى تطوير قطاع الطاقة، مشيرا إلى أن مجمع سوناطراك، رصد ميزانية ضخمة تناهز 50 مليار دولار للفترة الممتدة من 2024 إلى غاية 2028، من أجل زيادة عمليات الاستكشاف والبحث والتنقيب، إلى جانب الرفع من سقف إنتاج النفط والغاز.
الإستراتجية الجزائرية كلّلت بتحقيق اكتشافات طاقوية مهمة في مناطق غير تقليدية، يقول الخبير كواشي، وهي اكتشافات تأتي كاستمرارية لمختلف ما تم تحقيقه خلال السنوات الماضية، ففي السنة الفارطة – يواصل كواشي – تم تحقيق 15 اكتشافا طاقويا جديدا، علما أن الجزائر احتلت خلال السنتين الماضيتين المرتبة الأولى عالميا في الاكتشافات الطاقوية، وهذه المكاسب ستزيد من أهمية ومكانة الجزائر الطاقوية من جهة، وتمنح للجزائر ثقة أكبر خاصة لدى زبائنها الأوروبيين ومن جهة أخرى، على اعتبار أن الجزائر شريك موثوق ومورد آمن لمختلف زبائنها الأوروبيين على وجه الخصوص.
وحول الدور المعوّل أن تلعبه شركة سونطراك، نظير سمعة عالمية افتكتها بأدائها الاحترافي على صعيد الاستكشاف وتعميق الاستثمارات، قال كواشي إن العملاق الطاقوي الجزائري سونطراك، أضحى الشركة الأولى في إفريقيا، إلى جانب ذلك، يحتل اليوم المرتبة 12 عالميا ضمن كبريات شركات الطاقة في العالم، وفي كل ذلك افتك سمعة جيدة وصار يبحث عن أسواق جديدة.
ومن بين ما يتحقق على صعيد تنويع وتوسيع قائمة الزبائن، ذكر الخبير كواشي أنه منذ يومين تم عقد اتفاقية مع شركة سلوفينية بهدف زيادة كميات الغاز الطبيعي المورد إلى هذه الدولة الأوروبية، وهذا من خلال استخدام أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وإيطاليا، بالإضافة إلى اتفاقين آخرين من أجل توريد الغاز لكل من دولتي كرواتيا والمجر. وبالموازاة مع ذلك، أوضح كواشي، أن العملاق الجزائري يتجه إلى الشرق، ويسعى من خلال هذا التوجه إلى تنويع محفظة زبائنه وشركائه، في وقت يكتسي هذا التنويع أهمية قصوى من الناحية الإستراتجية، على اعتبار أنه سيزيد من القوة التفاوضية لعملاق الطاقة الجزائري، وهذا ما يؤكد حقيقة راسخة تتمثل في أن سوناطراك صارت من أكبر وأهم شركات الطاقة في العالم، ولديها سمعة عالية، إضافة إلى أنها ترتبط بشراكات مهمة مع شركات عملاقة إيطالية وأمريكية وفرنسية وبريطانية، كما يتوقع أن يكون لسوناطراك دور كبير سواء على المستوى الخارجي أو في الاقتصاد الوطني، باعتبارها شركة مواطنة تشكل العمود الفقري للاقتصاد الجزائري.
كل الخطط والتفاصيل سطرت ودرست وضبطت، وهذا ما يعكس ثبات المستقبل الواعد والمزدهر لإنتاج الغاز في الجزائر، علما أن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، كان قد طالب سوناطراك بزيادة إنتاجها إلى حوالي 200 مليار متر مكعب سنويا، بهدف تغطية الطلب المحلي والخارجي، وفي وقت سابق، طالبها بتصدير 100مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي على الأقل، وسجّل أن الجزائر تحتل حاليا، المرتبة الثانية كأكبر مورد للاتحاد الأوروبي من الغاز عبر الأنابيب، وهذا بعد النرويج، بينما في شهر فيفري الماضي صارت أكبر مصدر للغاز المسال في إفريقيا، ويعتقد كواشي أن جميع الأرقام المسجلة صارت في صالح الجزائر، لأنها أصبحت تعتمد على مقاربتين في تصدير الغاز، وبالإضافة إلى المقاربة والطريقة القديمة بتوريد الغاز عبر الأنابيب، فقد طوّرت الجزائر عملية تصديره كثيرا.
وبفضل ما باتت تحققه سونطراك من اكتشافات ضخمة بإمكاناتها الخاصة، فإن هذا يؤكد مدى انفتاحها على التكنولوجيا المتطوّرة ويعكس احترافية إطاراتها، ومن الطبيعي، أن تبحث الجزائر عن أسواق جديدة بالإضافة إلى الأسواق التقليدية المتمثلة في دول غرب أوروبا، وتتجه نحو زبائن من دول أوروبا الشرقية، من خلال إبرام عقود تربطها مع كل من كرواتيا وسلوفينيا والمجر، وهذا بهدف تنويع زبائنها في قطاع الغاز، ويدّل ذلك على أن الجزائر يوما بعد يوم تثبت بأنها ورقة طاقوية هامة بمنطقة البحر المتوسط.